الحمرا صارت أجمل… والصبوحة تزيّن مدخلها بابتسامتها

فدى دبوس

«الحمرا صارت أجمل»، «الصبوحة صارت بالحمرا»، «شحرورة الوادي تستقبل زوّار الحمرا بابتسامة عريضة»، عناوين كثيرة تصدّرت صفحات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي على مدى أسبوع كامل.

هو عرس أقامه الناشطون بعد رؤية أوّل رسم للأسطورة صباح على جدار مبنى الـCosta، ذلك المبنى القديم الذي يشهد على تاريخ شارع الحمرا العريق، ويحمل دلالة تاريخية تعيدنا بالذاكرة إلى الزمن الجميل.

اليوم زيّنت صورة صباح شارع الحمرا الذي لطالما اشتهر بطابعه الثقافيّ الذي تحوّل وتبدّل مع مرّ الأيام إلى شارع تجاريّ بحت. هي محاولة من الفنان التشكيلي يزن الحلواني لإعادة الطابع الثقافيّ إلى شارع الحمرا من خلال إعادة إحياء ذكرى صباح وتكريمها ولو اقتصر الأمر على صورة لها.

صورة الأسطورة هذه تحمل دلالات لم يتنبّه لها كثر، فالأمر لا يتعلّق بصورة جدارية ولا حتى بلوحة جمالية تزيّن جدران أحد مباني شارع الحمرا، بل للأمر معنى خاص نجده في قلب كل من يترحّم على زمن الفن الجميل في زمن الفن الهابط، فن الفيديو كليبات والكلمات التي تحاول معالجة قضايا غاب عنها الحبّ والسلام. زمن أغاني «طلقني وريّحني»، أو «زيحوا من الدرب حوا عم بتسوق»، والكثير الكثير من العناوين الفارغة التي لا تحمل معنى الفن في داخلها.

أمّا عن قيمة الصورة المعنوية، فتكمن في تكريم شعبيّ لفنان لم يحظَ بتكريم من بلده، فمات على سرير في فندق لأنّ دولته الكريمة لا تعطي للفنان حقوقه ولا يملك مالاً يمكنّه من العلاج. وإن كانت هذه قصّة الصبوحة التي لطالما رفعت اسم لبنان عالياً فقصّتها تشبه كثيرين من فناني وعمالقة الزمن القديم الذين ويا للأسف لا ينالون تكريمهم إلّا بعد وفاتهم، فيعيشون في الخفاء ليصبحوا أيقونة بعد الوفاة، في وقت ينال فنانو عصرنا الحديث جوائز «موريكس دور» و»بياف» وغيرها من الجوائز المدفوعة الثمن لاكتساب شهرة لا يستحقونها أصلاً.

هذه الكلمات لا نقولها وحدنا ولكنّ من يتابع وسائل التواصل الاجتماعي يجد أنها كلمات مشتركة بين الكثير من الناشطين الشبّاب، الذين لا يعرفون زمن الفن الجميل وتعرّفوا إليه في ما بعد، خصوصاً بعد نفورهم ممّا نشاهده اليوم على شاشاتنا.

أمّا عن ظاهرة رسم صور جدارية للفنانين، فهي ظاهرة أثنى عليها الجميع واعتبروها انطلاقة جديدة لإحياء تراث لبنان الذي ضاع بين أيدي السياسيين والطائفيين والمذهبيين. وما أجمل أن تتزيّن جدران المباني والأرصفة بصور فنانين على أن تتزيّن بشعارات حزبيّة وسياسية لا تثير في النفس سوى الغضب والنفور.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى