العربي والشوط الثاني
عامر نعيم الياس
أُعلِن عن تمديد المفاوضات حول الملف النووي الإيراني حتى السابع من تموز الجاري. العالم يترقب نتيجة المفاوضات. هل سيُوقَّع الاتفاق أم لا؟
يرتبط الملف السوري بالملف الإيراني التفاوضي. يرى البعض أن الأطراف الإقليمية في شمال سورية وجنوبها تحاول رفع سقف مطالبها للضغط على العملية التفاوضية بين إيران والدول الكبرى. هكذا تريد «تل أبيب»، ويريد المحافظون الجدد، الجناح الذي تعوّل عليه كلّ من أنقرة والرياض في دعم المناورات التي تُجرى على أرض سورية خارج إرادة الرئيس الأميركي باراك أوباما. لكن على المقلب الآخر، يبرز سيناريو مختلف كلّياً أعاد صوغ الملف السوري والحراك الخاص به وفق سياقٍ منفصل عن التفاوضي الإيراني. فما جرى من تصعيد، ومقابله من تصريحات لأمين عام ما يسمى جامعة الدول العربية حول «استعداده للقاء وزير الخارجية السورية وليد المعلّم وفق ما يختاره الوزير السوري»، وأن الدولة السورية لم تُستَبْعد من الجامعة العربية، إنّما عُلّقت مشاركتها، كل ذلك أعاد خلط الأوراق في الملف السوري، وفتح الباب موارباً أمام مبادرة من نوع ما أو حراك برعاية الكرملين. هنا نعود إلى لقاء وزير الخارجية السوري مع الرئيس الروسي والكلام الذي قيل عن «معجزة» التحالف القطري ـ التركي ـ السعودي ـ السوري في محاربة الإرهاب في المنطقة، إذ من الواضح أن الرئيس الروسي يملك مؤشرات بصيغة ضمانات شفهية كان قد حصل عليها من وزير الدفاع السعودي، وحتى من القيادة التركية الإخوانية في ملف الحلّ السياسي في سورية، خصوصاً مع انفلاش «داعش» وتمدّده إلى خارج حدود مركز عملياته في سورية والعراق، ليصل إلى أوروبا. معطىً هو الآخر لا يستثنى من الرهان المشترك في بعض أوجهه بين موسكو ودمشق على «المعجزة».
لا ينطق نبيل العربي المرتبط كلّياً بالسعودية والذي تجدر تسميته أمين عام مجلس وزراء خادم الحرمين، من فرط تبعيته للرياض، عن الهواء. فالرجل أعاد إلى العلن الحديث عن الدولة السورية باعتبارها طرفاً. مشيراً في أدبيات خطابه للإعلام إلى حكومة «وحدة وطنية» تغيب «الانتقالية» الإشكالية للجميع عنها. فضلاً عن أن لقاءً على مستوى وزير خارجية الجمهورية السورية أو أيٍّ من المسؤولين السوريين، لا يمكن أن يوضع إلا في سياق عملية إعادة تأهيل العودة إلى ساحة الفعل في المنطقة عبر الدولة السورية، بمعنى التطبيع، على خلفية الموقف الروسي الأخير الذي أظهر دعماً نهائياً لا لبس فيه للدولة السورية ورئيسها الذي «سيقود الإصلاحات السياسية في البلاد».
ما تحدّث وليد المعلم يوماً باستهتار أو عنجهية. يُعرَف عن الرجل أنه يزن كلمته بميزان الذهب. منذ يومين قال لقناة «روسيا اليوم»: «في لعبة كرة القدم هناك استراحة ثم يعودون إلى الشوط الثاني. نحن في الاستراحة اليوم وسنعود لنلعب دورنا في المنطقة في الشوط الثاني». لم يحدّد الوزير متى تبدأ العودة، لكنه بدا واثقاً منها ثقته بالموقف الروسي الداعم سياسياً وعسكرياً واقتصادياً للدولة السورية. ثابتٌ أرفق بدعوة إلى تعاون «دول الإقليم» في حرب على الإرهاب. يبدو أنه أربك الجميع ووضعهم بانتظار تبلور موقف أميركي ـ روسي مشترك من سورية.
كاتب ومترجم سوري