من دي ميستورا إلى التصعيد في سورية: حسابات 30 حزيران
عامر نعيم الياس
التقى المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، الرئيس السوري بشار الأسد خلال زيارة إلى سورية للتشاور في شأن إمكانية التفاوض مع المعارضة السورية خارج البلاد، بعد مؤتمرات لـ«المعارضة» في غير مكان صاغت عدداً من الأوراق التي تعكس وجهات نظر «معارضات» لم يستطع أحد جمعها وتوحيدها على رغم أنها خارج البلاد، ولا تتعرض لأي ضغط أو تضييق على الحرّيات كما يدّعي الغرب في حديثه عن أحوال بعض «معارضة» الداخل السوري.
لم يرشح الكثير عن نتائج لقاءات السيد دي ميستورا في سورية، لكن الأساس كان تمديد المبعوث الأممي مشاوراته مع الأطراف المعنية بالنزاع في سورية حتى تموز المقبل، في إشارة غير مباشرة إلى انتظار المبعوث الأممي نتائج التفاوض بين إيران والدول الست الكبرى حول صوغ الاتفاق النهائي الخاص بالنووي الإيراني.
تمديد دي ميستورا التفاوض جاء على خلفية هجوم على كافة محاور القتال في سورية هو الأعنف من نوعه منذ عام 2012 عندما بدأ الهجوم المعاكس للجيش السوري بعد اغتيال خلية الأزمة في دمشق، بدءاً من الشمال، إدلب وحلب، وليس انتهاءً بالجنوب، الحدود الأردنية السورية والسويداء والقنيطرة، من دون أن نغفل التطور النوعي الجدي على معادلة الهاون في دمشق والذي استهدف ليلاً سكان العاصمة دمشق، بعدما كان العرف خلال السنوات الأربع من عمر الأزمة ينفي أي إمكانية لتعكير حياة المدنيين السوريين ليلاً، خصوصاً في العاصمة دمشق. لكن المعادلة اختلفت مع بداية رمضان الذي يؤرخ دائماً هو الآخر لتصعيد ميداني من قبل المجموعات المسلحة المتطرفة على امتداد مساحة سورية، خصوصاً المدن الكبرى. من دون أن نستثني في هذا السياق محاولة القوى المختلفة في سورية تطوير وجودها على الأرض اعتماداً على قوى لها مشروعها الخاص بعيداً عن الغطاء الثوري الناظم لطبيعة التخريب في سورية، كالأكراد على سبيل المثال الذين يعملون تحت غطاء التحالف الأميركي على تأمين الاتصال الجغرافي في سورية تمهيداً لحلمهم الانفصالي من جهة، وخدمةً لتكريس نموذج لمنطقة نفوذ أحادي أميركي في سورية على غرار قاعدة النفوذ والتحكم الأميركي في العراق والتي تتموضع على أراضي ما يسمى كردستان العراق.
القوى الفاعلة سواء في الميدان أو حتى الأممية السياسية تعمل وفق أجندة المفاوضات الإيرانية ـ الأميركية، إدراكاً منها أن القوتين الأساس في الإقليم القادرتان على ضبط إيقاع الأمور فيه، هما وحدهما اللتان تحددان مسار معالجة األأزمات المتعددة في المنطقة ومنها الأزمة السورية، فالولايات المتحدة تحاول تعزيز نفوذها والدفع بكامل فرق العمليات في سورية لامتلاك المزيد من أوراق القوة في مواجهة إيران سواء فشلت المفاوضات أم أدّت إلى حل. وطهران من جهتها الفاعلة في مجمل الساحات، تعمل على إدارة دفة التفاوض بالحفاظ ما أمكن على خطوط التماس وتثبيتها، من دون اللجوء إلى استفزار الغرب ربطاً بالتفاوض، ورهاناً على الاتفاق، فإن لم يوقّع تعتقد طهران أن إمكانية الهجوم المعاكس واسترداد ما تم فقدانه واردة وليست مستحيلة.
وفي ضوء موقف الدولتين الكبريين في المنطقة ونتائج الانتخابات التركية التي قلبت الأمور رأساً على عقب، فإنه من الواضح أن الجميع بانتظار المعطى الأهم الذي سيمس مباشرةً سياسات دول الإقليم تحديداً في سورية والعراق واليمن، وهو مهلة الثلاثين من حزيران.
كاتب ومترجم سوري