تركيا تنشر مدرعاتها على الحدود السورية وطهران تحذر
نشر الجيش التركي مدرعات عسكرية في نقاط على الحدود مع سورية في غازي عنتاب وكيلس، حيث سيرت الوحدات التابعة لقيادة الفوج الخامس المدرع دوريات على طول الحدود ونشرت مركبات مدرعة في بعض النقاط القريبة من معبر «قره كامش».
يأتي ذلك بعد ساعات على إقرار مجلس الأمن القومي التركي خططاً عسكرية، قدمها رئيس الأركان لإقامة منطقة عازلة في شمال سورية على امتداد الحدود مع تركْيا، بطول مئة وعشرة كيلومترات وبعمق ثلاثين كيلومتراً وهي ترمي الى منع تسلل عناصر «داعش» إلى تركيا ومنع إقامة دولة كردية في شمال سورية، بحسب ما أعلنت تركيا.
وانطلقت 32 دبابة فضلاً عن عربات وحافلات نقل الجنود، من قيادة اللواء المدرع الخامس، في ولاية غازي عنتاب، باتجاه بلدة إيلبيلي في كيليس، المتاخمة للحدود مع سورية، حيث ستتموضع في النقاط المحددة لها في البلدة.
و تسرب عن الخطة العسكرية التركية أن عملية تأمين المنطقة العازلة تلك ستكون بمشاركة نحو 30 ألف جندي من بين 54 ألفاً منتشرين على الحدود السورية التركية، وستشارك فيها أيضاً عشرات المروحيات.
وعد معارضون أتراك الأمر تمهيداً لتدخل عسكريّ في شمال سورية الأمر الذي يفرض أجندة حرب على أيّ حكومة جديدة، في حين أوضح المتحث باسم الرئاسة التركية ابراهيم قالن أن التعليق على التدابير التي اتخذتها تركيا من أجل حماية حدودها بعناوين مثل « تركيا تدخل الحرب»، أو «تركيا تلقي بنفسها في النار»، غير صائب، لافتاً إلى أن المهمة الأساسية لأي بلد هي حماية حدوده واتخاذ الإجراءات اللازمة المتعلقة بذلك.
وأضاف قالن أن هناك محاولات لوضع اسم تركيا وتنظيم «داعش» في الإطار نفسه، وذلك بخصوص الهجمات التي وقعت في مدينتي تل أبيض وعين العرب كوباني خلال الأسبوع أو الأسبوعين الأخيرين، مشدداً على عدم وجود أي علاقة بين تركيا و«داعش» أو أي تنظيم إرهابي آخر، وأضاف: «لم يكن من قبل ولن يكون».
وذكر المتحدث التركي أن بلاده لن تقوم بأي عملية داخل الأراضي السورية بمفردها، وإنما بتنسيق مسبق مع المجتمع الدولي والتحالف، مؤكداً أن التدابير التي ستتخذها القوات التركية على الحدود تأتي لتأمين سلامة المواطنين الأتراك وأمن الحدود.
وأشار قالن إلى أن تركيا أكدت سابقاً ضرورة إنشاء «منطقة حظر طيران»، مبيناً أن تلك المنطقة تشكل أرضية مناسبة من أجل أمن حدود تركيا، واستضافة اللاجئين هناك، إضافة إلى أنشطة تدريب وتجهيز «الجيش السوري الحر والمعارضة المعتدلة»، بحسب قوله.
من جهته، أكد رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كيليتشدار أوغلو أن رجب طيب أردوغان يحرض على الحرب من أجل تحقيق مصالحه وأهوائه الشخصية بينما تركيا تفتقر الى حكومة فعالة.
وقال كيليتشدار أوغلو أمس «إن الحروب ليست تسلية للاطفال كما أنها ليست أداة السياسيين لتلميع سمعتهم التي خسروها بل السياسي الجيد هو الذي يعي أن الحروب لا تحقق له ما يسعى اليه من نجاحات بقدر ما تسبب للجميع من دمار وآلام».
وخاطب كيليتشدار أردوغان من دون أن يسميه بالقول: «إن مستقبل هذا الوطن ليس العوبة بأيديكم تفعلون بها ما تشاؤون وعلى الجميع الا ينسى أن الحروب لا تأتي الا بالدمار والخراب للدول وأن الذين يتخذون قرار الحرب هم دائماً جهلة ويفتقرون لبعد نظر ورؤية واقعية لأنهم يدمرون بلادهم وبلاد الآخرين».
وأضاف كيليتشدار أوغلو «إن حزب الشعب الجمهوري حذر من السياسات التي تتبعها حكومة حزب العدالة والتنمية تجاه سورية منذ البداية وأصر على أنها خاطئة بينما قابلت الحكومة ذلك بتوجيه الاتهامات للحزب من أجل التستر على أخطائها ومحاولة البحث عن مخرج لأزمتها».
وفي السياق، حذر مساعد وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبداللهيان من اي تحرك عسكري لدول جوار سورية في المناطق الحدودية سيعقد الاوضاع، مضيفاً أن الحل في سورية سياسي فقط.
وأضاف المسؤول الإيراني أن ايجاد مناطق عازلة لن يساعد على حل الأزمة السورية والسعي لإيجاد حلول عسكرية يشكل خطراً على امن المنطقة.
جاء ذلك في وقت التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الأميركي جون كيري في فيينا على هامش المفاوضات النووية، وأكد الوزير الروسي أنه تبادل وكيري أفكاراً محددة حول سبل مكافحة «داعش» وجمع جهود جميع من يرى في هذا التنظيم شراً مطلقاً وهو مهتم حقيقة باستئصال الإرهاب من هذه المنطقة الحوية من العالم.
وكشف لافروف عن مشاورات قد تجري قريباً بين موسكو وواشنطن في شأن محاربة التنظيم الارهابي، مشيراً أن ذلك سيتطلب عملاً تمهيدياً، وأضاف أن لدى الطرفين إدراكاً تاماً بأن مكافحة «داعش» تتطلب جهوداً أكثر نشاطاً.
وأوضح الوزير الروسي أن الحديث يدور عن تحركات تحظى بتأييد جميع الأطراف التي تواجه «داعش»، مؤكداً أن هناك تفاهماً بين روسيا والولايات المتحدة حول ضرورة منع محاولات «استخدام جماعات إرهابية لتحقيق أهداف آنية، بما فيها أهداف سياسية موجهة ضد هذا النظام أو ذاك».
الى ذلك، ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن تنظيم «داعش» الذي دعم الغرب قيامه بغية إسقاط الدولة السورية خرج من تحت سيطرة رعاته الغربيين وبدأ بالسعي في تحقيق مصالحه الخاصة.
وقال أناتولي أنطونوف نائب وزير الدفاع الروسي للصحافيين عقب اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون في بطرسبورغ أمس، إن «قيام كيان إرهابي يطلق عليه «الدولة الإسلامية» في العراق وسورية يثير قلقاً بالغاً»… «تشكيل التنظيم جاء بدعم مالي وعسكري من دول الغرب وحلفائه، من أجل القضاء على نظام بشار الأسد»… «أما الآن يخرج الإرهابيون والمتطرفون من تحت السيطرة وهم يسعون لتحقيق مصالحهم الخاصة».
وحذر المسؤول العسكري من أن هذه التطورات الخطيرة في الشرق الأوسط تهدد دول منظمة شنغهاي بصورة مباشرة، قائلاً: «لم يعد سراً على أحد أن آلاف المتطرفين يكتسبون الخبرة في الشرق الأوسط، وبينهم من وصل من الدول الأعضاء في دول شنغهاي… ولقد شاهدنا في فرنسا والدنمارك ودول أخرى ما يمكن أن يرتكبه هؤلاء المسلحون بعد عودتهم إلى ديارهم».