تنسيق أمني بين حزب الله و«القوات» «الكتائب» يتأرجح بين تشدّد معراب ومرونة الرابية حيال الضاحية
هتاف دهّام
يحاول حزب «القوات» فتح قنوات اتصال غير مباشرة مع حزب الله. سعى رئيسه سمير جعجع ولا يزال عبر وسطاء للتلاقي والحوار مع حزب الله، لكن أي لقاء لم يحصل حتى الساعة.
يؤكد حزب الله أن الأمور مرهونة بأوقاتها وبالتطورات وأن المانع الرئيسي لعقد لقاءات حوارية مع حزب «القوات»، هو المواقف السلبية جداً التي تتخذها «القوات» تجاه الوضع السياسي في شكل عام والمقاومة في شكل خاص.
يبدي حزب الله انفتاحاً للحوار مع جميع الأفرقاء والجلوس الى طاولة واحدة معها، لضبط الوضع الداخلي والتوحد لمواجهة أخطار المنظمات الارهابية، وتخفيف الاحتقان والتشنج.
يتحادث نواب حزب الله ونواب «القوات» في المجلس النيابي على هامش الجلسات التشريعية وجلسات اللجان النيابية. يلتقي مسؤولو الحزبين في المؤتمرات الخارجية. وجرى لقاء بالمصادفة منذ فترة في مصر بين وفد قيادي من حزب الله ونواب من حزب «القوات» على هامش مشاركة الوفدين في إحياء ذكرى مجزرة الأقباط في مصر. هذا التواصل الرسمي والمحدود سبقه جلوس السيد نصر الله ورئيس حزب القوات سمير جعجع وجهاً لوجه الى طاولة حوار عين التينة قبل حرب تموز.
وضع حزب الله في السابق «فيتو» على الحوار مع حزب «القوات»، لارتباط معراب في المرحلة السابقة بالتعامل مع «إسرائيل». لم تتبدّد الأمور، وموقف حزب الله لا يزال نفسه. يتريث مسؤولو حزب الله في الإجابة عن امكانية الحوار بين الطرفين، لكنهم لا يقولون إنّ الحوار مستحيل بعدما كان في السابق من سابع المستحيلات.
يكيل جعجع الاتهامات الى حزب الله في العلن ويعتبر «أنّ تورّطه في القتال في سورية خطير جداً على لبنان، والانفجارات والهجمات التي وقعت في لبنان ومحاولة المسلحين السوريين مهاجمة بعض القرى اللبنانية على الحدود ليست سوى أمثلة قليلة تدلّ على مدى تأثير تدخل الحزب في سورية»، لكن ضمناً يؤكد جعجع في الصالونات الخاصة أنه يؤيد ما قام به حزب الله في سورية. ويعتبر انه حمى المسيحيين من ويل الإرهابيين. ويقول: «نحن وحزب الله نستطيع التفاهم، وإذا وصلت «النصرة» الى لبنان سنقاتلها».
يبدي قائد «القوات» اليوم ترحيبه بإشراك حزب الله لمناصريه في بعض الأمور الدفاعية في البقاع الشمالي لدرء التكفيريين عن رأس بعلبك والقاع، بعد معارضته الشديدة في البداية التعاون بين القواتيين وسرايا المقاومة في البقاعين الشمالي والاوسط.
وعليه، إن التنسيق الأمني والعسكري غير المباشر ما بين حزب الله والقوات اللبنانية مستمر في مناطق البقاعين الشمالي والاوسط منذ المواجهة التي حصلت في معراب بين مسؤولي المناطق في «القوات اللبنانية» والدكتور جعجع مباشرة، والتي أكد فيها مسؤولو «القوات» في المناطق البقاعية لـ «حكيمهم» علناً بأنهم لن يترددوا في تلقي السلاح والذخائر من حزب الله في مناطق رأس بعلبك والقاع وقوسايا وتربل ودير الغزال لحماية مناطقهم. وأمام كل ذلك، ترك جعجع الخيار لكلّ قسم من أقسام «القوات» في البقاع لاتخاذ ما تراه مناسباً .
وهنا يأتي التعاون في إطار التنسيق الميداني الذي يجري بين أهالي منطقة رأس بعلبك والقاع من مختلف القوى والأحزاب السياسية في فريقي 8 و14 آذار لحماية البلدات البقاعية من أي تسلل للجماعات الإرهابية.
فتح التنسيق الميداني الباب أمام محاولة التنسيق السياسي بين «القوات» وحزب الله في شكل غير معلن في ظلّ ما تردّد عن لقاءات بين مسؤول في «القوات» ومسؤولين في حزب الله في منطقة الخنشارة منذ ايام بحضور نائب لبناني مقرّب من حزب الله. وكانت معلومات أكدت عن لقاءات غير معلنة بين مسؤولين في حزب الله في بلدات قب الياس والكرك وشتورة والمعلّقة من بينهم الحاج سمير د. ومسؤولون في «القوات» في البقاع، للتنسيق في الخطط الدفاعية في وجه أيّ هجوم أو اعتداءات تكفيرية أصولية.
وفي سياق متصل اعتبرت مصادر في حزب «القوات» أن هناك ما يشبه المؤامرة والتحضير للاعتداء على مسيحيّي لبنان من خلال ما جرى تسريبه من أشرطة التعذيب في سجن رومية وإظهار الجلادين في رومية أنهم من الطائفة المسيحية ويقومون بشتم المسؤولين الأصوليين والاستهزاء بمفاهيمهم الدينية كحور العين والعمليات الاستشهادية، ومن ثم نشر صور العناصر الأمنيين في سجن رومية التي قامت بضرب المعتقلين على مواقع «الفايسبوك»، وخلفها الكنائس والصلبان وكتب على الصور عبارات تهديد ووعيد وشتائم.
من المبكر الحديث عن حوار سياسي بين حزب الله و«القوات اللبنانية» التي لا تخفي في حقيقة مواقفها عداء صريحاً وجدياً للمقاومة والمحور الذي تنتمي اليه، لا سيما ان الحوار بين حزب الله و«الكتائب اللبنانية» وصل إلى طريق مسدود نتيجة مواقف «الكتائب» المضطربة على رغم أنّ أياً من المتحاوريْن النائبين علي فياض عن حزب الله وإيلي ماروني عن الكتائب لم يعلن ذلك.
انّ المكتوب يقرأ من عنوانه. رفض الصيفي إطلاق تسمية حوار على لجنة التداول التي شكلت من فياض وماروني مراعاة للشارع المسيحي كما يقول الكتائبيون. أوصد «الكتائب» الابواب أمام إمكانية البحث في الاستحقاقات الداخلية البعيدة من الملفات الخلافية المتعلقة بالأزمة السورية وسلاح حزب الله. لم يتوصل نائبا كتلة الوفاء للمقاومة و«الكتائب» إلى نقاط مشتركة لمقاربة الملف الرئاسي وملف القانون الانتخابي.
ينتمي حزب «الكتائب» في النهاية الى محور 14 آذار على رغم تمايزه عن هذا الفريق ليس حفاظاً، كما يقول وزير العمل سجعان قزي في أحد مقالاته، على استقلاليته فقط، بل حرصاً على استقلالية «14 آذار». وينتمي حزب الله الى محور 8 آذار، والمحوران متناقضان يتواجهان سياسياً واعلامياً ووطنياً.
لم تتمكن لجنة التداول من حلّ الملفات الخلافية الكبرى شأنها شأن حوار عين التينة. لكن اللافت ان تيار المستقبل يتمتع بمرونة أكثر من حزب «الكتائب». ويشهد على ذلك تراجع رئيسه السابق أمين الجميّل والرئيس الحالي النائب سامي الجميّل وقزي وماروني، عن سلسلة مواقف حصل التوافق عليها مع حزب الله، سواء في أصل اللقاء أو في مواضيع البحث. وربما يعود ذلك إلى أن «الكتائب يعيش تأرجحاً بين التشدّد القواتي والمرونة العونية».
وفي موازاة كلّ ذلك لا تزال قناة الحوار مفتوحة بين الطرفين، وتجلى ذلك في اتصال النائب فياض بالنائب الجميّل مهنئاً باسم قيادة حزب الله بانتخابه رئيساً لـ«الكتائب»، وتأكيد الجميّل على أهمية الحوار بين الطرفين.