علي سعد لـ«البناء»: وجدتُني ممثّلاً من الطفولة… والصدفة خدمتني
حاورته: عبير حمدان
يتّسم الممثل علي سعد بالدبلوماسية والهدوء، إذ من الصعب على محاوره أن يستفزّه. رأى نفسه ضمن إطار مصوّر منذ الطفولة، فكان المنزل مسرحه الأول، ثم معهد الفنون في الجامعة اللبنانية، ليحمل أولى أوراقه الدرامية مع المخرج نجدت أنزور في «أوراق الزمن المرّ» ويعبر إلى «رماد وملح» المشهدية الدرامية التي كتبها جوزف حرب وأخرجها هيثم حقي. ثم كرّس حضوره من خلال «زمن الأوغاد»، لتكرّ سُبحة النجومية وصولاً إلى الوجه المقاوم لدى رجل الدين من خلال شخصية السيد حسين شرف الدين في «قيامة البنادق». أما في الأيام المقبلة، فيلتقي جمهور الدراما اللبنانية علي سعد في عملين على شاشة «المنار» في الموسم الرمضانيّ المقبل، الأول «درب الياسمين»، والثاني «عين الجوزة».
يلقي سعد باللوم على رأس المال المتحكم بالواقع الفنّي، والقادر على توزيع شهادات في النجومية لمن يشاء. كما أنه يرى السياسة غير منفصلة عن الدراما، وهناك سعي واضح وحثيث من أعداء الوطن لتشويه المجتمعات الشرقية واستحضار كل ما هو سيئ في الغرب، ليتم إسقاطه على قصص خيالية وفارغة من أيّ مضمون، بحيث تصبح الخيانة وجهة نظر بكافة مفاهيمها.
ينصف سعد الدراما السورية، ويرى أنها بألف خير لما تختزنه من قصص تقارب الواقع، ونقد في مكانه الصحيح. ولا يخشى اللوم حين يؤكد أنه لم يتابع أي عمل مصري منذ 25 سنة، لأن هذه الدراما لم تقنعه بطروحاتها.
عن البداية والمسار وما ننتظره في الأيام المقبلة، تحدث سعد لـ«البناء»، فكان الحوار مشبعاً بالمواقف والذكريات الجميلة.
ننطلق من المشهد الأول ليخبرنا سعد عن البدايات، مستذكراً الطفولة وأولى خطواته الدراسية فيقول: اخترت مهنة التمثيل منذ الصغر. في طفولتي كنت أتابع المسلسلات الدرامية، وحين أرى طفلاً مشاركاً كنت أقول لنفسي: لماذا لا أكون أنا مكانه. في المنزل اعتدت أن أبتكر الأدوار إلى حدّ بعيد، ما دفع بشقيقتي لاحقاً لأن تذهب بنفسها لتتقدّم لي بطلب الدخول إلى معهد الفنون، وذلك عام 1989. وأذكر أنني كنت ضمن العشرة الأوائل وفي المرتبة الثانية تحديداً.
لكن الفضاء الدرامي في تلك المرحلة لم يكن رحباً، وكانت المحسوبيات تتحكم بالواقع الدرامي والإعلامي، فكيف تمكّن سعد من تخطّي الصعوبات، يجيب: أعترف أن الصدفة خدمتني، ففي عام 1992 لم نتمكن من إجراء الامتحان الأخير في معهد الفنون، ولظروف تقنية اضطررنا أن نجري الامتحان في المركز الثقافي الفرنسي، وكانت برناديت حديّب ضمن دفعتي، وقد دعت في حينه مروان نجار ليشاهد العرض، وأبدى إعجابه بما قدّمناه وما نملكه من مواهب. وهكذا، حصل التواصل معه. مع الإشارة إلى أنني كنت بعيداً عن التلفزيون، وكان تركيزي كلّه على الأعمال المسرحية، وشاركت في عددٍ من المهرجانات في مصر وتونس وفرنسا خلال فترة الدراسة، والعمل الدراميّ الأول الذي شاركت فيه كان «أوراق الزمن المرّ» لنجدت أنزور، ولاحقاً «رماد وملح» من توقيع المخرج هيثم حقّي، ومن هنا كانت الانطلاقة، إلى أن برز اسمي أكثر في مسلسل «زمن الأوغاد»، حيث جسدت شخصية القائد الأمني والعسكري في ميليشيا سعد حداد، وهي شخصية شريرة جداً.
