يوم الأرض… والتحديات وأهمية استئناف المقاومة المسلّحة

حسن حردان

يُصادف يوم غد الأحد 30 آذار ذكرى يوم الأرض التي يحييها الشعب العربي الفلسطيني في كل أماكن وجوده في الداخل والخارج، بالتأكيد على تمسكه بعروبة فلسطين ورفض التخلي عن أرضه ودياره التي شُرّد منها، والإصرار على مواصلة النضال لأجل العودة إليها. ضارباً عُرض الحائط بكل إغراءات ومشاريع التوطين الهادفة إلى تضييع هذا الحق المقدس.


على أن الذكرى هذه السنة تأتي وسط تحديات خطيرة تواجه القضية الفلسطينية وتفرض على الشعب الفلسطيني وقواه الحية المقاومة، التصدي لها لحماية الحقوق الفلسطينية الثابتة والتي لا تقبل التفريط ولا التنازل أو المساومة.

التحدي الأول: خطر المفاوضات المذلة التي يريدها الأميركي أن تصل إلى خاتمة نهائية تقضي بالاعتراف بيهودية الدولة الصهيونية العنصرية على أرض فلسطين، والتخلّي عن حق العودة والقبول بالقدس عاصمة «إسرائيلية»، مع إشراف دولي على الأماكن المقدسة، وتبادل للأراضي يقضي بضم المستوطنات الصهيونية الكبرى في الضفة الغربية والقدس إلى الدولة الصهيونية، مقابل ضم منطقة المثلث في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 إلى الدولة الفلسطينية الموعودة، إلى جانب ذلك إعطاء «إسرائيل» كل الضمانات الأمنية على طول الحدود مع الأردن، بإشراف أميركي أمني وعسكري، مع لحظ وجود أمني «إسرائيلي» إلى جانب الأمن الفلسطيني على المعابر بين الأردن والضفة الغربية.

مثل هذا المشروع الذي يراد تمريره أميركياً لمصلحة الكيان الصهيوني، إنما يشكّل تصفية للقضية الفلسطينية، لصالح تكريس وإضفاء الشرعية على اغتصاب الصهاينة لمعظم الأرض الفلسطينية، بتوقيع فلسطيني، مقابل دويلة فلسطينية على الأجزاء المتبقية من الضفة والمثلث، منزوعة السيادة وتابعة سياسياً وأمنياً واقتصادياً للكيان الصهيوني. هي بالجوهر مجرد حكم ذاتي لا أكثر ولا أقل.

التحدي الثاني: حالة الانقسام والتشرذم السائدة فلسطينياً، والتي أدت إلى انعكاسات سلبية بسيادة مناخات الإحباط والخيبة والمرارة المصحوبة بالتفكير بالهجرة إلى العواصم الأوروبية.

التحدي الثالث: ويتمثل في تراجع دور المقاومة المسلحة والحالة الكفاحية الهجومية في مواجهة المخططات الصهيونية التهويدية الاستيطانية، وفي مواجهة مشاريع تصفية القضية. وقد أسهم في تعزيز هذه الحالة السلبية غياب الإطار القيادي الوطني القادر على قيادة حركة التحرر الوطني الفلسطيني، بكل قواها ومكوناتها المقاومة والشعبية.

وما زاد من هذا الواقع السلبي فلسطينياً، نجاح المخطط الأميركي الغربي وأدواته في إثارة الفوضى والصراعات الطائفية والمذهبية والإثنية داخل الدول العربية، وتالياً إلهاء وإشغال العرب في حروب داخلية أبعدتهم عن الاهتمام بقضيتهم المركزية فلسطين، وهو ما وفّر الظروف المواتية للعدو الصهيوني للقيام بأوسع هجوم استيطاني تهويدي بعد الهجوم الأول عام 48 والثاني بعد اتفاق أوسلو عام 93 في القدس والضفة الغربية لتهويد أكبر قدر من الأرض الفلسطينية وفرض المزيد من الوقائع على الأرض لمصلحته.

إن هذه التحديات تفرض على القوى المقاومة والحية في الشعب الفلسطيني التصدي لها والعمل على التفكير في إيجاد السبل الكفيلة للارتقاء بالأداء النضالي والكفاحي، إن كان على صعيد النهوض بالمقاومة المسلحة في مواجهة الاحتلال لاستئناف عملية استنزافه ومنعه من الاستقرار وتحقيق مخططاته، أو على صعيد توفير مستلزمات النضال الشعبي داخل الأرض المحتلة للقيام بانتفاضة شعبية جديدة تشكل الحاضنة للمقاومة المسلحة وتعزيز عملها، واستطراداً إسقاط المخطط الأميركي الصهيوني الهادف عبر المفاوضات إلى تمرير اتفاق استسلامي جديد لتصفية الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني.

إن العودة إلى استئناف المقاومة المسلحة عملياتها ضد الاحتلال يجب أن يشكل أولوية الأولويات لأنها تسهم في تحقيق أربعة أمور مهمة:

الأمر الأول: استعادة الروح الكفاحية لدى المقاومين والمناضلين من ناحية، واستنهاض الشارع الفلسطيني وإخراجه من حالة الإحباط والتشرذم والضياع السائدة في أوساطه من ناحية ثانية.

الأمر الثاني: توافر الشروط لإعادة تصويب البوصلة فلسطينياً باتجاه الرهان الأساس الذي يجب أن ينصب الجهد نحوه، وهو نهج المقاومة المسلحة باعتبارها السبيل لتحرير الأرض وحماية عروبة فلسطين وإحباط مخططات التهويد والاستيطان والتوطين. وتالياً وضع حد لمسرحية المفاوضات ومسار أوسلو الكارثي الذي لم يؤدّ سوى إلى خدمة العدو الصهيوني ومشروعه، وإلحاق الأضرار الفادحة بحقوق الشعب الفلسطيني.

الأمر الثالث: إعادة إحياء الدعم والتضامن العربي والإسلامي والعالمي مع نضال الشعب الفلسطيني، والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالواقع الفلسطيني، فعندما يكون هناك تراجع وشبه غياب في المقاومة، واستشراء حالة الانقسام والتشرذم، فإن الدعم والتضامن يتراجعان ويخبوان، وعندما يكون هناك نهوض في المقاومة وتراجع في حالة الانقسام، لصالح التوحد ضد الاحتلال ومخططاته، فإن هذا الدعم والتضامن يحضر وبقوة.

الأمر الرابع: استنزاف الاحتلال الصهيوني، وهز مرتكزات أمنه واستقراره، ومن ثَم إرباك مخططاته ما يؤثر عملياً على مستوى الهجرة الصهيونية من الخارج إلى داخل فلسطين المحتلة، ويزيد من الهجرة المعاكسة.

وبالعودة إلى المراحل التي كانت فيها المقاومة المسلحة والانتفاضة في أوجهما، وتلك التي كانت خلالها في حالة تراجع كما هو الواقع السائد حالياً، يمكن لنا معرفة كيف كانت الهجرة الصهيونية إلى فلسطين ترتفع وتزدهر في ظل المفاوضات وتوقف المقاومة، وكيف كانت تتراجع لصالح زيادة منسوب الهجرة المعاكسة في ظل اشتداد المقاومة والانتفاضة وسيادة النهج المتمسك بالثوابت والحقوق الرافض للمساومة والتفريط فيها.

hassan.hardan56 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى