سويداء جبل العرب تؤدّب أطفال الأنابيب الاستعمارية…
نصار إبراهيم
مع احتدام المواجهة… وفي سياق الحرب الكونية العسكرية السياسية الاستخبارية الاجتماعية النفسية الشرسة على وعي الشعوب العربية وذاكرتها… وفي ظلّ الصمود الأسطوري للشعب العربي السوري وجيشه الباسل وقيادته… وفي ظلّ فشل إسقاط الدولة الوطنية السورية، تعود القوى الاستعمارية والظلامية لاستهداف روح الشعب السوري ووحدة نسيجه الاجتماعي والوطني…
وآخر نسخة من تلك المشاريع تباكي تلك القوى محذرة مما قد يتعرّض له «الموحدون الدروز» العرب السوريون في جبل العرب عموماً وفي السويداء على وجه الخصوص… إلى الدرجة التي بات الجميع يتسابقون لتقديم الخدمات لحمايتهم ونصرتهم… حتى أنّ «إسرائيل» أبدت استعدادها العلني لتقديم الحماية لهم… بما في ذلك إقامة منطقة عازلة في جنوب سورية.
وللتمهيد لهذه النقلة من قبل القوى الاستعمارية الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة و»إسرائيل» وأدواتهما المحلية تمّ ترتيب مجزرة قلب لوزة التي نفذتها «جبهة النصرة» وراح ضحيتها عشرات المواطنين السوريين من الموحدين الدروز العرب… وذلك بهدف ترويع هذه الطائفة في محاولة لسلخها عن الوطن الأمّ بفعل الرعب والصدمة… وتحويلها إلى حصان طروادة لتمزيق النسيج السوري الاجتماعي وخلخلته…
في هذا السياق تماماً تأتي محاولات وليد جنبلاط المتذاكي لطرح ورقته الطائفية من خلال وصف جريمة «جبهة النصرة» بالعمل الفردي… والدعوة إلى «تحييد» الموحدين الدروز وتأمين «الحماية» لهم حتى ولو من «الأمّ الرؤوم» «إسرائيل» نفسها.
غير انّ وعي وذاكرة وانتماء وأصالة وصلابة الشعب السوري بكلّ طوائفه وتنويعاته أفشل هذه المحاولة البائسة… فنهض شيخ عقل الطائفة الدرزية يوسف جربوع ليقطع الطريق بضربة واحدة وموقف واحد حاسم: «النظام قادر على حمايتنا والقوة الضاربة هي بيد الجيش»» مشيراً الى أنه «بعد أربع سنوات من القتال أصبح الجيش منهكاً ونحن سنكون الى جانب الجيش لصدّ المؤامرة».
ومن لبنان نهض الرجل الباسل الهادئ والحازم العروبي طلال أرسلان ليحدّد الفواصل والتخوم بين مشروع المقاومة والعروبة والاستقلال ومشروع التقسيم والطائفية والارتهان.
يراهن الأعداء وأدواتهم دائماً على أنّ الشعوب ساذجة وذاكرتها مثقوبة… ومن هنا سرّ إحباطهم وفشلهم… لأنهم يخلقون الكذبة ويصدّقونها… كمثل تصديقهم أنهم حماة الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية فيما عداهم من شعوب هي شعوب عاجزة ومتخلفة بالفطرة والتكوين.
ينسى أطفال أنابيب المشاريع الاستعمارية أنّ «إسرائيل» هذه وبدعم شامل من حلفائها الاستعماريين الغربيين هي من دمّر مدن الدروز وهجّرهم ومسح مدينة القنيطرة عن وجه الأرض… وينسى هؤلاء الصغار أنّ «إسرائيل» لا تزال تحتلّ الجولان العربي السوري وتصادر أرضه ومياهه حتى اليوم…
كما ينسى أطفال أنابيب المشاريع الاستعمارية وأطفال «الثورة السورية «وشركة مقاولات «الربيع العربي» أنّ «جبهة النصرة» و»داعش» وما يُسمّى «جيش الإسلام»، التي تمارس كلّ أشكال القتل والذبح والتحريق ضدّ المسلمين والمسيحين والأزيديين في سورية والعراق واليمن وليبيا ومصر أنّ من يحتضنها ويموّلها ويسلّحها ويدرّبها ويحشدها ويؤمّن لها الغطاء السياسي والإعلامي هو الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وتركيا و»إسرائيل» وممالك ومحميات النفط في الخليج العربي.
ينسى أطفال أنابيب المشاريع الاستعمارية أنّ المسيحيين العرب الفلسطينيين جرى تهجيرهم وتدمير قراهم وكنائسهم على يد المشروع الصهيوني الذي أطلقته ورعته ولا تزال حتى اليوم دول الاستعمار الغربي.
ينسى أطفال أنابيب الاستعمار والثقافة الدونية أنّ المسيحيين والأزيديين والأشوريين العراقيين عاشوا في العراق منذ آلاف السنين، وفقط مع دبابات الغزو الأميركي البريطاني واحتلال العراق تمّ إطلاق شياطين القتل والاغتصاب والتهجير والاقتلاع ضدّهم.
ينسى أطفال أنابيب المشاريع الاستعمارية أنّ تنظيم «القاعدة» و»داعش» و»جبهة النصرة» وكلّ التشكيلات الإرهابية في سورية والعراق واليمن ومصر وليبيا هي صنيعة الدول الاستعمارية الغربية التي تتباكى اليوم على المسيحيين والدروز والإزيديين، بينما في الحقيقة والواقع هي مَن يحتضن ويرعى عصابات القتل التي تستهدفهم.
ينسى أطفال أنابيب مشاريع الاستعمار التقسيمي الطائفي في سورية ودعاة حماية الموحدين الدروز العرب أنّ من رفع لواء الثورة في مواجهة الاستعمار الفرنسي وخططه التقسيمية الطائفية هو الثائر العربي السوري سلطان باشا الأطرش موحد درزي والثائر العربي السوري إبراهيم هنانو الكردي السني والثائر العربي السوري صالح العلي علوي … هؤلاء القادة الثوار الكبار هم من تصدّى لسياسة التقسيم الفرنسية التي عبّر عنها الاستعمار الفرنسي في علم التقسيم الطائفي لسورية الذي هو اليوم علم ما يُسمّى «الثورة السورية» بنجومه الحمراء الثلاثة التي ترمز إلى الدول الطائفية الثلاث: السنية والعلوية والدرزية.
ينسى أطفال أنابيب الاستعمار والطائفية أنّ من يدافع عن السوريين بكلّ تكويناتهم وطوائفهم ويحميهم من القتلة هو الجيش العربي السوري، وأنّ الرئيس بشار الأسد هو من أعاد تمثال السيدة العذراء في معلولا التاريخية إلى قمته المقدّسة وليس أسياد «داعش» و»النصرة» في واشنطن ولندن وباريس والرياض وتل أبيب.
ينسى أطفال أنابيب المشاريع الاستعمارية أنّ من حمى ودافع واستشهد من أجل حماية المسيحيين في سورية وفي لبنان ومن قدّم الشهداء لتحرير معلولا رمز المسيحية وكنائس يبرود من براثن منظمات القتل والحرق المدعومة من أوروبا وحلفائها هو حزب الله اللبناني يداً بيد مع الجيش العربي السوري، وليس هولاند أو كاميرون أو أوباما الذين يواصلون دعم تلك العصابات وتسليحها وتغطيتها.
إذا نسي أطفال أنابيب المشاريع الاستعمارية كلّ ذلك فإنّ ذاكرة الأمة والشعوب حية ومتوقدة ولا تنسى… لهذا فهي صامدة ومتماسكة رغم ويلات خمس سنوات من التشويه والتدمير والترويع والقتل…
لهذا وسواه ستبقى السويداء عاصمة جبل العرب وليس جبل الجبناء والعملاء والقتلة والطائفيين… هذا هو قدر العرب الدروز الموحدين الصامدين وقدر كلّ القوميين والتقدميين العرب…
وسيبقى سيف دمشق العربي هو الفصل والفيصل… أما الصغار فمصيرهم لن يكون أفضل من مصير أسيادهم: الهزيمة والعار.