معايير الانتخابات وخيارات الشعب السوري
سعد الله الخليل
هي التجربة الأولى في الممارسة الديمقراطية التعددية، بهذه الكلمات يختصر أغلب المتابعين لما تشهده سورية من تحضيرات للانتخابات الرئاسية المقبلة والمقرّرة في الثالث من الشهر المقبل.
وبعيداً عما يثار حول الخطوة والاستحقاق من تساؤلات وعلامات استفهام بدءاً من الحملة الانتخابية للمرشحين الثلاثة، والظهور الإعلامي للمرشحين حسان النوري وماهر حجار، مقابل غياب المرشح بشار الأسد، إلى ما يُقال في الدهاليز والزواريب والعلن عن نتائج الانتخابات… بعيداً من كلّ هذا وذاك تبقى الانتخابات الرئاسية التمرين الأول في التعددية السياسية والديمقراطية والتي يعوّل على نتائجها التأسيس للخطوات اللاحقة.
ربما يكون من الظلم قياس المعايير الانتخابية الدقيقة المتبعة في الدول ذات التجارب المتقدمة، والمطالبة بتطبيقها في الانتخابات السورية بدءاً من تعاطي الشارع السوري مع المرشحين الثلاثة، خصوصاً أنّ جزءاً كبيراً من الشارع السوري لم يتقبّل فكرة وجود مرشحين منافسين للرئيس الأسد، وهو ما عكسته التعليقات التي طاولت المرشحيْن حجار والنوري، إضافة إلى التعامل الإعلامي المتساوي مع المرشحين الثلاثة، والذي التزمت به المؤسسات الرسمية من حيث اللقاءات، فيما غابت نشاطات المرشحين النوري وحجار عن الشاشات، وحضرت الفعاليات الشعبية التي لا تزال تنظر إلى الاستحقاق الانتخابي بدعم المرشح بشار الأسد، وهي العقلية السائدة بشخصنة الاستحقاقات الوطنية منذ عقود، والتي ربما بحاجة إلى مزيد من الممارسة الانتخابية ليعتاد المجتمع السوري على تقبّل الاختلاف والاعتراف بأنّ في الاختلاف غنى وتنوّعاً ولا انتقاص من الآخر.
أمام السوريين فرصة للسير في طريق الديمقراطية والتعاطي بمسؤولية مع الاستحقاق الرئاسي عبر احترام المرشحين الثلاثة، وترك الكلمة الفصل لصندوق الانتخابات بدلاً من التسخيف والتشكيك بالمرشحين، الذي يصبّ في خانة الراغبين بتصويرها مسرحية انتخابية معدة سلفاً ليفوز الرئيس بشار الأسد بنهايتها لأنهم يعلمون حجم التأييد الشعبي له، وهو ما يساهم فيه الكثير من محبّي الرئيس الأسد سواء عن معرفة أو عن غير معرفة عبر الإساءة للمرشحين والتشهير بهم.
قبل أيام من الاستحقاق الرئاسي يقف السوريون أمام فرصة لممارسة حقهم وواجبهم بكلّ شفافية ورقيّ باختيار رئيسهم بأنفسهم، ربما الخطوة تأخرت إلا أنّ اغتنامها أفضل من الحديث بأسباب التأخير واتخاذ المواقف المسبقة… هي رسالة من سوري إلى إخوانه… لنصوّت لمن نراه يمثل خياراتنا الوطنية من بين المرشحين الثلاثة… أو بالورقة البيضاء على أقلّ تقدير.