لبنان بين المأزق السياسي والخطر الأمني
محمد حمية
شهد لبنان في الأسابيع الأخيرة موجة من الأحداث الأمنية التي طالت مختلف المناطق، لا سيما ذات الحساسية الأمنية، بدأت من ردود الفعل في الشارع عقب تسريب فيديو تعذيب سجناء رومية، ثم الاعتداء على بعض المواطنين في السعديات، مروراً بتمكن الأمن العام من القبض على لبنانيين كانا يخططان لعملية تفجير سيارة مفخخة في بيروت بتكليف من أحد المسؤولين في تنظيم «داعش» في القلمون السورية، أعقبه تمكن وحدات الجيش بحسب معلومات من توقيف 30 شخصاً مشتبهاً فيهم بينهم ثلاثة يحملون الجنسية الأميركية وثلاثة الجنسية الكورية و24 سورياً يخططون للقيام بعمليات إرهابية في البقاع، عدا عن التوتر المستمرّ الذي يشهده مخيم عين الحلوة.
هذه التطورات على الصعيد الأمني تأتي في ظلّ استمرار الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان منذ دخول البلاد مرحلة الشغور في سدة الرئاسة الاولى، الذي انسحب فراغاً في السلطتين التشريعية والتنفيذية بعد التعطيل الذي أصاب المجلس النيابي، والشلل الذي يضرب الحكومة حتى الآن.
فهل يؤشر هذا الواقع الى تفجير أمني آت؟ لا سيما أنّ الخلاف السياسي يبلغ ذروته خصوصاً في مجلس الوزراء؟ وهل يعود مسلسل العمليات الإرهابية مجدداً؟
مرجع أمني سابق أشار في حديث لـ«البناء» الى أنّ التفجيرات الإرهابية تراجعت بشكلٍ لافت عن السابق، وهذا يعود الى تأمين معظم الحدود اللبنانية السورية بعد العملية العسكرية الناجحة التي نفذتها المقاومة ونتيجة للجهود الكبيرة التي يبذلها الجيش اللبناني على هذا الصعيد.
واستبعد المصدر انتقال ما يجري في سورية والعراق الى لبنان وتمكن «داعش» من احتلال قرى ومناطق لبنانية وقتل وذبح مواطنين، إلا انه لم يلغ وجود خطر عمليات انتحارية وسيارات مفخخة بسبب وجود عدد من المواطين المتعاطفين مع تنظيمي «داعش» و«النصرة» في بعض المناطق.
وأشار إلى أنّ تحريك الشارع عقب تسريب الفيديو في توقيت واحد هو أمر منسّق، واستغرب رفع يافطات ضدّ الرئيس سعد الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق، محذراً من الصراع الذي بدأ يلوح في الأفق داخل الطائفة السنية، ايّ بين التيار المعتدل الذي يمثلة «المستقبل» والآخر المتطرف.
ونوّه المرجع الأمني السابق بعمل الوزير المشنوق، لا سيما علاقاته الجيدة مع كلّ الأحزاب رغم انتمائه الى تيار المستقبل، حيث ظهرت نتائج قراراته إيجابياً على الساحة السياسية.
وتحدّث المرجع عن الوضع في عرسال مشيراً الى قول وزير الداخلية بأنّ «عرسال محتلة من المسلحين»، مؤكداً انّ نصف الذين يقاتلون في القلمون وعرسال عائلاتهم موجودة في مخيمات النازحين السوريين.
وجزم المرجع بأنّ 90 في المئة من أهالي عرسال هم مع الدولة، إلا انّ المسلحين موجودون فيها بقوة السلاح في المخيمات التي تأوي 50 الف نازح سوري.
وتتحدث مصادر مراقبة أنه رغم سقوط رهان فريق 14 آذار على التنظيمات الإرهابية في القلمون وجرود عرسال لتغيير موازين القوى الميدانية لغير صالح المقاومة والجيش السوري على هذه الجبهة، يستمرّ هذا الفريق في نهج الرهانات منتظراً من جديد سقوط الدولة سورية لفرض شروطه السياسية داخلياً.
وهنا يجزم المرجع الأمني أنه «طالما أنّ دمشق مؤمّنة فلا خطر على الدولة في سورية، خصوصاً في ظلّ الصمود الرائع للجيش السوري والمقاومة، واستمرار الدعم المطلق من الحلفاء، لا سيما ايران وروسيا والصين، لكنه شدّد على «أن لا بدّ في النهاية من حلّ سياسي ينهي الأزمة السورية».
ودعا المرجع جميع القوى السياسية في الحكومة الى إجراء التعيينات الأمنية، لافتاً الى انّ تمسك البعض بالتمديد تجنّباً للفراغ غير مبرّر، لأنّ القانون يقول إنه عند تعذّر التعيين فإنّ الضابط الأعلى رتبة يتسلم كما حصل بعد إحالة مدير عام قوى الامن الداخلي السابق اللواء اشرف ريفي الى التقاعد وتسلّم العميد روجيه سالم المسؤولية بالوكالة، وهذا ينطبق بالتالي على قيادة الجيش.
واوضح انّ الخلاف السياسي هو الذي يدفع الى التمديد لقادة الأجهزة الأمنية مرات عدة، والمنطق السياسي يغلب المنطق القانوني، فلا يمكن تعيين قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز قائداً للجيش لأنه صهر العماد ميشال عون كما لا يمكن رفضه لهذا السبب، وتساءل: لماذا لا تكون العقوبة بسبب قرب الضباط من الأحزاب؟ داعياً الى الاحتكام الى ملف الضابط وعرض أسماء من أصحاب الكفاءة على مجلس الوزراء ليختار من بينهم…