أنا لعينيك والوطن!
اتكأ على حافة عمرٍ فتيّ
تسافر عيناه في حدود الدنيا
بين أيامٍ ضاعت من مفكّرة الزمن
وأخرى رقدت على جبينه
أحلامه تعدو.
وكان الشفق يغمر الأفق
سألته: إلى أين، والحزن يلفّ الوطن الصغير؟
أيّ رحيلٍ في الأرض يغريك؟
قال: أبحث عن الحياة؟
أوليست في داخلك؟.. قالت.
فأجاب: وما قيمتها إذا كانت في سجن الموت، لا بل القهر؟ الحياة هنا عبثية!
ولكن، هل من غربةٍ تُحْيي؟ استدركت.
أجابها: عندما يصبح الوطن منفى، لا همّ، فكل غربةٍ تحْيي! ما الفرق؟
فقالت: وتبتعد… ألستُ وطنك الأصغر؟ أم أنّ البريق الخلّب، محا أحرف الذهب؟ الأحرف المشغولة في القلب لا تُمحى. قال، وقد لمعت في عينيه نظرات حزنٍ عميق. متابعاً: وطني صار وطن الخوف والوجع والقلق، واستوطن فيه النفاق والرياء، ولم يعد وطن الزهور والطيور، لقد حوّلوه إلى أوكارٍ وقصورٍ وقبور! هاجر الربيع، بل هاجرت الفصول، فلماذا البقاء بعد؟
قالت، وهي تحاول إخفاء غصةٍ كادت تخنق كلماتها: شعاع الأمل كان ينبع من عينيك، وأنشودة الفرح أقوى.
لذلك سأرحل. أودّ لو تبقى أحلامي، وألا يصبح حبّي عبراتٍ ظمأى، وألا تتحول ثورتي إلى كآبةٍ جوفاء! فلماذا البقاء؟ أنا حلمٌ مهاجرٌ، ولن أعود إلا مع الوطن!
سألت: أليس الوطن أنت، أنا، نحن؟
ضمّها، وهمس: الوطن فيّ، وأنت. أنت ستظلين وطني الأصغر، أمتلئ بك دفئاً، حباً، وسكينةً، في صقيع بُعدي، ونار لهفتي!
أنتظرك! قالت دمعتها.
أنا لعينيكِ والوطن! سأعود.
متى؟
مع السَّحَر!
سحر عبد الخالق