الحفلات الاجتماعية أواخر أربعينات وخمسينات القرن الماضي 2
الأمين لبيب ناصيف
بـرج البـراجــنـــة
ينقل الأمين غسان عز الدين في الصفحات 53-55 من الجزء الثالث من مجلده «حوار مع الذاكرة» ما كانت أوردته جريدة «الجيل الجديد» في عددها 4 حزيران 1949، عن حفلة منفذية السيدات التي أقيمت في منزل الرفيق خليل سباعي في برج البراجنة 14 ، اخترنا منها المقاطع التالية:
«بعدما أنشد الجميع النشيد القومي الاجتماعي وأعلنت المنفذة الرفيقة فايزة معلوف افتتاح الاجتماع، وقف الرفيق توفيق إيراني مرتجلاً كلمة حماسية قوية هزت المشاعر مذكراً بيوم 15 مايو 1948 وبفلسطين، وسارداً على القوميين الاجتماعيين كيف قضى ذلك اليوم في عاصمة شرق الأردن عمان وما إن أخذ يسترسل بكلمته حتى وجدت القوميين في الداخل وفي الخارج قد انتبهوا إلى أن زعيمهم قد وصلت سيارته وأنه قد ترجل منها وها هو يسير نحو الباب بين صفين منتظمين من القوميين الاجتماعيين وقد أدوا له التحية».
وصول الزعيم
«ودخل الزعيم الدار واتجه نحو المكان المعد لجلوسه وبعد أن كان الرفيق توفيق إيراني قد توقف عن الكلام بانتظار وصول الزعيم، تابع كلامه مندداً بروح المفاوضة والمساومة في قضية قومية كقضية فلسطين، وتوجه إلى حضرة الزعيم: «أيها الزعيم، لو لم أكن قومياً اجتماعياً لما وقفت هذا الموقف ولما كنت أقدر أن أعلن أن الموت يهون في سبيل سورية وسعاده وفي سبيل المحافظة على كيان وطننا الحر الأبيّ»».
كلمة الرفيق حايك
وألقى الرفيق جبران حايك 15 كلمة مخلصة استعرض فيها الاختبارات التي اجتازها، قبل دخوله صفوف الحركة القومية الاجتماعية، في التشكيلات الدينية والتيارات العروبية الوهمية ثم كيف أصبح سورياً قومياً اجتماعياً.
«كنت سبباً لتهرب الكثيرين من الحزب السوري القومي الاجتماعي فكنت إذا شاهدت أحدهم يتحدث إلى القوميين، أنبهه إلى الخطر وأحذره من دخول الحزب، ووجد الكثيرون في انتمائي إلى النجادة حجة يتذرعون بها، بأنه يمكن إلغاء الطائفية في غير الحزب السوري القومي الاجتماعي وكانوا يقولون: ها هو فلان مسيحي قد دخل النجادة ولم يمنعه أحد من دخولها…
وعملتُ في النجادة بإخلاص وأكتفي بالقول الآن إني أضعت كثيراً من الوقت…
وأقرُّ بصراحة بأنني لم أتمكن من إدخال شاب مسيحي واحد في منظمة النجادة بالرغم من أننا أقمنا عدة حفلات سمر… حضرها كثير من الشبان من مختلف الطوائف… ومع الأيام بدأت أشعر أكثر فأكثر بأني طائر في غير سربه…
في تلك الموجة من التشاؤم أخبرني بعض الأصدقاء القوميين الاجتماعيين أن زعيم الحزب سيأتي إلى البلاد بعد اغتراب تسع سنين ودعاني إلى الذهاب للتفرج على استقباله فوعدته بالذهاب ولكني صباح ذلك اليوم أخلفت بوعدي… وقرأت في الصباح اليوم التالي خطاب الزعيم… فكان فرحي عظيماً جداً وكدت أرقص من الفرح. لقد عاد إلي تفاؤلي وعرفت من أنا… فإذا أنا من أمة ستغير وجه التاريخ…
ذلك الخطاب الذي أنقذ الحزب من الذل، أنقذ معه أمة بكاملها من الموت وأعاد لها الحياة! ذلك الخطاب الذي حدد فيه سعاده بوضوح دون لبس أو إبهام موقفه من العروبة ولبنان والجامعة العربية والتشكيلات الطائفية والكيانات السياسية».
خطاب الزعيم
وكان الختام خطاب الزعيم التاريخي الذي رد فيه على بن غوريون المتبجح بإيجاد «إسرائيل» الزائفة، وعلى التشكيلات الطائفية ودعاة الدولة الدينية الذين يقسمون الأمة شيعاً ونحلاً. نورده نقلاً عن كتاب «سعاده في المسألة الفلسطينية»، الصفحات 90-93.
