واشنطن تعمل لدفع «داعش» نحو سورية وتحويلها إلى ساحة حرب نصرالله: حربنا بدأت نحو النصر… وإنجازات راس بعلبك بداية
كتب المحرر السياسي
بدأت تتبلور معالم قراءة للاستراتيجية الأميركية نحو سورية والعراق لدى قيادة حلف المقاومة، محورها، عدم الذهاب بالمسألة السورية نحو التسويات طالما يقوم شرط محور المقاومة لأيّ تسوية على التمسّك بعدم البحث في مستقبل الرئاسة السورية خارج إطار الانتخابات الدستورية، كثمرة لأيّ تسوية بين الحكومة والمعارضة وتوفير الضمانات اللازمة لتكون الانتخابات تنافسية ونزيهة، بالتالي فإنه وفقاً لمصدر قيادي في محور المقاومة يتابع عن كثب الوضعين السوري والعراقي، ستسعى واشنطن بعد الاندفاعات التي وفرت لها الغطاء لتقدّم «داعش» نحو الرمادي وتدمر، وفي ظلّ الخشية من النتائج السياسية والمعنوية لفشل التحالف الذي يفترض أن يستردّ بعضاً من هيبته أمام انتصارات جرى تصنيعها لحساب «داعش» لابتزاز واستنزاف قوى المقاومة في سورية والعراق، إلى استباق أيّ نصر على «داعش» عراقياً، في ظلّ ما بدا أنه قرار عراقي شعبي وحكومي بعدم خوض الحرب على «داعش» وفق التوقيت الأميركي، وحشد الإمكانات اللازمة لتحقيق نجاحات بدأت تظهر معالمها، بالتالي تريد واشنطن الشراكة في قطاف هذا النصر بتعزيز حجم الحضور الأميركي العسكري عراقياً سواء عبر المستشارين الذين أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما عن إيفادهم إلى العراق، والأرجح تفويضهم ملف العشائر العراقية في الأنبار للدخول على خط العبث بالمكونات العراقية وإقامة توازنات قلقة عسكرياً وسياسياً تجعل الوضع العراقي هشاً وعاجزاً عن الاستقرار، في موازاة تعزيز الطلعات الجوية في غرب العراق بصورة تمنح واشنطن فرصة الادّعاء بلعب دور حاسم في أيّ إنجاز يحققه العراقيون، الذين يحظون بدعم إيراني كامل في خطتهم، سواء على المستوى السياسي وتنسيق المواقف، أو على المستوى العسكري بالعدة والعتاد والمشورة والتدخل عند الضرورة.
يقول المصدر القيادي إنّ إحدى النتائج المرجوة أميركياً، هي دفع «داعش» نحو سورية بدلاً من ضربها وإنهاء وجود قوات التنظيم في العراق، تمهيداً لإنهائها في سورية. ويبدو أنّ ترك «داعش» يحرك قواته ويدخل إلى تدمر كان هدفاً لخدمة هذا السياق، وصولاً إلى خلق تجمع قوى بين ما تحشده «جبهة النصرة» في الشمال والجنوب، وما يحشده «داعش» شرقاً وصولاً إلى القلمون، والهدف الذي بات واضحاً هو جعل سورية ساحة حرب مفتوحة لتدمير قدرات الجيش السوري والمقاومة، واستنزاف قدرات تنظيم «القاعدة» أملاً بسماع الموافقة على تسوية مرضية أميركياً من حلفاء سورية في سياق هذا المسار الطويل، للانتقال إلى المواجهة مع بقايا «القاعدة» بعدما تكون قد استنزفت.
يعقب المصدر أنّ قرار حلف المقاومة بالنسبة إلى سورية هو الصمود أولاً، ومواصلة الحرب التي بدأها بالتشارك حزب الله مع الجيش السوري في القلمون، والتي أعلن أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أنها حرب ستستمرّ حتى إنهاء الجماعات المسلحة التكفيرية، وهذا معناه أنّ مواصلة الحرب من القلمون ستستمرّ حتى تدمر والرقة، من جهة وحتى ريف دمشق وغوطتيها وصولاً إلى الجنوب من جهة مقابلة، وأنّ وصول وحدات من المتطوّعين إلى سورية لتعزيز جبهات القتال خصوصاً في الشمال، وأغلبهم من مقاتلي الحشد الشعبي العراقي هو بهدف التهيئة لدخول الحشد الشعبي في الحرب على «داعش» في سورية، وملاحقة ومطاردة الفلول الهاربة نحو سورية، من دون الوقوف عند الحدود السورية العراقية، خصوصاً مع الإدراك العراقي أنّ قوة «داعش» في سورية أو في العراق تضع البلدين في دائرة الاستهداف.
ويختم المصدر أنّ ما يجري على الساحة الإقليمية يؤشر إلى نهاية الحاضنات التي كانت تستند إليها مشاريع تنظيم «القاعدة»، فـ»إسرائيل» منشغلة بداخلها المأزوم وبصفقات الترضية للتخلي عن أوهام تعطيل التفاهم النووي الغربي مع إيران، ومحكومة بتوازن الردع الذي اختبرته مراراً وتراجعت، والسعودية تستنزف في حربها الفاشلة على اليمن، ولا أفق أمامها لتغيير التوازنات، بينما تركيا القوة الوحيدة التي منحت الحرب على سورية فرص الحياة، دخلت في العناية الفائقة ولن تخرج منها قبل سنوات، لذلك هذا هو العصر الذهبي لمحور المقاومة، وفي قلبه سورية بغضّ النظر عن محاولات ملء الفراغ السعودي التركي «الإسرائيلي»، من قبل قناة «العربية» بتسويق إنجازات على الورق، وظهور النائب اللبناني وليد جنبلاط كبديل يتولى العودة للتبشير بقرب سقوط سورية، أو بعض رموز الائتلاف السوري المعارض الذين يحبّون التحدّث عن انتصارات وهمية.
الميدان العسكري كان حصاده أمس نجاحات باهرة للمقاومة في جرود راس بعلبك ونجاحات مماثلة للمقاومة والجيش السوري في جرود قارة وما تبقى من جرود القلمون، بينما كانت عرسال لا تزال مغلقة كمعسكر لـ«جبهة النصرة» تنتظر الدعم اللازم معنوياً وسياسياً وعتاداً وتجهيزاً للجيش اللبناني ليقول الكلمة الفصل فيها، والعين على الحكومة، وعين الحكومة منشغلة بالتلصّص على ما يجري عند بلدان الجوار من أنقرة إلى الرياض وصولاً إلى باريس.عرسال معسكر لـ«النصرة»
واصل الجيش السوري وحزب الله تقدّمهما في جرود الجراجير في القلمون وسط اشتباكات عنيفة مع مسلحي «جبهة النصرة»، أدّت إلى مقتل العشرات منهم وتدمير 3 آليات محمّلة برشاشات ثقيلة وجرافة. وسيطرا أمس على شعبتي الطمسة ووادي الأحمر وقرنة وادي الأحمر في جرود الجراجير التي تتصل بجرود فليطة وعرسال شمالاً، كما أحكم الجيش السوري والمقاومة السيطرة على رأس الكوش وبداية وادي القادومي وسط حالات من الفرار والتخوين في صفوف الجماعات المسلحة.
وأكد مصدر عسكري لـ«البناء» «أنّ جبهة النصرة باتت بحكم المنتهية وشطبت من المعادلة ولم يعد لديها موقع مؤثر أو ردّ فعل قتالي في القلمون وجرود عرسال، حيث تحوّلت بلدة عرسال إلى معسكر للنصرة بقياداتها ومقاتليها وسلاحهم، والتي تستفيد من المسعى الذي يقوم به تيار المستقبل و14 آذار لحماية النصرة، وكشف المصدر أنّ النائب جمال الجراح هو رئيس اللجنة اللبنانية لحماية «النصرة» ويعمل على جمع التأييد لمنع دخول الجيش إلى البلدة وتطهيرها من الإرهاب».
وأوضح المصدر «أنّ تنظيم داعش استبق وصول حزب الله إليها فقرّر الدخول إلى القاع ورأس بعلبك لتحقيق ثلاثة أهداف، الأول الدخول إلى القاع ورأس بعلبك وإحداث أمر واقع جديد في البلدتين، الثاني استغلال سيطرة النصرة على بلدة عرسال للاستفادة من الحصانة التي يؤمّنها المستقبل للنصرة في البلدة ضدّ المقاومة والجيش، أما الهدف الثالث فهو توجيه ضربة استباقية لحزب الله بمنعه من متابعة المعركة في جرود الجراجير والقلمون في مناطق تواجد داعش».
وأضاف المصدر: «لتنفيذ هذا المخطط ظنّت داعش أنّ المنطقة خالية من المقاومة وبعيدة عن مراكز الجيش اللبناني، لكن التنظيم فوجئ بدفاعات حزب الله التي تموضعت في مراكز بعيدة عن مراقبة الإرهابيين وشكلت مفاجأة صاعقة لداعش الذي وقع إرهابيوه في بقعة تقتيل واسعة حيث سقط منهم في أرض المعركة أكثر من 200 مسلح بين قتيل وجريح وفرّ نحو 150 آخرين».
وجزم المصدر بـ«أنّ المعركة مع داعش مستمرة بالوتيرة نفسها التي كانت مع النصرة حيث المقاومة مصمّمة على إنهاء داعش كما تمّ إنهاء النصرة مع اختلاف الاستراتيجية المقاومة الجديدة بخلاف المواقع والقدرات، متوقعاً أن تنتهي المعركة مع داعش في غضون 10 أيام إلى أسبوعين.
المعركة مع «داعش» بدأت
وأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال المؤتمر الثاني للتجديد والاجتهاد الفكري عند الإمام السيد علي الخامنئي «أنّ التلال الحاكمة في القلمون أصبحت تحت سيطرة الجيش السوري والمقاومة». واعتبر «أنّ المعركة مع داعش قد بدأت والحزب مصمّم على إنهاء هذا الخط التكفيري».
بري يجتمع بروكز
سياسياً، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» إلى «أنه كان مطلوباً أن يتريّث التيار الوطني الحر في حركته حتى شهر أيلول المقبل، ولا يجوز إثارة ملف تعيين قائد للجيش قبل أوانه في وقت لم تنته ولاية قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي وفي وقت يخوض فيه الجيش حرباً ضدّ التكفيريين على الحدود. وسأل: كيف نعيّن قائداً للجيش قبل انتهاء مهلة تسريح القائد الحالي؟ وقال بري: «عندما أقفل المجلس النيابي وتعطلت الجلسات العامة، تريّثت في ردّ فعلي على قاعدة أنني الشخص المعني».
وكشف بري أمام زواره «انه اجتمع بقائد فوج المغاوير العميد شامل روكز وتداول وإياه حول الأوضاع العامة وأكد له ثقته به».
وشدّد بري على أنه «لا يجوز أن تتعطل الحكومة في ظلّ الأوضاع الراهنة، وانه هو الذي طلب من رئيس الحكومة تمام سلام التريّث في الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء إلى حين أن تتبلور الاتصالات التي تجري على أكثر من خط من أجل تذليل العقد».
وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء أنّ تعطيل العمل الحكومي ليس من مصلحة أيّ من الأطراف السياسية الممثلة في الحكومة، فلا يمكن شلّ الحكومة بسبب تمسك بعض الوزراء بوضع ملف التعيينات على جدول أعمال الجلسة قبل البحث في أيّ ملف آخر، وحذرت من هذا الأمر نظراً للحاجة الملحة والطارئة لمعالجة العديد من الملفات التي تخصّ تسيير شؤون المواطنين الحياتية والتي تحتاج إلى تصديقها من المجلس النيابي أيضاً والتي قد تخلق أزمة اجتماعية واقتصادية كبيرة إذا لم يتمّ حلها».
