حكي سوري
د. سمير صارم
أصيبت الصناعة السورية إصابات مباشرة، جاءت إما على شكل سرقة معاملها، أو تخريبها، أو حرقها، أو إيقافها عن العمل بطريقة ما.
فماذا فعلنا لمواجهة التحدّيات المستجدّة للصناعة السورية نتيجة الأزمة التي نمرّ بها، ومعالجة ما أصابها من ضربات ممنهجة ومخططة بهدف تدميرها؟
والسؤال موجّه إلى الحكومة أولاً… وإلى غرف الصناعة والصناعيين ثانياً…
وفي الإجابة عن هذين السؤالين نقول إنّ الحكومة ما كان يمكن أن تساهم بوقف تراجع الصناعة، أو حمايتها ومنع سرقتها أو تخريبها، فكان ما كان مما هو معروف لنا جميعاً.
أما بالنسبة إلى الصناعيين فقد غادر كثيرون منهم البلاد ليستأنفوا نشاطهم في دول بعضها معاد بشكل واضح وفاضح لسورية وللشعب السوري! ومن بقي لا يزال يصارع من أجل البقاء، ولسنا ندري إلى متى يمكن أن يستمرّ يصارع قبل أن يستسلم! وأوجّه التحية هنا إلى رئيس اتحاد غرف الصناعة رئيس غرفة صناعة حلب الذي نسمّيه المهندس الفارس الشهابي، ونفر قليل جداً في غرف صناعة أخرى كدمشق وغيرها، لا سيما من صناعيّي حلب، الذين عندما أذكرهم أستذكر البورجوازية الوطنية السورية التي كان لها دورها المميّز في تحقيق الاستقلال وفي وضع حجر الأساس للنهضة الصناعية السورية اللاحقة، وفيما عدا هؤلاء القلة صارت البورجوازية السورية رأسمالية ليبرالية تبحث عن مصالحها أولاً ولو على حساب الوطن!
فتحية إلى رجال البورجوازية الوطنية السورية الجديدة الذين يصرّون على البقاء والعمل من أجل سورية ونهضة صناعتها، مما يمكن أن نسمّيه كبوة أو سقطة خطط لها أعداء سورية، نأمل أن تكون موقتة بفضل رجال سورية الموجودين في كلّ موقع أو مكان له صلة بالصناعة السورية حتى تعاود الانطلاق من جديد وتعود شوكة في حلق أعداء سورية وأعداء الصناعة السورية!
لكن ما المطلوب حتى تعاود مسيرة الانطلاق؟ المطلوب أولاً ألاّ نكون سلبيين فنكتفي بالتفرّج، وفي أحسن الأحوال انتظار ما سيأتينا والمقاومة من أجل البقاء، والتعامل بردود الفعل فلا نكون مبادرين أو فاعلين.
والمبادرة والفعل مسؤولية الحكومة، ومسؤولية القطاع الخاص الصناعي الوطني… لكن كيف… وبماذا… ومتى؟ وكيف… وبماذا… ومتى…؟ أسئلة ننتظر أن يجيب عنها مؤتمر استثنائي للصناعة بقلم أخضر جديد صالح للتوقيع، ويتمتع بسلطة وجوب التنفيذ… مؤتمر ترعاه الحكومة وتشارك فيه، إلى جانب الصناعيين الوطنيين من غرف الصناعة ومن خارجها أيضاً، يطرح بوضوح وشفافية كلّ القضايا والمشكلات التي أصابت الصناعة السورية بقطبيها العام والخاص، وكيفية تجاوزها والخروج منها إلى الأفضل، والدروس المستفادة من الأزمة في التخطيط والعمل لانطلاقة صناعية سورية جديدة تعيد إلى صناعتنا دورها الذي كان وتعزيزه، وذلك يمكن أن يكون المحور الأول للمؤتمر.
كذلك يمكن أن يخصّص محور لمناقشة ما قدّمته الدولة وفاعليته في تجاوز المشكلات مثل السماح بنقل المنشآت الصناعية إلى مناطق آمنة من دون أن يترتب على ذلك أي رسوم إلخ… وما كان يجب أن تقدّمه وإمكانية تدارك ذلك.
محور ثالث، يخصّص لمناقشة عودة الصناعيين الذين غادروا الوطن، والمطلوب لذلك… ونفترض حسن النيات عند كلّ من غادر.
ومحور رابع يناقش اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية، لا سيما مع تركيا وكيف أضرّت بالإنتاج السوري وبحث مقاطعة السلع التركية ومحاسبة من لا يزال يدخلها إلى البلد تهريباً؟!
كذلك بحث تقديم شكوى باسم الحكومة السورية ضدّ تركيا وأفعالها لضرب الصناعة بسرقة المعامل أو تخريبها، ومتابعة الشكوى التي قدّمها اتحاد غرف الصناعة ولا ندري مصيرها، لاستعادة المعامل المسروقة والتعويض عن المسروقات التي لا يمكن استعادتها ومحاسبة السارقين ومحرّضيهم في حكومة أردوغان.
ومحور سادس يخصّص للقطاع العام الصناعي وإصلاحه.
إضافة إلى محاور أخرى يمكن أن تستجدّ الهدف منها مناقشة واقع الصناعة السورية وما آلت إليه بسبب الأزمة، وكيفية استنهاضها من جديد.
لقد سبق وانعقد مؤتمر للصناعة قبل سنوات كان شعاره «قلمك أخضر»، وللمؤتمر الصناعي الذي نقترحه مطلوب قلم أخضر، لكن يجب أن يكون مختلفاً، يوقّع قرارات ملزمة التنفيذ، وأرجو أن تتبنّى وزارة الصناعة هذا الاقتراح، أو اتحاد غرف الصناعة، أو غرفة صناعة دمشق، وكلها جهات مؤهلة لإقامة مثل هذا المؤتمر، ورجاء لا تقولوا إنّ الظروف غير مناسبة لأنني أرى العكس تماماً، لأنّ هذه الظروف يجب أن تدفعنا لإقامة مؤتمر كهذا، ولو بأقلّ الأعداد، أو حتى بخبراء مع صناعيين يمثلون الصناعة السورية.