همزة وصل
نظام مارديني
يتسع الحزن ويأخذ الألم مداه مع مرور الذكرى الأولى لنكسة الموصل التي احتلت من قبل رعاع «داعش» بعدما هيأ لهم المحافظ الخائن أثيل النجيفي كل الأجواء وفر هارباً إلى أربيل حيث يقبع في جحره تحت حماية البيشمركة.
في هذه الذكرى تلبس اللغة معطفاً ثقيلاً، فالموصل هي جرح العراق، ومن الضروري قراءة ما حصل بها باعتباره نتيجة لمجموعة من التراكمات السياسية والاجتماعية والثقافية، أهمها:
– السياسات الصدامية التي خلقت مترتبات خطيرة داخل بنية المجتمع العراقي.
– الاحتلال الاميركي للعراق الذي سعى الى بناء دولة فسيفسائية تتقارب مكوناتها ولكنها لا تتحد.
– غياب هوية المواطنة وصعود الهويات الثانوية، من مذهبية وطائفية وعرقية.
هذه الاخفقات تدعو الى اعادة بناء الدولة العراقية على أسس وتشريعات وطنية بعيداً من الطائفية وإلا فإن العراق يقف على أبواب اربعة سيناريوات محتملة للوضع الراهن، والأكثر سوءاً هو سيطرة «داعش» بعد انكسار الجيش وانقلاب العشائر على الدولة وصولاً الى الحرب الأهلية.
لكل هذه الاحتمالات مقومات تحقق وتحديات، لأنها تستمد قوتها من الصراعات داخل الساحة العراقية وخارجها.
قديماً قال النفري: «كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة»، وما يستدعي هذا القول هو هذه المقاربة البسيطة: إذا كان الامر عند الاحتلال ينقسم بين مقاوم له أو متعاون معه، ففي الوضع العراقي لدينا نازح ومتعاون. وهذه مفارقة! وإذا كان صوت المقاوم ضعيفاً جداً، فإن السؤال هو أين تكمن قوة تنظيم «داعش» في ذاته أم خارجه؟ الجواب بلا شك، إن «داعش» يستمد قوته من الخارج، من «إسرائيل» والمال الخليجي و«الأخونة» التركية.
من الضروري هنا الإشارة إلى ان التحالف الدولي قد وظّف الإرهاب عبر ثلاث وسائل: ضربه لمنع تمدده الى مناطق أخرى وبخاصة «إقليم كردستان»، أو السكوت عنه، وأخيراً غض النظر. ولأن السياسة نسبية، لذا لا يجب الاعتماد على التحالف الدولي أو الابتعاد عنه بالمطلق لتحويله الى عدو صريح، وهو الذي فتح بوابة سرقة ممنهجة للروح العراقية المتمثلة بالآثار منذ 2003 خلال حكم مندوب الاحتلال بول بريمر، أو تدميرها من قبل «داعش» مستكملاً هذا التنظيم الإرهابي سياسة هدم كل شواهد الحضارة العراقية وإرثها الانساني .
في عام 2006 أعلن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، أنه سيخلق لنا إسلاماً جديداً على مقاسهم، وها هو إسلام أميركا يتدحرج بمجازره منذ سيطرته على الموصل، فهل نعتبر؟