تونس وتحدّي الإرهاب

حميدي العبدالله

تستمرّ هجمات التنظيمات الإرهابية على مواقع للجيش التونسي في أنحاء مختلفة من البلاد. ومما لا شك فيه أنه ليس هناك أية ذرائع مثل تلك التي يلجأ إليها الإعلام الخليجي والإعلام الغربي لتبرير وجود التنظيمات الإرهابية.

في تونس حكومة منتخبة من الشعب، وفي تونس نظام لم يقصِ أحداً، بما في ذلك جماعة «الإخوان المسلمين» التي تشكل العباءة التي يخرج من تحتها ومن فكرها كلّ الإرهابيين، ومع ذلك فإنّ تحدّي الإرهاب، سواء لجهة حصول التنظيمات الإرهابية على معاقل داخل الأراضي التونسية، أو الهجمات التي يشنّها بين فترة وأخرى على أهداف مدنية وعلى مواقع الجيش لم تتوقف، بل ثمة من يتوقع أن تزداد خطورة واتساعاً في الفترة المقبلة.

الأخطار والتحديات تنبع من حقيقة أنّ التنظيمات الإرهابية تسيطر الآن على ليبيا، والحدود المشتركة بين ليبيا وتونس حدود طويلة يصعب ضبطها، وفي ليبيا يحصل الإرهابيون على التدريب الجيّد، والتسليح المطلوب، والمال الذي تتطلبه أيّ هجمات إرهابية أكثر اتساعاً.

وواضح أنّ توازن القوى بين الدولة التونسية والجماعات الإرهابية لا يعمل في مصلحة الحكومة في ضوء هذا الواقع. هذا يعني أنه لا بدّ من البحث عن الأسباب الحقيقة لوجود ظاهرة الإرهاب وتناميها وللمخاطر المتصاعدة والتحديات الإضافية التي تواجه الحكومة والجيش والقوى الأمنية التونسية.

في هذا السياق يمكن تسجيل الملاحظات الآتية:

الملاحظة الأولى، أنّ خطر الإرهاب الذي بلغ مستوى غير مسبوق ما كان له أن يكون لولا الحصول على التدريب والمال والقدرات العسكرية والملاذ الآمن. وهذا كله توفر بسبب سيطرة الحركات الإرهابية على مناطق واسعة من ليبيا. لكن لو لم يبادر حلف الناتو لإسقاط النظام الليبي، لما حدث كل ذلك، وبمعزل عن ماهية نظام القذافي، وما إذا كان صالحاً أم لا، فإنّ النتيجة المؤكدة أنّ بديله كان أكثر سوءاً أولاً، على الشعب الليبي، وثانياً على الدول المجاورة، وثالثاً على العالم كله كون ليبيا تحوّلت إلى قاعدة ومموّل ومدرّب ومسلّح للإرهابيين، فإذا كان ثمة مسؤولية على هذا الصعيد فيجب أن يتحمّلها حصراً حلف الناتو ودول المنطقة التي شاركت في إسقاط النظام الليبي من دون التحسّب للبدائل.

الملاحظة الثانية، تستمدّ التنظيمات الإرهابية في ليبيا قوتها وقدرتها على التمدّد والتوسع من غياب حرب جدية دولية ضدّ التنظيمات الإرهابية، فطالما أنّ الحكومات الغربية، وحكومات المنطقة، تتعاون مع هذه التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق ولبنان، لإضعاف خصومها في منظومة المقاومة والممانعة، فإنه من الصعب، بل من المستحيل القضاء على الإرهاب في ليبيا وفي تونس وفي أماكن أخرى، بل إنّ التنظيمات الإرهابية تستفيد من هذا الدعم السياسي والعسكري والإعلامي والمالي، من أجل الحصول على مزيد من عناصر القوة التي تؤهّلها للتمدّد والتوسع، وبديهي أن يكون ذلك بداية في الدول المجاورة لليبيا، وتونس ومصر في مقدمة هذه الدول.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى