الزعبي: كلّنا نقاتل سويّاً وفي جبهة واحدة بلبيسي: قناةٌ متواضعة الشكل لكلّ السوريين
نيرمين فرح
بعد آلاف السنوات، تُخرج الثورة التكنولوجية ملكة تدمر «زنوبيا» إلى الفضاء الإعلامي، لتتحدّث عن سورية الأمّ والحضارة والحداثة بكل تفاصيل مكوّناتها البشرية، وتحمل هموم شعبها السوري المتجذر في تاريخ ضارب في القِدم.
حضور «زنوبيا» كان واضحاً أمام الحضور عالي المستوى، بعد ضربة تلقّتها مؤخّراً في عقر تدمرها، من إرهاب سوداوي يحاول أن يلغي حضورها الماديّ، في ظل صعوبة إخراجها من منظومة التاريخ والذاكرة غير القابلة للمسّ.
«زنوبيا»، قناة فضائية سورية جديدة، تبحث عن إعمار قريب، وربما تكون متواضعة في بدايتها، إلا أنّها تشي بإعلام يبحث عن التميّز.
أسرة الإعلام السوري استقبلت وافداً جديداً تمثل بـ«قناة زنوبيا الفضائية» التي أُعلِن إطلاقها عبر حفل مخصّص لهذه الغاية، أقيم في قاعة «أميس» في فندق «شيراتون دمشق» مساء السبت. وذلك بحضور وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، الدكتورة كندة الشماط وزيرة الشؤون الاجتماعية، والياس مراد رئيس اتحاد الصحافيين، ومحمد رزوق رئيس المجلس الوطني للإعلام، ومديري المؤسسات الإعلامية، وحشد من الشخصيات الإعلامية والفنانين.
الزعبي
وألقى الزعبي كلمةً أكد فيها أن «قناة زنوبيا» تحصل على دعم كامل من وزارة الإعلام ومن الجهات المعنية في اتحاد الصحافيين والمجلس الوطني للإعلام، لتكون محطة تلفزيونية سورية تبث للعالم من دمشق. مشيراً إلى أن «زنوبيا» ستبدأ بثها على شكل محطة «سلايد تي في»، ثم ستتطور خلال فترة قريبة وبمساعدة وزارة الإعلام والجهات الوصائية إلى البث الفضائي المباشر والحي.
وعن تفاصيل العمل الإعلامي السوري وما يواجهه من تحدّيات ونواقص قد تكون تقنية أحياناً، اعتبر الزعبي أن الإعلام السوري مقارنةً بالمنظومات الإعلامية في العالم العربي والعالم، التي تتقدم عليه بالتقنيات وبالأداء، فإن ما يميزه مستوى الوعي الوطني ووضوح الرؤية والمصداقية. ولفت إلى أن الإعلام الوطني السوري بشقّيه العام والخاص أثبت خلال أربع سنوات من عمر الأزمة، أنه إعلام يستحق الاحترام، وأنه إعلام مقاوم ومقاتل، قدّم عدداً من الشهداء الذين ارتقوا وهم ينقلون ما تشهده مواقع القتال مع الجيش السوري».
وأشار وزير الإعلام إلى ضرورة مساندة الإعلام الوطني واعتماد النقد الهادف عبر الوسائل والأدوات السليمة التي تساعد في تطويره. مؤكّداً ضرورة مساعدة مؤسساتنا الوطنية والثقافية والفكرية، لا سيما في هذه المرحلة التي تمرّ بها البلاد.
ولم ينسَ الزعبي تقديم التحية للشهداء من الطاقم الإعلامي السوري، ليضيف ذكرهم إلى الحفل قدسية، فقال: «نفتخر بأن للإعلام شهداء سقطوا في مواقع القتال مع الجيش، ومن أجل هؤلاء وذويهم علينا جميعاً أن نقف ونساند الإعلام الوطني».
بلبيسي
وفي كلمته، وجّه رئيس مجلس إدارة «قناة زنوبيا» تامر بلبيسي التحية إلى شهداء سورية والرئيس بشار الأسد الذي يرسم لسورية طريق النصر والعزة والكرامة. وقال: «تعيا عقول الأعداء في فهم ألغاز قيادته وسحرها وشجاعته وحكمته، إزاء حربٍ عالميةٍ ترصد للخلاص منه مئة مليار دولار، وتحشد كلّ الجيوش والاستخباراتِ للنيل منه… وينتصر».
ورأى بلبيسي أن «قناة زنوبيا» ستكون صوتاً جديداً يضاف إلى جوقة الإعلام السوري، وحلقة وصل بين المواطن والمسؤول، وبين المغترب والوطن، لتعبّر عن صوت الشعب وإرادة الحياة لدى السوريين. وأشار إلى أنّ القناة ستركز على الأخبار السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وستعمل على إعداد الكوادر الإضافية والمختصة في العمل الإعلامي، لإطلاق البرامج التي تتناغم مع المواطن السوري. مشيراً للحاجة الماسّة إلى أصوات إعلامية واعدة تتحدّث عن سورية الحضارة والتاريخ، وتنقل الحقائق بعيداً عن التضليل الإعلامي الذي يمارَس ضدّ الشعب السوري في أزمته التي استمرت أكثر من أربع سنوات، والوصول إلى المواطن السوري بكل ما يعانيه من آلام نتيجة الحرب الإرهابية التي تمارَس ضده. ومن أجل إتمام الرسالة الإعلامية التي تهدف إلى توعية الشباب السوري حول قضايا الوطن، وضرورة مكافحة الإرهاب والفساد.
وأضاف بلبيسي: «سورية أقدم كلمة في التاريخ أظنّها، لأنّ الاسم الأول الذي ننطقه هو نداء الأمّ، و سورية أمّ البشرية وولّادة الحضارة. سورية هي زنوبيا، التي اتخذناها شعاراً وعنواناً لما نظنه منبراً مفتوحاً لكلّ السوريين».
واستطرد بلبيسي قائلاً: «في حرب العقول، أردنا الكلمة أن تكون زنوبيا… زنوبيا ملكة الحبّ والحرب، رمز الحضارة المتّصلة، عنوان العزّة والإباء، اسمٌ يتغنّى به السوريون من أطراف الجنوب… من درعا والسويداء، إلى شمال الشمال في إدلب وحلب الشهباء. زنوبيا رمزٌ لزوجات الشهداء وأمهاتهم وبناتهم وأبنائهم. زنوبيا قناةٌ متواضعة الشّكل بلا إبهار، لا ملح ولا بهار، تشبهنا ونحن نصحو من النوم قبل مساحيق التجميل وفنجان القهوة، أردناها أن تكون لكم منبركم، كلّكم ولكم».
تعويض عن نقص
خلال حفل الاطلاق، كان لصحيفة «البناء» لقاء مع الدكتور علي قاسم الذي اعتبر أن الانطباع الأول عن أيّ مولود إعلامي جديد في هذه الظروف والأوضاع، وضمن المعطيات التي تمرّ بها سورية، يُعتبر إنجازاً حقيقياً. وتابع: «السوق السورية تحتاج إلى المساحات الإعلامية وقنوات العمل الإعلامي بهذا المحتوى. المضمون الوطني بحاجة إلى مساحات كبرى لسد فراغات حقيقية وموجودة».
وتمنى قاسم أن تكون انطلاقة «قناة زنوبيا» تعويضاً عن حالات نقص في هذا المجال، وأن تكون بهذا المعنى وهذا الوضوح خطوة نحو إضافة المزيد من العمل النوعي والقيمة المضافة إلى العمل الإعلامي في سورية.
رديف حقيقي
واعتبر الإعلامي توفيق أحمد الإعلام الخاص، الرديف الحقيقي للإعلام العام، وقال: «أصبحنا لا نميّز بين الإعلامَيْن لأن القضية الوطنية استطاعت أن تكون رافعة لكلّ الإعلام، الخاص والعام. بكل الأحوال، الإعلام السوري الخاص إعلام حقيقيّ ذو رسالة حضارية وأخلاقية ومهنية، وذو رسالة مسؤولة جدّاً».
وأضاف:«نتمنّى أن تلعب قناة زنوبيا دوراً مهماً، وأن تنهض مع أخواتها القنوات الأخرى. وأن تكون سورية قادرة دائماً على أن تنتج إعلاماً ووسائل إعلامية مختلفة تؤدي الأغراض المنشودة، فهذا دليل عافية وصحّة».
وتوجه أحمد إلى طاقم «قناة زنوبيا» بالنصيحة قائلاً: «المطلوب، اليقظة في العمل، خصوصا في الأيام الاولى، والمطلوب أيضاً الدقّة والمتابعة البنّاءة على أسس سليمة كي تكون النتائج في المستقبل عظيمة».
واعتبر مدير «قناة الإخبارية السورية» عماد سارة أن الإعلام السوري بحاجة إلى كلمة حق. وقال: «سورية تتعرّض للكثير من التضليل والدجل والكذب، ونحن بحاجة إلى قناة وطنية صادقة للوقوف إلى جانب الوطن والشعب السوري في مواجهة هذا الإرهاب الذي يعاني منه الجميع يومياً».
وانطلقت «زنوبيا» على التردّد 12034 على القمر الصناعيّ «نايل سات»، وفي إطلاقها من أرض الوطن تخبر العالم أن الوطن هو الأساس في كل ما يفعله أبناؤه الشرفاء داخل سورية أو خارجها. و في نهاية الحفل، قُدّمت أوبريت «سورية السلام»، من كلمات الشاعر هيثم ترشيشي، وألحان وتوزيع ناصر الأسعد.