سورية: ماذا بعد إقرار واشنطن بتبعثر برنامجها لتدريب المسلحين؟

حميدي العبدالله

بتاريخ 19-6-2015 أعلنت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون «إنّ الجهود الأميركية لبناء قوة سورية مسلحة معتدلة يمكنها مواجهة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام تسير ببطء أكثر من المتوقع»، وعزا البنتاغون أسباب البطء إلى ما أسماه «تعقيدات في التحقق من هوية المتطوّعين وإخراجهم من سورية للتدريب». واعترف البنتاغون أنه بعد كلّ التحضيرات فإنّ هناك حوالي ما بين 100 إلى 200 شخص أصبحوا جاهزين للتدريب فقط.

ما هي الأسباب التي دفعت مسؤولي البنتاغون إلى الإدلاء بهذه المعلومات التي يدركون مسبقاً أنّه ستكون لها تداعيات على الأوضاع الميدانية في سورية.

هناك واحد من ثلاثة احتمالات تفسّر هذا الإعلان غير المسبوق، وبهذه الصراحة وعلى هذا المستوى الرسمي.

الاحتمال الأول، الإقرار بالحقيقة، وبما هو عليه الحال واقعياً، كي لا تعلق الآمال على أشياء غير موجودة، وكي لا تكون هناك رهانات لا تستند إلى أيّ أساس، لاسيما وأنّ مواعيد بدء التدريبات في كلّ من الأردن وتركيا مرّ عليها وقت طويل منذ شباط الماضي، وبديهي أن يتمّ التساؤل عن وجود هذه القوة التي جرى تدريبها، وما هو حجمها، وما هو مستوى دورها وتأثيره على مجريات الوضع الميداني، والتوازنات، سواء مع الدولة السورية أو مع تنظيم «داعش».

الاحتمال الثاني، وقد يكون منبثقاً من الاحتمال الأول، تهيئة الرأي العام لقبول مستوى من مستويات التعاون مع الدولة السورية لمحاربة داعش، باعتبار أنّ العمليات الجوية وصلت إلى طريق مسدود ولم تحقق أيّ تبدّل ميداني، والتعاون مع وحدات الحماية الشعبية، يمكن أن يحقق مكاسب ولكن هذه المكاسب تظلّ محصورة في المناطق ذات الأغلبية الكردية أو القريبة منها، وهي مناطق متاخمة للحدود التركية وتثير من المشاكل للولايات المتحدة أكثر من الإيجابيات التي تحققها، ولا سيما لجهة قلق تركيا من هيمنة وحدات الحماية التابعة لحزب العمال الكردستاني التركي في هذه المنطقة.

الاحتمال الثالث، أن يقود هذا الاعتراف إلى تبرير التعاون مع «جبهة النصرة» وتنظيمات «القاعدة» الأخرى، لا سيما أنّ «المكاسب» التي جرى تحقيقها في محافظة إدلب تمّت من خلال التعاون بين الولايات المتحدة وتنظيمات «القاعدة»، وهذا ما تمّ الاعتراف به من قبل بعض محللين في مراكز أبحاث أميركية لها صلة وثيقة مع دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة، وتموّل من قبل الدول الخليجية المنخرطة في الحرب على سورية.

من الصعب معرفة أيّ من الاحتمالات الثلاثة التي تفسّر هذا الاعتراف غير المألوف وغير المتوقع، قد تكون جميعها حاضرة الآن، ولكن في المستقبل لا بدّ من سلوك السياسة الأميركية وجهة واحدة ومن الصعب استمرار تلازم الاحتمالات الثلاثة في آن واحد لفترة طويلة، وتحديداً إذا وصل الرهان على تنظيمات «القاعدة» إلى طريق مسدود، وباتت عاجزة عن تحقيق المزيد من التقدّم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى