سورية تسوق السعودية إلى الساحة الحمراء

د. نسيب حطيط

يحاول الإخوان الوهابيون الجدد بأسماء «داعش والنصرة» وكلّ الجماعات التكفيرية إسقاط دمشق بعدما فشلوا قبل قرنين ووصلوا إلى «دوما» وحاصروا دمشق ثم انهزموا خائبين وما برحوا يرتكبون المجازر والذبح والسبي للمسلمين، كما فعلوا في الطائف وأهلها المسلمين السنة عام 1804، لأنهم رفضوا مبايعة الوهابية حيث يصف السيد أحمد بن السيد زيني دحلان إمام الحرمين ومفتي وفقيه الشافعية في عصره أواخر الدولة العثمانية ما قام به الوهابيون في هذه المدينة بالقول: «ولما دخلوا الطائف قتلوا الناس قتلاً عاماً واستوعبوا الكبير والصغير، والمأمور والأمير، والشريف والوضيع، وصاروا يذبحون على صدر الأم الطفل الرضيع، وصاروا يصعدون البيوت يخرجون من توارى فيها، فيقتلونهم، فوجدوا جماعة يتدارسون القرآن فقتلوهم عن آخرهم حتى أبادوا من في البيوت جميعاً. ثم خرجوا إلى الحوانيت والمساجد وقتلوا من فيها، ويقتلون الرجل في المسجد وهو راكع أو ساجد، حتى أفنوا هؤلاء المخلوقات».

يعيد الوهابيون الكرة مرة أخرى وينهزمون ثانية فيصيبهم الجنون والخوف وينكسر غرورهم وكبرياؤهم… كيف يهزمنا الأسد وشعبه؟

كيف يهزمنا اليمنيون الفقراء المحاصرون؟

كيف يهزمنا العراقيون بعدما أرسلنا آلاف الانتحاريين والتكفيريين؟

كيف تهزمنا المقاومة في لبنان ولا نستطيع الإمساك بالحكومة والسلطة مع كل ماندفعه من أموال لشراء الأحزاب والزعماء والصحف والفضائيات والكتبة؟

انهزموا في سورية فتحولوا إلى اليمن يستعرضون قوتهم وحسبوا أن أياماً ثلاثة ستسقط اليمن، ليكون عبرة للآخرين وأن عاصفة الحزم السعودية ستضرب العواصم المتمردة على المال الوهابي، وأن سورية ستسقط بالضربة القاضية بعد اليمن بالقوة والمال الذي ستشتري به السعودية المواقف في مجلس الأمن والجيوش من مصر وباكستان وستعلن تحالفها الصريح مع العدو «الإسرائيلي»، وأن قيام الإمبراطورية الوهابية يلوح في الأفق وجنرالات العباءات المنفوخة بالهواء يقودون العمليات وطائراتهم تحتل الأجواء، لكنهم لا يجرؤون على النزول إلى أرض الميدان بل يهربون من مواقعهم المكيفة حيث لا يجد المقاومون اليمنيون أي جندي مقتول في المواقع إلا بالقصف والآخرون فروا مع أغنامهم.

تجاوز خادم الحرمين المحظور ووقع في فخ البند الثامن من «نواقض الإسلام العشرة» التي كتبها الشيخ محمد عبد الوهاب حيث يقول: «مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين» تنقض الإسلام وتكفر الفاعل. ومع ذلك أرسل ولده محمد إلى روسيا لإغرائها بالمال والصفقات النووية والفضائية. وهؤلاء مسيحيون وبعضهم لا يزال يؤمن بالشيوعية، فكيف يتعاون معهم خادم الحرمين ضد المسلمين في اليمن وسورية وغيرها؟

«الفوبيا السورية» أصابت السعودية بالجنون خمس سنوات ولم يسقط الأسد وانهزم السعوديون، فتجاوزوا كل الخطوط الحمراء، وتعاونوا مع العدو «الإسرائيلي» وذهبوا إلى الساحة الحمراء في روسيا واشتروا المبعوثين الدوليين والصحف والإعلام، ولم تسقط سورية.

يظن السعوديون أنهم قادرون على تكرار ما فعلوه ضد صدام إبان غزو الكويت عند شرائهم للموقف الروسي عبر الرئيس غورباتشوف بأربعة مليارات دولار ولا بأس أن يكون المبلغ أربعين ملياراً لإسقاط الأسد، لكنهم لا يعلمون أن سورية تقاتلهم بجيشها وشعبها وحلفائها ورمزها الأسد، وسواء بقيت روسيا أو انقلبت، فحلف المقاومة قادر على الصمود والأحوال تغيرت، فالنار أصبحت داخل البيت السعودي وما زالت في الجنوب. لكن ما هي الضمانات بأن لا تصاب محطات الكهرباء والتحلية المياه في السعودية كما تقصف السعودية البنى التحتية في اليمن؟

من يضمن أن لا تشتعل آبار البترول كما تشتعل الحرائق في اليمن وسورية والعراق؟

من يضمن للروس المحاصرين بأحداث أوكرانيا والقرم وسابقاً في الشيشان وجورجيا أن لا ينتقل المارينز التكفيري إلى الجمهوريات السوفياتية السابقة وإلى قلب موسكو؟

لقد حوصرت روسيا كما حوصرت سورية وإيران، ولم تتعامل أميركا وأوروبا معها على أنها دولة عظمى بل من دول العالم الثالث المالكة للسلاح النووي والفاقدة لكل مقومات الصناعة والاكتفاء الذاتي، فإن خدعت روسيا بصفقات النووي والفضائي السعودي التي منحها شاب متهور وطامح، فيمكن أن يسلبها ملك عجوز في أي لحظة كما يحصل مع هبة الثلاثة مليارات إلى لبنان.

هل سينخدع الروس ثانية كما خدعوا في ليبيا؟

هل سيساوم الروس كما ساوموا في اليمن وخذلوا شعبه ومرروا الفصل السابع في مجلس الأمن؟

إذا ظن الروس بأنهم قادرون على عقد الصفقات المسمومة أو اللذيذة، فلولا سورية لما صافحهم أحد ولم يفتح لهم أحد أبوابه الموصدة منذ عقود، بل وقاتلهم في أفغانستان وكان سبباً في انهيار اتحادهم السوفياتي وسيكون سبباً بانهيار اتحادهم الروسي إن خدعوا ثانية أو خذلوا أصدقاءهم مقابل ثلاثين من الفضة؟

سياسي لبناني

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى