صيف وشتاء على سطح سعادة السفير الأميركي في لبنان السيد ديفيد هِلْ

المطران أنطونيوس شدراوي

ما إنْ انتهت الحرب العالمية الثانية حتى بدأت الولايات المتحدة الأميركية، التي يمثلها السيد ديفيد هِلْ في لبنان، بإثارة الحروب في كلّ مكان، ابتداء من فلسطين التي شرّدوا شعبها، ومن «حبّهم» الكبير للبنان أرسلوا إليه نصف مليون مشرّد، ومن ثم انتقلوا إلى كوريا مروراً بفيتنام وصولاً إلى العراق وأفغانستان.

غيرة تشبه غيرة الثعلب على الدجاجة. وثمة صيف وشتاء على سطح سعادة السفير هِلْ، فمضحك مبكٍ أن يتكلم عن أوكرانيا وعن التغيير في أوكرانيا، ولا يذكر أنّ بلاده هي وراء تلك الحوادث، لأنّ من قام بالانقلاب على الشرعية أتى من خارج أوكرانيا مدعوماً بالزخم الأميركي ومتذرّعاً كلّ مرة بالديمقراطية والحرية، وهذا بعيد تماماً عن الولايات المتحدة الأميركية.

في كل مرة نرى المسؤولين الأميركيين يصرّحون بغيرتهم على لبنان وينادون بحرية لبنان واستقلاله، لكنّهم لا يبوحون بكلمة واحدة عندما يحلّق الطيران «الإسرائيلي» في سماء لبنان ويجتاز الجيش «الإسرائيلي» حدود لبنان.

أسألكم يا سعادة السفير: كم مرة رفع لبنان شكوى إلى الأمم المتحدة، واتخذت قرارات بإدانة «إسرائيل» لتعدّيها على لبنان، لكن دولتكم كانت تسارع إلى استخدام حق النقض الفيتو ! مَن نادى بـ«الربيع العربي» وأوصل البلاد العربية جميعها إلى الكارثة التي تعيشها، ألستم أنتم؟ ألم تبشّر وزيرة خارجيتكم كوندوليزا رايس بالشرق الأوسط الجديد وبـ«الربيع العربي»؟ وما كانت النتيجة؟ مئات ألوف القتلى الذين تتحمّلون أنتم ولا أحد سواكم المسؤولية عن مقتلهم. المسيحيون يُذبحون ويُقتلون ويُشرّدون من بلادهم فيما ترسلون الأسلحة والعتاد إلى التكفيريين والإرهابيين باسم المعارضة. ما كنت أتصوّر يوماً أنّ الدولة التي نادت بالقضاء على الإرهاب تتحالف اليوم معه في الشرق الأوسط.

رؤساء كهنة خطفوا، ومضى أكثر من عام على خطفهم ولم نسمع كلمة واحدة من دولتكم تنتقد هذا العمل أو تضغط على ربيبتها تركيا للإفراج عنهم، بل نسمع يومياً على لسان رئيسكم أنه سيواصل إرسال السلاح إلى المعارضة السورية وسيعتبر مكاتبها قنصليات.

نحن لا نكره الشعب الأميركي بل نحبه لأنه طيب ويتحمّل جميع السياسات الخاطئة لحكومته.

تقولون إنّ الاستفتاء في شبه جزيرة القرم ليس قانونياً، ولكن هل هو في كوسوفو وغيرها، قانوني؟ هناك أشياء وأشياء لا أريد ذكرها الآن ولكن إذا أحرجنا سنذكرها.

مزّقتم صربيا واليوم تظهرون غيرتكم على أوكرانيا وعلى لبنان. وأسألكم: من بعث السلاح إلى الإرهابيين في طرابلس وغيرها لنعيش اليوم الحالة المخزية التي نعيشها في لبنان؟ من مهّد السبيل لأن يكون في لبنان هذا العدد من اللاجئين غيركم؟

أنا هنا في المكسيك أرى بالعين المجرّدة كيف تعامل دولتكم المكسيكيين الذين يبحثون عن لقمة العيش من دون شفقة أو رحمة. ولا أريد أن أتكلم عن الفرَق التي أنشأتموها لقتل هؤلاء المساكين طالبي الرزق لهم ولعيالهم.

إرفعوا أيديكم عن لبنان وعن أوكرانيا وسائر البلاد التي حطمتموها، ابتداء من صربيا مروراً بفيتنام وصولاً إلى ليبيا والعراق. إرفعوا أيديكم عن سورية الحبيبة باسم الحرية، فأنتم تدعمون من لا يعرف للحرية معنى.

نأمل ونسأل العلي القدير أن يكافئكم بمثل ما تصنعون بالشعوب، ويعيد السلام إلى أرض السلام التي حوّلتموها أرضاً للحديد والنار والقتل والدمار والذبح والخطف، باسم الحرية وأنتم أبعد الناس عنها.

ألا هداكم الله سواء السبيل وجعلكم تنظرون إلى الإنسانية بعين الرحمة والرأفة لا بعين القتل والتدمير.

متروبوليت المكسيك وفنزويلا وأميركا الوسطى وجزر الكاريبي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى