الإرهاب بين عواصف الإعلام ونكبات الميدان
د. سليم حربا
المتابع لقنوات الإرهاب يلاحظ حجم التهويل والتهديد والفورة الفضائية والإنجازات الهوائية والمعارك والملاحم وعواصف الجنوب والشمال المزعومة، ويكاد المرء لا يستطيع أن يصل إلى نهاية حبال الكذب والتهويل وما يتمّ نشره عليها من أوساخ قواميس الإرهاب التي لا تغلق صفحاتها، الصفراء والسوداء والحمراء لتنظيم القاعدة بـ «دواعشه» و»نصرته»، وتتلقف دول وأنظمة الإرهاب والعدوان اللحظة لتتبنّى وتتمنّى وترسم وتخطط وتسرّب خرائط دروب للعدوان والإرهاب في إطار جوقة أو طبيخ قرباط يُطبخ في غرف عمليات الإرهاب الإعلامي بهدف الترويع لتحقيق الهزيمة النفسية والمعنوية للشعب العربي السوري، كمحاولة لتعويض نكبات ونكسات وخيبات الإرهاب في الميدان.
كل ذلك يذكّرنا من خمس سنوات خلت بالمواعيد التي ُقطعت والمعارك التي أُطلقت والملاحم التي اندثرت والبراكين والزلازل التي خمدت والمجاميع الإرهابية التي انهارت واندحرت وساعات الصفر التي تحطمت.
وفي ضوء هذا السعار الإعلامي الإرهابي الفضائي الإلكتروني، فإنّ الميدان يقول وهو أصدق أنباء إنّ المبادرة بيد الدولة السورية في طول البلاد وعرضها وإذا كان مشهد الميدان معقّد في بعض المناطق والنقاط فهذا لا يعني خوفاً أو تبدّلاً، وباستعراض غيض من فيض الصمود والإنجاز للشعب والجيش السوري ففي حلب التي تعرضت في الأسبوع الماضي لأكبر وأخطر حشد إرهابي عدداً وعدة ولجأت من خلاله لمحاولة فتح عشرات الجبهات واعتماد استراتيجية القتل بدل استراتيجية القتال وأطلقت أكثر من 7000 قذيفة حقد من هاوناتها ومدافع جهنمها وكانت النتيجة اندحارها ومقتل أكثر من 600 قتيل من إرهابييها، ولم تستطع السيطرة على متر أو مبنى واحد وفقدت الكثير من قدرتها، وحتى لو تكررت محاولاتها فلن يكون مصيرها إلّا كسابقاتها بعد أن فقد الإرهاب قوته الدافعة وتصدّع عموده الفقري في تركيا أردوغان وحزبه .
ولا يختلف المشهد في إدلب حيث استجمعت مجاميع الإرهاب جل قطعانها وحاولوا التمدد باتجاه الغاب وحماه لكن أعاصير الميدان التي أطلقها الجيش السوري حوّلت مجاميع الإرهاب التي هاجمت من محيط جنة القرى إلى جهنم وبئس المصير وراحت تلعق جراحها وخيباتها وتلملم قتلاها الذين فاقوا 235 قتيلاً وضعفهم من المصابين إلى مصحّات أردوغان.
إلى القلمون الذي يرسم فيه الجيش السوري والمقاومة اللمسات الأخيرة لخواتيم المعركة وسحق ما تبقى من فلول «داعش» و»نصرتها» في جرود الجراجير وقارة وعرسال وينحصر اهتمام فلول مرتزقتها في تأمين مسارب فرار ليبدأ الجيش السوري والمقاومة بالتوازي مع إنضاج الجواب على ماذا بعد القلمون؟ وصولاً إلى ملحمة مطار الثعلة التي أسقط جيشنا وأهلنا فيها أخطر مشاريع الكيان الصهيوني ومرتزقته، عندما أراد أن يفتح بوابة الإرهاب على السويداء لترويع وتطويع وتطبيع أهلها مع جبهة «النصرة» ذراع تنظيم القاعدة والكيان «الإسرائيلي»، لكنهما لعقا خيبتهما وجراحهما من لعنة الثعلة وراحا للتعويض في ريف القنيطرة، وتحديداً باتجاه بلدات حضر وحرفا وخان أرنبة، وكان الجواب أوقع من أهلنا وجيشنا في تلك التلال والثغور والبلدات، ما عمّق الخيبات والنكبات وزاد أعداد قتلى المجموعات الإرهابية وبعداداتها وسجلات دخولها إلى مستشفيات كيان العدو.
ولأنّ دول العدوان والإرهاب تتألم ولم تتعلم، لجأت إلى إطلاق ما يسمى عاصفة الجنوب لعلّها تضخ بعض الهواء في عاصفة الحزم السعودية التي باتت تهدد بني سعود وعروشهم بالاقتلاع قبل وبعد ويكيلكس، فحشدت آلاف القطعان والأسلحة والعتاد تحت راية جبهة النصرة وعملياتها في الموك وهاجمت مدينة درعا، وكانت النتيجة صموداً أسطورياً سورياً شكّل صداً ووضع حداً وأنضج رداً في درعا ومحيطها، وتدحرجت مئات الرؤوس الإرهابية وراحت جبهة النصرة وأذرعها الإرهابية الـ 32 تلملم قتلاها وتلعق فشلها وخيبتها التي وصلت إلى قلب كيان العدو وحلفه لتعمق نكباته، ولتؤكد نتائج المعركة على علو كعب الجيش السوري في الميدان وتذكّر من فقد ذاكرته أن رفع العلم السوري في سماء القنيطرة في مثل هذا اليوم من عام 1973 قد تحوّل إلى نهج وذاكرة وإرادة وإدارة وقرار وصراط وطني.
نعم هي فورة إرهاب إعلامية لكن الميدان يقول إن هناك نكبات ونكسات وخيبات لمشروع الإرهاب وأن هنا قرار سوري وطني لا يقبل التراجع والنقض يحوّل درعا إلى درع والحسَكَة إلى حسْكة في حلق الإرهاب ويعلّم الكون كيف ترسم سورية خريطة النصر.