تقارب سعودي ـ روسي على حساب واشنطن
قالت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية، إن روسيا والمملكة العربية السعودية قد حققتا تقارباً كبيراً في العلاقة بينهما، التي لطالما اتسمت بالعداء، إذ وقّعتا عدّة اتفاقات.
وأضافت الصحيفة أن الدولتين اللتين تمثلان أكبر منتج للنفط في العالم، تعملان معاً للسيطرة على أسواق النفط في العالم. ومع ذلك، فما حدث الآن لم يحدث قبل ذلك، بسبب خلافات تبدو غير قابلة للحل، خصوصاً في ظل العلاقات التي تجمع الرياض وواشنطن. لكن الابتسامات والاتفاقات التي عقدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومحمد بن سلمان، نائب وليّ العهد السعودي ووزير الدفاع، ربما تشير إلى أن عملاقَي النفط مدفوعين معاً بالأزمة الجيوسياسية، قد يأخذا خطوات نحو علاقة أوثق كثيراً.
ويرى بعض الخبراء علامات على شراكة ناشئة بين البلدين، مدفوعة بتحول الأمور عالمياً، إذ تستند هذه الشراكة على مساعدة الأموال السعودية لموسكو في مواجهة العقوبات الاقتصادية التي يفرضها الغرب على الكرملين، بسبب أزمة أوكرانيا. وفي المقابل، تقدم روسيا السلاح والخبرة الهندسية والدعم الدبلوماسي للملك السعودي الجديد، لفطام دولته من الاعتماد على الولايات المتحدة التي أصبحت أقل تعاوناً كثيراً. لكن يجادل آخرون أنه في حين نشاهد تغييراً بالفعل، فإن التقارب السعودي ـ الروسي هو تكتيكي بالأساس، وذو نوايا محددة من كلا الجانبين.
فلا تزال هناك خلافات واسعة، خصوصاً في ما يتعلق بالقضايا الرئيسة مثل تغيير النظام في سورية والعلاقات النووية بين روسيا وإيران. والتقى بوتين والأمير محمد بن سلمان في لقاء ودّي جمعهما، على هامش المنتدى الاقتصادي في بطرسبرغ، الشهر الماضي، إذ وقّعا على ستّ صفقات، من بينها صفقة تنطوي على التعاون النووي، إذ ستساعد روسيا في بناء 16 محطة للطاقة الذرية في صحراء المملكة العربية السعودية.
كما وُقّعت عقود تعاون في مجال الفضاء وتطوير البنية التحتية والتوصل إلى اتفاق في شأن الأسلحة الروسية. وتقول «كرستيان ساينس مونيتور» إنه بالنسبة إلى الكرملين، فإن جهود تأسيس علاقات جيدة مع لاعب كبير في الشرق الأوسط، تجنّب روسيا طويلاً، يتناسب مع جهود بوتين وسياسته التي عمل عليها طويلاً لتأسيس علاقة صداقة مع الجميع. ومع ذلك تظلّ إيران الخلاف الأكبر بين روسيا والسعودية. وتؤكد كل المؤشرات إلى أن موسكو مؤيد متحمس للاتفاق النووي، الذي تتفاوض القوى الغربية حوله مع إيران، كما تعدّ نفسها للاستثمار بقوة في السوق الإيرانية مع رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران بمجرد توقيع الاتفاق النووي.
وفضلاً عن ذلك، فإن الرئيس بوتين أعطى الضوء الأخضر لإتمام صفقة بيع نظام الدفاع الصاروخي «S-300» لإيران، وبناء أكثر من ثماني محطات نووية جديدة للطاقة النووية.
كما تظلّ سورية قضية خلافية عالقة في العلاقات بين موسكو والرياض، إذ تواصل الأولى دعمها الرئيس السوري بشار الأسد، في حين تموّل السعودية المتمرّدين الذين يحاولون الإطاحة به. ووسط إشاعات في شأن تخلّي روسيا عن الأسد، فإن موسكو أكّدت مؤخراً دعمها الحكومة السورية. لكن آندريه كليموف، نائب رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الشيوخ الروسي، يوضح أن الخطأ الذي يقع فيه محلّلون كثر، هو النظر إلى تحويل العلاقات في عالم اليوم من خلال منظور الحرب الباردة، على افتراض أن أي بلد يجب أن يكون في كتلة أو أخرى. ويضيف: في الواقع، فإن تحرك روسيا والسعودية معاً، يتعلق بالتعاون في القضايا التي يمكنهما التعاون حولها.