زمن الأوغاد
ونسأله من هم الأوغاد، ولماذا لا تُسمّى الأمور بمسميّاتها؟ فيجيب: الجميع يعرفون أولئك الأوغاد. في تلك المرحلة كانت السيطرة للعملاء، والتسمية تتصل بالرؤية الدرامية للواقع في حينه. وأجزم أن الناس أحبوا العمل لأنه نقل صورة حقيقية عن حجم المعاناة بسبب الاحتلال وما يفرزه من عملاء لا يمكن وصفهم إلا بالأوغاد. وحتى هذا اليوم يسألوننا عن جزئه الثاني الذي لم يُنجَز للأسف، وذلك لأنه يتناول سيرة المقاومة الإسلامية ومن الصعب تسويقه في العالم العربي.
تلفتنا هذه المقاربة المتصلة بصعوبة تسويق عمل يتحدث عن المقاومة في العالم العربي، خصوصاً أن هناك إنتاجات درامية ضخمة في هذا الإطار حصدت نجاحات ونِسباً كبيرة من المشاهدات، وتُعرَض، ليفسّر لنا سعد: الجهة التي أنتجت «زمن الأوغاد» لم تنفّذ الجزء الثاني منه لأن تسويقه ليس بالأمر السهل عليها، إذ إنّ القنوات العربية لن تشتري عملاً يتحدث عن سيرة المقاومة الإسلامية في لبنان وتعرضه على شاشاتها. وإذا كنت تشيرين إلى الأعمال الأخيرة التي تناولت المقاومة وبيئتها مثل «الغالبون» و«قيامة البنادق» و«ملح التراب»، فهذه أعمال أنتجتها جهة لها حضورها الإعلامي ولديها جمهور عريض، وقادرة على المنافسة وفرض طروحاتها.
إذاً، السياسة تتحكم حتى بالفنّ وكذلك رأس المال، يجيب سعد: رأس المال يتحكم بالفن كما يتحكم بعدد من القطاعات. وتأتي السياسة لتحدد الخريطة الملائمة لمصلحة من يملك المال. والدراما ليست بمنأى عن هذا الواقع. من هنا، حين نتحدث عن عمل دراميّ مرتبط بالمقاومة، لا يمكننا فصله عن السياسة. تصوّري أن قناة تلفزيونية ما، ترفض عملاً درامياً إذا تناول طائفة معينة. وهناك قنوات ترفض بكل بساطة عرضاً درامياً عن المقاومة لأنها تختلف مع صانعيها بالرأي والموقف، وأحيانا في النهج. ومقولة التعايش ما هي إلا بدعة.
ابن الجنوب
أما كيف يرى سعد تفاعل أقرانه من الممثلين مع دراما المقاومة، خصوصاً أؤلئك الذين تعرّفوا إلى المقاومة وبيئتها من خلال الأعمال الدرامية، فيقول: هناك زملاء تعرّفوا إلى المقاومة وبيئتها من خلال مشاركتهم في الأعمال التي أضاءت على هذا الجزء من الوطن. ومنهم من كان يعرف المقاومة لكنه لم يتعايش معها ويحتكّ بها بشكل مباشر. وبالتالي، أزالت هذه الأعمال الحاجز النفسي بينهم وبين أبناء وطنهم الواحد. كَوني ابن الجنوب، كنت أسعى إلى تقريب المسافة بين بيئتي الجنوبية وبين أصدقائي من الفنانين الذين لا يعرفونها حق المعرفة، وأساعدهم حتى في تعلم اللهجة وتفاصيل الحياة اليومية. سأعطيك مثالاً على ذلك: أدّيت في مسلسل «قيامة البنادق» شخصية السيد حسين شرف الدين، ثم ذهبت إلى إيران لألعب دور الإمام الرضا في مسلسل «باب المراد»، وكوني ولدت ضمن الطائفة الشيعية، وبيئتي ليست بعيدة عن هذه الأجواء، لم أجد صعوبة في أداء الشخصيتين، وهذا بديهي تماماً حين يؤدّي زميل مسيحيّ شخصية مار شربل على سبيل المثال لا الحصر، سيكون مقنعاً أكثر لأنه يعلم مكامن الشخصية بشكل أفضل.
