الترك ـ عثمانية… صيف وشتاء تحت سقف البيت الواحد!؟
فاديا مطر
على غرار التحول الأميركي كما بات يُطلق علبه هذه الأيام، تقف تركيا بين التراجع وعدم التراجع عن التلويح التركي بالتحضير للتدخل عسكرياً في سورية، فهي الكلمة ذاتها التي تخرج من القاموس ذاته كل مرة على وقع مرامي ما تستوجبه طائلة المقولة، ليستدرك الداعون بُعيد إطلاق الدعوة، مع إشارة اصحاب الحل والعقدة في هذا العالم، لتكون المحاولة هي جزء من مساعي اللملمة الحثيثة للأوراق الممكن جمعها لعلها تُساهم في المساعدة على «الخروج المشرف» أو الحد الأدنى من المكاسب الاستراتيجية، فالتلويح بالتحضير يوحي أن الحرب غداً منذ أن وافق البرلمان التركي في 4 تشرين الأول 2012 على قرار منح الحكومة التركية حق شن عمليات عسكرية خارج الحدود التركية «عند الضرورة»، وهو ضوء أخضر لـ«أردوغان» للقيام بعمليات عسكرية في الشمال السوري على رغم إعلان الحكومة آنذاك بأن التفويض ليس بإعلان حرب وأن تركيا لا تريد حرباً مع سورية، وصولاً إلى الحديث التركي المتواتر بما أعلنه «أردوغان» في 28 أيار 2015 عن اتفاق مع السعودية وقطر على ضرورة إنشاء منطقة عازلة في الشمال السوري على رغم عدم التوصل مع واشنطن حتى الآن في شأن «الحظر الجوي» في الشمال السوري، والدخول الإعلامي على الخط الساخن مع ما صرحت به الصحافة التركية عن تدخل عسكري في 29 حزيران المنصرم بنحو 18 ألف جندي مدعومين بآليات ثقيلة على خلفية ما صرح به الرئيس التركي في 28 حزيران بأن بلاده لن تسمح «بدولة كردية» بعد طرد الأكراد لتنظيم «داعش» الأرهابي من تل أبيض في محافظة الرقة السورية ليكون البصر التركي لسورية بعيون مختلفة عما سبق مع وضوح الكلام الاميركي بالصلة ذاتها وهي التي لا ترى نقاش جدياً لفكرة المنطقة العازلة منذ إعلان البيت الأبيض في 8 تشرين الأول 2014 عن أن إقامة منطقة عازلة بين سورية وتركيا ليست «قيد البحث» على رغم التأييد الفرنسي لذلك، ليدخل الكلام الاميركي مجالاً جوياً آخر يُبرز عدم قلق واشنطن من تحرك عسكري تركي في الشمال السوري على خلفية أن المشتركات الاميركية ـ التركية بوجودهما معاً ضمن «حلف الأطلسي»، كما كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» منذ أيام من ان أكبر عقبة تواجه أميركا في حربها ضد «داعش» هي وجود مقاتلين يريدون القتال بحسب الصحيفة، ليبرز العامل «الداعشي» أميركياً مع توازي العامل «الكردي» تركياً في معادلة توازن سلبي بين العاملين تنزع من يد أنقرة ورقة مهمة في دعم المسلحين من فصائل ما سمي «جيش الفتح ـ جبهة النصرة» الإرهابيتين لتكون السلبية الاستراتيجية المتبادلة لكل من «داعش» و «الكرد» هي حديث التطورات التكتيكية الميدانية على خط «كوباني ـ عفرين»، منذ أن سيطر التنظيم على عين عرب في 10 تشرين الأول 2014 ثم خسارتها في 15/12 من العام نفسه ليعود الإقتتال «الكرد ـ داعشي» بهجوم 27 حزيران الماضي الذي أعطى عودة كوباني في اليد الكردية مجدداً، مع بقاء هذه المعادلة سلبية في استراتيجية كسبها لكلا الطرفين في الشمال السوري، الذي لم تحتل فيه مدينة «كوباني» حيزاً حيوياً واستراتيجياً أميركياً في الميزان الاميركي الذي يقيس بكفتيه «الموصل وكركوك» العراقيتين خصوصاً بعد الحديث التركي على لسان رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو في 3 تموز الجاري ونفي وجود خطط فورية لأي تدخل عسكري في الشمال السوري عبر لقائه مع القناة السابعة التركية، مضيفاً أن «لا يتصور أحد أن تركيا ستدخل سورية غداً أو في المستقبل القريب» مع تواصل الحديث الإعلامي عن حشود غير مسبوقة على حدود الجارة الجنوبية سورية، مما يدل في دلالاته الضمنية على ما حملته مفاوضات الحزب الكردستاني مع الولايات المتحدة والتي كشفته صحيفة «هافينغتون بوست» في 14 تشرين الأول من العام الماضي من دون الالتفات الى التحذيرات والقلق التركي بهذا الشأن، فهو بداخله دلالة على مفاوضات تجري وموضوعها الدعم الأميركي للأكراد وحدود جيواستراتيجيته خصوصاً بعد الانتخابات البرلمانية التركية في 7 حزيران المنصرم وبدء الدخول الكردي البرلماني الجديد، في وجهة اميركية لتوسيع الدعم الكردي بوجه «داعش»، مع العلم الأميركي بأن المتحصنين في عين عرب السورية الكردية هم من الموالين لحزب العمال الكردستاني المصنف على لائحة المنظمات الارهابية في اميركا وأوروبا، لتنبسق رسائل أميركية بطوابع بريد «كردية» تريد واشنطن ان توصلها إلى أنقرة عشية التفاهم النووي، فهل قرأت أنقرة الرسائل بصحيح عباراتها؟!، وهي التي تبحث عن ضمانات أميركية بهذا الشأن لا عن التدخل العسكري التركي الذي لا تقدر عليه في الشمال السوري والذي حذرت منه واشنطن مراراً ومن تكلفته الباهظة إقليمياً ودولياً، ليتموضع الباطن التركي في إطار الدعم التركي لـ «داعش» في توجيه ضربات عسكرية مؤلمة لحزب العمال الكردستاني في شكل خاص في إشارة تركية لإستفاقة كردية مطلوبة للشروط والإملاءات التركية التي يُراهن «أردوغان» فيها على أمكانية أستعادة نقاط استراتيجة عدة خسرها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة تُمكنه من الحصول على فائض قوة حكومي من جديد، فهو خيار أفضل من العسكرة الجنوبية الخطرة التي ربما تُسقطه شعبياً حتى، فالقيادة التركية اختارت الحل الوسط بين الخيارات المرة وهو المفاوضات التركية ـ الاميركية حول الاكراد ودورهم في المعادلة التركية داخلياً وخارجياً على وقع الحديث العسكري المستمر والذي ربما لن تتسرع تركيا فيه بفتح «جهنم الحمراء» في الوقت الراهن على وقع مواجهة إقليمية توحدت على هدف واحد في مفاوضات «السر والعلنية» النووية التي يتدفق الدم في أوردتها والتي ستضع جداراً عازلاً أمام الإرهاب الذي تدعمه تركيا الذاهبة إلى صيف وشتاء تحت سقف البيت الواحد في تجاهل لخريف بدأت تسقط اوراقه في حديقتها الخلفية!