لوبان: الولايات المتحدة ليست حليفاً أو دولة صديقة لفرنسا
أثارت فضيحة تجسس أجهزة الاستخبارات الأميركية على مكالمات الرؤساء الفرنسيين ردود فعل داخل الأوساط السياسية في فرنسا، وقالت رئيسة الجبهة الوطنية الفرنسية المعارضة مارين لوبان إن الولايات المتحدة «ليست حليفاً أو دولة صديقة».
وأضافت المعارضة الفرنسية إنها تشعر بالقلق إزاء سلبية الموقف الفرنسي في مواجهة مثل هذه الممارسات، مطالبة الحكومة الفرنسية بالرد بقوة ووضع حد لـ«لطفها» مع الولايات المتحدة.
ووصفت لوبان عملية التجسس بأنها خطيرة جداً، مؤكدة أنها تهديد مباشر لسيادة فرنسا وأمنها واستقلالها، وأن ترد فرنسا على هذه المسألة بالانسحاب فوراً من المناقشات الجارية بشأن معاهدة الأطلسي.
وتابعت بأن مثل هذه الأساليب يجب أن تنتهي، وعلى الرئيس السابق ساركوزي والحالي هولاند أن يدركا أن الولايات المتحدة ليست حليفاً أو دولة صديقة.
من جهة أخرى، كتب وزير الخارجية السابق آلان جوبيه في تغريدة على صفحته الرسمية في «تويتر»، أنه لا يكفي في هذه الحالة أن ترضي فرنسا نفسها بإصدار بيان تنديد، فالحالة تستوجب توضيحات واستفسارات.
كما دان النائب الفرنسي جان مارك أورو عملية التجسس واصفاً ممارسات الحليف بـ«غير المقبولة»، مشيراً إلى التجسس على رئيس الوزراء السابق أيضاً، لا سيما أن الوثائق التي سربت تتحدث عن محادثة مع هولاند بخصوص الأزمة اليونانية.
وفي السياق، وصف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس تجسس الولايات المتحدة المزعوم على كبار المسؤولين الفرنسيين بأنه غير مقبول وحذر من أن باريس لن تتهاون مع الأعمال التي تهدد أمنها.
وجاء في بيان صدر بعد اجتماع عاجل لوزراء وقادة للجيش الفرنسي في أعقاب تسريب في موقع «ويكيليكس» جاء فيه أن وكالة الأمن القومي الأميركية تجسست على آخر ثلاثة رؤساء فرنسيين.
وقال البيان الذي أصدره مكتب الرئيس الفرنسي: «لن تتهاون فرنسا مع التصرفات التي تهدد أمنها وحماية مصالحها» مضيفاً أن مزاعم التجسس على المصالح الفرنسية كشفت في الماضي. وتابع: «قدمت السلطات الأميركية تعهدات. تحتاج إلى تذكرها واحترامها تماماً».
وفي السياق، قال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لو فول: «نجد صعوبة في فهم أو تصور الدوافع التي تجعل حليفاً يتجسس على حلفاء يتخذون في الغالب المواقف الاستراتيجية نفسها في الشؤون العالمية».
وأوضح أن بلاده سترسل مسؤولاً كبيراً في المخابرات إلى الولايات المتحدة في الأيام المقبلة لبحث تقرير سربه موقع «ويكيليكس» يكشف تجسس واشنطن على ثلاثة رؤساء فرنسيين على الأقل بين عامي 2006 و2012.
وقال لي فول للصحافيين إن «منسق المخابرات الفرنسية سيتوجه إلى الولايات المتحدة»، مشيراً إلى أن السفيرة الأميركية في فرنسا ستلتقي وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في تمام الساعة 1800 بالتوقيت المحلي 1600 بتوقيت غرينتش بعد استدعائها.
وقال كلود جيون كبير هيئة العاملين بالرئاسة الفرنسية خلال حكم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي: «أخذاً في الاعتبار بالعلاقة الوثيقة جداً التي بيننا وبين الولايات المتحدة وأخذا في الاعتبار بالحقيقة القائلة إننا حلفاء مخلصون لأبعد حد، أشعر بأن مثل تلك الثقة فقدت».
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في مؤتمر صحافي جمعه بنظيره السعودي أحمد الجبير أمس، إن عمليات التنصت الأميركي على الرؤساء الفرنسيين غير مقبولة، مشيراً إلى أن باريس ستنقل موقفها للسفيرة الأميركية بباريس.
وأضاف فابيوس، أنه سيتصل بنظيره الأميركي لمزيد من التفسيرات والإيضاحات حول الموضوع، مشدداً أنه على الولايات المتحدة احترام خصوصيات فرنسا، مؤكداً أن باريس ستأخذ الموضوع بشكل جدي للغاية، وأشار إلى ضرورة وجود ثقة بين الحلفاء تمنع مثل هذه التصرفات والممارسات.
تحت عنوان «التجسس على الإليزيه»، كشف موقع «ويكيلكس» عن الوثيقة المسربة، مؤكداً أن الوثائق تثبت مراقبة الوكالة الأميركية لاتصالات هولاند الذي يشغل منصب الرئاسة الفرنسية منذ عام 2012 وحتى الوقت الراهن، إضافة إلى وزراء في الحكومة الفرنسية والسفير الفرنسي في الولايات المتحدة.
وأشار «ويكيليكس» إلى أن الوثائق تتضمن أرقام الهواتف المحمولة لعدد من المسؤولين في القصر الرئاسي الفرنسي بما في ذلك الهاتف المحمول المباشر للرئيس، كما تضمنت الوثائق ملخصات لمحادثات بين مسؤولي الحكومة الفرنسية بشأن الأزمة المالية الدولية وأزمة الديون اليونانية والعلاقات بين إدارة هولاند وحكومة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
وفي بيان صدر باللغتين الإنكليزية والفرنسية، قال «ويكيليكس»: «بينما ركزت التسريبات الألمانية على استهداف المخابرات الأميركية كبار المسؤولين، فإن ما نشر اليوم يقدم صورة أشمل عن تجسس الولايات المتحدة على حلفائها».
وعلّق مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانغ على نشر وثائق الفضيحة الجديدة بالقول: «للشعب الفرنسي الحق في معرفة أن الحكومة التي انتخبها تعرضت لتجسس معادي من جانب حليف مفترض. نحن فخورون بالعمل مع رائدي المطبوعات الفرنسية Liberation وMediapart»، مضيفاً أنه بإمكان الفرنسيين انتظار إماطة اللثام عن أمور أكثر أهمية في المستقبل القريب.
ونفى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي نيد برايز تحديداً أنباء تجسس استخبارات الولايات المتحدة على مكالمات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من دون الإشارة إلى التجسس على رؤساء فرنسا السابقين، قائلاً في بيان بهذا الشأن: «نحن لم نستهدف، ولن نستهدف وسائل اتصال الرئيس هولاند… نحن لا نجري مراقبة استخباراتية خارج الحدود عدا تلك المحدودة ذات العلاقة بمصالح الأمن القومي، وهذا يسري على المواطنين العاديين وزعماء العالم»، مضيفاً أن الأميركيين يعملون بشكل وثيق مع الفرنسيين في جميع القضايا الدولية التي تثير القلق، وأن فرنسا شريك مهم للولايات المتحدة.
يذكر أن هذه التسريبات نشرت بادئ الأمر في صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية اليومية وموقع «ميديابارت» الإخباري اللذين أفادا بأن وكالة الأمن القومي الأميركي تجسست على الرؤساء على الأقل خلال الفترة بين عامي 2006 و2012.
وكان المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركي إدوارد سنودن كشف أن واشنطن نفذت عمليات تجسس إلكتروني واسعة النطاق في ألمانيا وزعم أن الوكالة تجسست على هاتف المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل، علماً بأن السلطات الألمانية أغلقت التحقيق في قضية التجسس الأميركي على هاتف المستشارة الألمانية.