ويضيف في الإطار نفسه: هذه الأعمال تكمن أهميتها في تكريس الروابط الاجتماعية بين أبناء الوطن الواحد. من جهتي، أشارك في أيّ عمل دراميّ لبناني جيد ولا أعترف بخطوط تماس افتراضية. أنا أعرف كل لبنان من جنوبه إلى شماله وشرقه وغربه، وسعيد لأنني نشأت في منزل لا مشاكل له مع أحد. والدتي كانت تردّد على مسامعنا منذ الصغر: كل مين على دينه الله بيعينه. وكبرنا على هذه القيم. الجميع أخوتي في الإنسانية وأسلوب التعامل. أما في ما يتصل بكيفية صلاتهم وعبادتهم ربهم، فهذا شأنهم الخاص.
بين المقاوم والعميل
يرى سعد أن أداء دور العميل ليس بالأمر السهل، وحين يقف بين نقيضين يقول: من الصعب أداء دور غريب عنّا. لم أعش مع عملاء ولا أعرف التفاصيل المحيطة بمكامن شخصيات من هذا النوع. لذلك أعتبر أن إيصال الصورة الحقيقية بما فيها من حقارة وسوء إلى المتلقّي، يتطلب الكثير من الجهد والمسؤولية كي تُعمّم الرسالة المقصودة من الطرح بأمانة. بينما لعب دور المقاوم ـ ولو تطلّب جهداً معيّناً ـ إلا أنه أكثر سلاسة بالنسبة إليّ، كونه يتلاقى مع رؤيتي الإنسانية. في النهاية، أيّ شخصية يؤدّيها الممثل ـ شرّيرة كانت أم خيّرة ـ تحتّم عليه تقديمها بصدق ومسؤولية.
ويشير سعد إلى أنه يحترم الجميع ولا مشاكل لديه مع أحد، وإذا ما حصل أي سوء تفاهم، فإنه يواجه ولا يلتفّ حول الموضوع مهما كان حجمه.
المقاومة باقية
ونعود إلى الدراما وكيفية حصر القصص المقاوِمة ضمن فئة محددة، فيقول: التاريخ يقول أنها كانت على هذا النحو، منذ 1982 حتى الآن هي مرتبطة ببيئة وفئة محددة، كما كانت شاملة وعرفناها كجبهة المقاومة الوطنية وضمّت مختلف الأحزاب الطوائف ضمن فترة معيّنة، ولكن من ينتج الأعمال الدرامية المقاوِمة اليوم لا ينفي ارتباطه بالمقاومة كما نعرفها اليوم. ورسالتي هنا للقرّاء والجمهور، أنّ الفعل المقاوم ضد العدوان والمحتل قد يتّخذ أشكالاً عدّة ومسميات كثيرة، وقد يشارك فيه كثيرون، والشعوب التي تريد أن ترى أوطانها منتصرة دائمة يجب عليها الالتفاف حول المقاومة، مهما كان شكلها، وتحت أيّ عنوان ترد.
ويقول سعد: ثمة سعي للخروج من نمطية المشهدية السابقة، وسترون في مسلسل «درب الياسمين» طرحاً درامياً مختلفاً، ولن يتضمن العمل إلا عملية عسكرية وحيدة وهي عملية «انصارية». وما تبقى عبارة عن خطوط درامية واجتماعية. كما أننا سنقدّم في «عين الجوزة» صورة أقدم للمقاومة في زمن الاستعمار الفرنسي، مع الإشارة إلى أنه ليس تكراراً لمسلسل «قيامة البنادق»، حتّى لو كان عملاً يتحدّث عن شخصيات حقيقية في تاريخنا المعاصر.
وتبقى العدسة ثابته في الزاوية نفسها بعدما اتّسعت حدقة العين في مسلسل «قيامة البنادق» بعض الشيء، عن ذلك يقول سعد: بالفعل، مسلسل «قيامة البنادق» تحدّث عن المقاومة على امتداد الوطن وحتى قرينتها التي كانت في سورية في تلك الحقبة، لكن «عين الجوزة» يتحدث عن قرية بحدّ ذاتها، وكيف عاش أهلوها تلك الحقبة، وقد أراد المنتج الإضاءة من خلال العمل على شخصيات يعرفها، خصوصاً أنّ الكاتب يروي سيرة جدّه.
