أوباما يمهد لتحالف «النصرة» و«داعش» ضد الدولة السورية
ناديا شحادة
منذ بداية الحرب السورية والشرق الأوسط يشهد تغيرات لم تكن متوقعة لصناع القرار في السياسة الأميركية حيث اصطدم المشروع الاميركي للشرق الاوسط واندحر بسبب صمود الجيش السوري والقوى المتحالفة معه، الأمر الذي جعل من الولايات المتحدة تعيد حساباتها، فقامت بإنشاء تحالف دولي لمحاربة تنظيم «داعش» وفق ما سمي استراتيجية الرئيس الاميركي باراك أوباما، هذه الاستراتيجية هي امتداد للمشروع الاميركي الصهيوني لاستهداف وإسقاط الدولة السورية وتجلى ذلك من خلال الضربات الجوية التي يوجهها التحالف ضد مواقع «داعش» في سورية والعراق. فالدراسات الاميركية تجمع على النتائج المتواضعة التي لا تذكر للغارات الجوية ضد مواقع «داعش» التي تسير حسب الرغبة الاميركية.
فاستراتيجية الرئيس أوباما لتقويض واحتواء «داعش» نالت قدراً كبيراً من الانتقادات من كافة الأطياف السياسية الأميركية والغربية، معارضين ومؤيدين، وان وزير الدفاع الاميركي السابق ليون بانيتا انتقد استراتيجية أوباما، وأكد على ان سياسته أدت الى بروز «داعش» في شكل اكبر في العراق وسورية. أوباما الذي سعى الى خلق ميليشيات في منطقة الشرق الاوسط تخدم السياسة الاميركية والمصالح الاميركية، صرح عقب لقائه مع رئيس الوزراء العراقي في 18 نيسان من العام الحالي ان الانتصار على الارهابيين لن يحصل غداً مكرراً ما سبق أن أعلنته وزارة الدفاع الاميركية ان المعركة مع تنظيم «داعش» تحتاج لنفَس طويل، ويفسر المحللون هذه التصريحات الاميركية بأنها رد انفعالي يكشف ذريعة سياسية لإخفاء النوايا المبيته والرهانات الشبه حتمية والحقيقية الموجودة لدى الولايات المتحدة وقد اتضح ذلك جلياً من خلال اعتمادها على سياسة الغموض الاستراتيجي الذي تجسده المراوغات السياسية وصراع الأجندة والتي تنعكس بصورة مباشرة على سير العمل في محاربة «داعش» في العراق، فالولايات المتحدة لا تريد خسارة العراق وتعتبره ملفاً مهماً في سياستها الخارجية، لذا تسعى الى ترسيخ وجودها في العراق عبر كسب العشائر، وزعزعة الدولة المركزية، فبعد سقوط مدينة الرمادي ألقت الولايات المتحدة الاميركية بجزء من المسؤولية على الجيش العراقي والحكومة العراقية ولمحت الى ان جهود المصالحة الوطنية تحتاج الى المزيد من الجهد، واتهمت الحشد الشعبي بممارسة انتهاكات تستهدف المدنيين السنّة، فتلك التصريحات ليست مجرد أقاويل انما يراد تسويقها لضرب الدولة العراقية وكسب العشائر حيث أمر الرئيس أوباما بنشر ما يصل الى 450 عسكرياً اضافياً الى العراق وانشاء قاعدة تدريب جديدة في محافظة الانبار، وجاء في تصريح صادر من البيت الأبيض على انه من اجل تحسين قدرات وكفاءة شركائنا على الارض أجاز الرئيس نشر 450 عسكرياً اضافياً لتدريب قوات الامن العراقية وتقديم المشورة، وان أوباما أمر بتسليم عتاد ومواد اساسية للقوات العراقية بمن في ذلك قوات البيشمركة الكردية ومقاتلي العشائر السنية.
ويؤكد المراقبون انه مع غياب استراتيجية واضحة لمحاربة التنظيم، وما يجري في سورية والعراق من علميات فر وكر في قتال التنظيم واعادة التوازنات تعني رغبة أميركا في الاستفادة من الأوضاع الحالية لفترة أطول فبعد تثبيت وجودها في العراق ستحول حربها الى سورية تمهيداً لرسم تحالفات النصرة و«داعش» كواجهة موحدة ضد الدولة السورية والسبب في ذلك اكمال ما ترغب به الولايات المتحدة الاميركية في رؤيتها للمنطقة من شرق اوسط جديد يتناسب وطريقة الادارة الجديدة التي جاء بها أوباما الى العالم.