تطمينات فلسطينية ولكن…
حسين حمّود
عادت المخيمات الفلسطينية إلى دائرة الضوء بعد الإشكالات المتعددة والمتنوعة، التي شهدتها في الأيام القليلة الماضية، ولا سيما في مخيمي عين الحلوة والبداوي. وكان آخرها إطلاق مجهول قنبلة يدوية في سوق الخضار في عين الحلوة، وقبلها إشتباكات متفرّقة بين مجموعات مسلحة مختلفة.
وفي ظلّ هذه الأجواء وصل إلى بيروت وفد من قيادة حركة «حماس» برئاسة عضو المكتب السياسي للحركة رئيس مكتب الشؤون السياسية فيها موسى أبو مرزوق والتقى عدداً من المسؤولين اللبنانيين. ومن بين المواضيع التي بحثها الوفد مع من التقاهم الوضع الأمني في المخيمات الفلسطينية «غير المستقر جزئياً»، على ما قال، مركزاً على «حلّ هذه المشاكل من طريق الحوار والبعد عن استخدام السلاح والعنف».
لكن مصادر فلسطينية مطلعة أكدت لـ«البناء» أنّ الزيارة الحمساوية لا تنحصر في موضوع المخيمات بل هي تتعلق في الأساس بموضوع العلاقات بين حزب الله وحركة «حماس» التي شابها نوع من الفتور، إنْ لم يكن أكثر، على خلفية الأحداث في سورية وموقف بعض قيادات «حماس» منها. ونقلت المصادر معلومات عن لقاء بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وأبو مرزوق.
أما في موضوع المخيمات، فقد أكدت المصادر، التي أوضحت أنها على تواصل مستمرّ مع القيادات الأمنية فيها، أنّ «الوضع ممسوك جيداً» وتجري عملية مسح لأضرار الاشتباكات الأخيرة في الممتلكات في مخيم عين الحلوة، تمهيداً للتعويض على أصحابها، وأنّ الإتصالات واللقاءات متواصلة لتطويق ذيول تلك الاشتباكات، وتوافق جميع الأطراف على معالجة الشوائب بالحوار. وتؤكد المصادر في هذا السياق، أنّ الكلّ متجاوب في هذا الأمر.
وبالنسبة إلى الأعمال الأمنية التي يشهدها المخيم بين حين وآخر، فقد اعتبرت المصادر أنّ «هذا الأمر طبيعي» في «بقعة أرض يعيش عليها حوالى 120 ألف نسمة ويتوزعون على انتماءات سياسية وعقائدية مختلفة، لكن الوضع إجمالاً تحت السيطرة».
وعما تردّد من معلومات عن أنّ الجماعات الإسلامية المتشدّدة المرتبطة بـ«القاعدة» و«داعش» و«جبهة النصرة» وبقايا «جند الشام» و«فتح الإسلام» وجماعة الفارّ من وجه العدالة أحمد الأسير المتوحدين تحت اسم «الشباب المسلم»، تحضّر لعمل أمني في المخيم، نفت المصادر علمها بهكذا معلومات، مؤكدة في المقابل تجاوب «الشباب المسلم» مع الدعوات إلى الحوار وتهدئة الأوضاع في المخيم «لأنّ التوتير ليس من مصلحة أحد لا بل بالعكس ستكون له تداعيات سلبية جداً على جميع الفلسطينيين».
لكن مصادر أخرى، كشفت أنّ الجماعات المتطرّفة تقوم بالتمدّد داخل مخيم عين الحلوة تحت الستار الدعوي»، وهي باتت تسيطر على أحياء عدة وتعدّ في مرحلة لاحقة لعمل تفجيري كبير يتيح لها السيطرة على المخيم، وقد حصلت عدة اجتماعات بينهم لهذه الغاية.
في الخلاصة، المخيمات الفلسطينية في سباق بين التفجير وبين المساعي والجهود السياسية التي تبذل لتجنيبها هذه الكأس. لكن كما في كلّ مرة يقع المحظور الأمني، إنْ في اشتباكات واسعة أو محدودة أو «إشكالات فردية»، أبرز ما تتركه لدى المتصارعين هو الثأر والرغبة في كسب الجولة المقبلة، وهذا ما يحصل بالفعل، بالرغم من أنّ التصريحات التي تعقب كلّ معركة تدعو إلى الاطمئنان وتؤكد «أنّ الوضع على الأرض تحت السيطرة».
فهل ستحمل زيارة القيادات الحمساوية حلولاً عملية تطوق محاولات المتطرفين جرّ المخيمات إلى المشاريع المعدّة للمنطقة، والتي لا تخلو من مخطط تصفية القضية الفلسطينية كما ترغب «إسرائيل» التي تحرّك أصابعها الجماعات الإرهابية، مباشرة أو بالمواربة؟