الجرأة والخيال
إلى أيّ مدى نملك الجرأة في الإشارة إلى أخطائنا الفعلية ولو برؤية درامية خاصة، حين يرتبط الأمر بحروبنا الأهلية الصغيرة والكبيرة؟ يقول سعد: بالفعل، نحن لا نسمي الأمور بمسمّياتها، على رغم أن هناك قصصاً كثيرة يمكن الاستفادة منها لتشكيل مخزون درامي جيد. لكن المنتج يتحكم بهذه التفاصيل وصرنا في زمن يتطلب من الأطراف التي تصارعت أمس، عدم إظهار صراعها إلى العلن ولو درامياً. اليوم لا يمكن لأيّ طرف إلقاء اللوم على الآخر، فقد اختلطت الأوراق بشكل كبير.
وحول القصص التي تطرحها الدراما اللبنانية بعيداً عن واقعنا الاجتماعي، وحول الانتاجات المشتركة يقول: هناك جزء من الدراما اللبنانية يمكن وصفه بالخياليّ والبعيد عن الواقع، ولكنّ هذه الأعمال تحصد نسبة مشاهدة مرتفعة، خصوصاً في العالم العربي، كما أن الأعمال المشتركة حضورها قويّ، والسبب بكل بساطة أن المتلقي في العالم العربي يفرح حين يرى النجوم مجتمعين في عمل واحد. وهذا الخليط السوري ـ اللبناني ـ المصري يجذب المشاهد ليتابع أيّ عمل مهما كانت القصة سطحية وخيالية، ولو تناولت الخيانة الزوجية كقصة رئيسية. من جهتي لست راضياً عن أعمال من هذا النوع لأنها لا تشبه مجتمعي ولا تشبهني. العمل جارٍ منذ زمن على تشويه المجتمعات الشرقية وإلباسها ثوباً غربياً لا يناسبها، وللأسف من يملك رأس المال يأخذ ما هو سيئ في الغرب ويعمل على إسقاطه في سياق دراميّ يؤثر سلباً على المجتمع. لدينا مخزون مهمّ وعظيم من القصص التي تُغني الدراما، ولكن في مكان ما، المطلوب أن تخرج الدراما إلى الناس كما هي اليوم وهي سياسة تتبعها معظم القنوات اليوم بهدف تسويقيّ لا يمكن فصله حتى عن السياسة.
وعن مدى مساهمة الدراما التركية في تكريس السطحية يقول سعد: الدراما التركية أثرت بشكل كبير على الواقع التسويقي للأعمال الدرامية كافة، وقبلها المكسيكية التي استمرت على مدى أكثر من عشر سنوات. وعلينا الانتباه إلى أن ما يأتينا من أعمال تركية لا ينقل صورة المجتمع التركي الواقعية، هذا المجتمع المشتّت أساساً بين نقيضين. ما نراه ليس إلّا الصورة التي يقدّمها صانعو الدراما هناك للغرب بهدف سياحيّ ربما، أو قد يكون الهدف سياسياً. وللأسف، هذه الظاهرة قادرة على الاستمرار وبقوة، طالما أن المنتج يحقق الربح والملايين. على امتداد العالم العربي يتابعون هذه الأعمال، المنتج تاجر في النهاية بدءاً بالمكسيكي مروراً بالفنزويلي وصولاً إلى التركي وهناك الهندي أيضاً، أرشديني إلى منتج يكون في الأصل فناناً أو ممثلاً، جميعهم تجار وهدفهم زيادة الأرباح.
هل هذا الواقع يبرّر دخول أيّ أحد إلى عالم التمثيل ولو كان لا يملك الموهبة والدراسة؟ يردّ سعد: بالطبع يمكن لأي منتج استحضار من يشاء من دون البحث عن خلفيته الأكاديمية، وحتى لو لم يملك الموهبة. وذلك لأنه لا وجود لنقابة قادرة على حماية الممثل الأكاديمي والموهوب. من جهتي ـ في مكان ما ـ لا أعير كثيرين من هؤلاء أي أهمية، ولو رآهم الناس نجوماً. قد أحترمهم على صعيد إنسانيّ، إنما في الإطار التمثيلي، فلا لا أعيرهم أدنى اهتمام.