وأشارت المصادر إلى «أن وزير المال علي حسن خليل اطلع جميع الوزراء في الحكومة أنّ وزارة المالية لن تستطيع في الأول من آب المقبل دفع رواتب وأجور الموظفين من دون سلفات من مجلس الوزراء، متوقعاً حلحلة قريبة على هذا الصعيد».
حزب الله يحمي ما تبقى من الوجود المسيحي
وأكد رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية أنّ سياسة الحكومة يحدّدها رئيسها وهي أقوى سلطة في البلاد». ولفت إلى أنّ رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري اتفقا على التعيينات، ولكن سرعان ما غيّر الحريري موقفه».
وأشار فرنجية في حديث تلفزيوني مساء أمس إلى وجوب الاتفاق على اسم الرئيس قبل الذهاب إلى مجلس النواب والتصويت، وقال: إذا أردنا أن نتخلى عن عون علينا إيجاد البديل. وأوضح «أنه مع مؤتمر تأسيسي بكلّ موضوعية وبجوّ مرتاح في البلد، ومع التعديلات الدستورية ولكن ضمن توافق وطني».
وشدّد على «أنّ حزب الله يحمي ما تبقى من الوجود المسيحي في الشرق»، قائلاً: «أنا داعم لحزب الله بدفاعه على الحدود عن وجودي كأقلية».
فتحعلي يلتقي كاغ اليوم
وأمس عادت الممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة في بيروت سيغريد كاغ من طهران بعدما التقت عدداً المسؤولين الإيرانيين في إطار الحراك الديبلوماسي الذي تقوم به لإيجاد حلّ للملف الرئاسي، على أن تلتقي اليوم السفير الإيراني محمد فتحعلي.
وأكد السفير الروسي الكسندر زاسيبكين تمسك روسيا باستقلال لبنان ووحدة وسلامة أراضيه ودعم الاستقرار والأمن فيه، وقال: نقف تضامناً مع الشعب اللبناني ونقدّر عالياً الإجراءات المتخذة في مجال مواجهة الخطر الإرهابي. وندعو في إطار المجموعة الدولية لدعم لبنان لحلّ المشاكل الداخلية بأسرع وقت ممكن وبخاصة انتخاب رئيس الدولة. ولفت خلال حفل استقبال لمناسبة العيد الوطني لروسيا الاتحادية، إلى «أنّ روسيا تؤكد أهمية مواجهة محاولات إشعال الفتنة على أساس الأفكار المتطرفة سواء كانت نازية جديدة أو تكفيرية».
وعلى الصعيدين الدولي والإقليمي قال: المطلوب استعادة توازن القوى والمصالح والتخلي عن الرغبة في الهيمنة. ويجب الحفاظ على الصلة بغضّ النظر عن الخلافات. ونعتبر من الأولوية توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب. فاقترحنا إجراء مناقشة شاملة لهذه القضية في الأمم المتحدة. ونريد الوضوح والنزاهة والشفافية والمسؤولية في هذا المجال. ويجب العودة بالجدية إلى تسوية الصراع العربي الإسرائيلي وحلّ القضية الفلسطينية المركزية. وهذا سيؤثر إيجابياً على الوضع الإقليمي والدولي».
ولفت إلى أنّ روسيا تدعو بحزم إلى إيجاد الحلول السلمية للنزاعات القائمة من خلال الحوار الوطني، وأصبحت أفكار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جوهر اتفاقات مينسك-2 وتتكوّن أساساً لحلّ النزاع في أوكرانيا. كما عندما ضعفت الجهود الدولية للتسوية السياسية في سورية بادرت روسيا بعقد لقاءين تشاورييّن في موسكو أعطيا دفعاً ملموساً لاستئناف التحرك نحو جنيف-3».