ويضيف في إطار متصل: المنتج قادر على إيصال من يريد إلى النجومية، وفي المقابل يمكنه وضع من يشاء في أسفل الدرك. وللأسف، فإن جزءاً لا يُستهان به من الذين يدّعون أنهم نقّاد، تُشرى ذممه وبكل سهولة. وحين تغيب الأقلام الموضوعية، تتحكم الضبابية بالمشهدية الدرامية. الواقعان الإعلامي والدرامي يرتبطان على قاعدة المحسوبيات والعلاقات الشخصية، ومن لا صداقات لديه في هذا الإطار، لا يجد مساحة يطلّ من خلالها على الناس. هناك ممثلون بارعون بشكل كبير، إنما يُغيَّبون إعلامياً، وبالتالي لا يعرفهم الجمهور. فيما تضج وسائل الإعلام بوجوه تمثيلية تملك كل شيء إلا الموهبة الحقيقية. المخرج عمار رضوان قال لي خلال تصوير «قيامة البنادق» أنه فوجئ بنجوم لا يتقنون التمثيل، وفي المقابل رأى وجوهاً شابة غير معروفة، إلا أنها مبدعة في المجال التمثيلي. من المؤسف أننا حتى اليوم نبحث عن الشاب «الجغل» والوسيم ليكون البطل، ويجب أن تكون البطلة خارقة الجمال، وما عدا ذلك لا يعنينا. هناك افتقار لمفهوم الثقافة الفنية كما يفترض أن تكون.
الدراما السورية بخير
يؤكد سعد أن الدراما السورية لم تزل بألف خير فيقول: لا أخشى على الدراما السورية، وهي بألف خير على رغم ما تمرّ به من أزمات بسبب الواقع القائم. في أمكنة كثيرة تمكّن السوريون من نقل الصورة الواقعية عمّا يعيشونه اليوم. على رغم ميلهم بعض الشيء إلى الانفتاح بشكل غير مدروس وشبيه بما نقدّمه في مسلسلاتنا السياحية. إلا أن الفارق بيننا وبينهم حجم الانتاجات. فهم لديهم كمّ ضخم من الإنتاج الدرامي ويمكن أن يستوعب مختلف الطروحات سواء كانت خفيفة أو عميقة. كما أن الدراما السورية اتّسمت بالجرأة في مقاربة القضايا الاجتماعية والفساد قبل الأزمة القائمة في سورية، ومساحة النقد في إطار كوميدي كانت ولم تزل واسعة، وقد شاهدناها في «بقعة ضوء»، و«مرايا» لياسر العظمة.
وعن البيئة الشامية يقول سعد: أنا مقصّر في ما يتصل بالمتابعة التلفزيونية لمعظم الأعمال الدرامية. ولكن ما أعرفه أن ممثلين سوريين كثيرين، غير راضين عن مسلسل «باب الحارة» كونه يقدّم طرحاً لا يشبه البيئة الشامية لا من قريب ولا من بعيد. إنما هو منتج تسويقي يعمل على تهشيم هذه البيئة بما تملكه من مخزون تاريخي وحضاري. ربما علينا البحث عن المنتج لندرك الهدف من ذلك كله.
ويقرّ سعد بأن المسلسل المصري الأخير الذي شاهده كان منذ 25 سنة، لأنه بكل بساطة لم يقتنع بالطرح الدرامي المصري الذي يعتمد على نظرية البطولة المطلقة. ويحترم من يعتبر أن مصر هي «هوليوود الشرق»، ومن نجح من النجوم اللبنانيين هناك.
أما الشهرة فهي الأمر الأخير الذي يفكر به سعد بحسب تعبيره. وعن القيود التي تفرضها الضوابط الدينية لدى بعض المنتجين يقول: عندي مقولة ذكرتها في أكثر من لقاء، وهي أنني أقدّم للناس ما تقبل أمي مشاهدته. لذلك لا أقبل الخروج من هذا الإطار إلا بما يخدم الرؤية الدرامية بواقعيتها بعيداً عن الرموز. لكننا اليوم نشهد بعض الانفتاح الذي لن يبلغ طبعاً مرحلة الانفلات.
ونختم مع سعد بسؤاله عن الشخصية التي يتمنّى أن يؤديها في أعمال مفترضة فيجيب: أدّيت دور قائد في المقاومة، وأتمنّى من كل قلبي أن أؤدّي شخصية الشهيد عماد مغنية، وشخصية السيد حسن نصرالله أطال الله بعمره.