أيها القوميون الاجتماعيون،
ذكرّني وذكرّكم الرفيق حايك، في كلمته عن كيفية انتمائه إلى الحزب القومي الاجتماعي، أمراً لم أكن أنساه وأعتقد أنكم أنتم أيضاً لم تنسوه ولن تنسوه. هذا أمر لم هو ما أعلنته في رسالة 2 تشرين التاني 1947، إذ قلت: «إن مقررات منظمة الأمم المتحدة لا يمكن أن تقرر مصير الأمة السورية وإنها في كل ما يعني مصير الأمة السورية باطلة لا تحمل إلا الظلم والعدوان على الأمة السورية وحقها في الحياة» .
منذ ذلك اليوم والتاريخ يدور. وفي دوران التاريخ مرت أحداث غيرت أوضاعاً كثيرة على هذا المسطح الذي يعرف بسورية الطبيعية.
فقد نشأت في الجنوب الغربي دولة جديدة هي الدولة اليهودية، ومع أن الدولة الجدية قائمة بالفعل ومع أني كنت أول من أعلن وجوب أخذ وجود تلك الدولة بعين الاعتبار، فإن تصريحي في 2 تشرين الثاني 1947 لا يزال قائماً لأنه تصريح يربط إرادة أمة حية بأسرها.
إننا قد أعلنا بطلان تلك المقررات ليس فقط من الوجهة الحقوقية الانترنسيونية القانونية بل من وجهة مبدأ القوة الذي يؤمن حق أمة في الحياة.
تقوم اليوم في الجنوب دولة جديدة غريبة كنت أترقب قيامها وأعلنت أنها ستقوم قبل أن تعلن هي عن نفسها لأني كنت أرى التخاذل السوري سيوجدها حتماً. ولكني كما أعلنت قيام تلك الدولة أعلن اليوم محق تلك الدولة عينها.
إني أعلن محق تلك الدولة الغريبة ليس بقفزة خيالية وهمية، بل بما يعده الحزب القومي الاجتماعي من بناء عقدي وحربي يجعل من سورية قوة حربية عظيمة تعرف أن انتصار المصالح في صراع الحياة يقرر بالقوة بعد أن يقرر بالحق.
وهذه الدولة الجديدة نشأت في الجنوب بفضل تفسخ مجتمعنا النفسي وبفضل المنازعة بين حكوماتنا السورية وانقسامنا بعضنا على بعض، بفضل هذه الامور أكثر كثيراً مما هو بفضل المهارة اليهودية الزائفة التي يقف أحد أبطالها اليوم يدعي أنها هي، ونحن نعرف ما هي وما هو هزالها، التي أنشأت الدولة اليهودية.
إن الدولة اليهودية لم تنشأ بفضل المهارة اليهودية ولا بشيء من الخلق والعقل اليهوديين، إذ لا توجد لليهود قوة خلاقة. بل بفضل التفسخ الروحي الذي اجتاح الأمة السورية ومزق قواها وبعثر حماسها وضربها بعضها ببعض وأوجدها في حالة عجز تجاه الأخطار والمطامع الأجنبية.
تلك الدولة الجديدة تقف اليوم متحدية، يعلن أحد اقطابها أن تستعد حربياً لتملك بقية أرض يحددها ما بين الفرات والنيل. نحن في الحزب القومي الاجتماعي كنا نعلم مدى مطامع الخيالات اليهودية الوقحة. وقد حذرنا من هذه الخيالات العناصر والفئات التي تملك في سياسة الوطن أكثر مما نملك نحن، هذا الحزب الجديد الناشئ الفتي. أخبرنا تلك الفئات، ونحن موقنون بأنهم لم يأخذوا تحذيرنا بما يستحق من الاعتبار. لكننا حذرنا كي لا يقال إننا لم نحذر ولم ننبه. إن تلك الفئات لم تكن مؤهلة لقيادة شيء من المصير القومي. لأنها لم تكن تمثل إرادة قومية. إنها لا تمثل اليوم إرادة قومية. لا تمثل إلا خصوصياتها الحقيرة التي لم ينتصر اليهود في شبر من الأراضي السورية إلا بفضلها هي.
أن اليهود قد انتصروا في الجنوب على يهودنا نحن ولم ينتصروا على حقيقة الأمة السورية ولن ينتصروا على حقيقة الأمة السورية.
إن محق الدولة الجديدة المصطنعة هو عملية نعرف جيداً مداها. إنها عملية صراع طويل بل شاق عنيف يتطلب كل ذرة من ذرات قوانا، لأن وراء الدولة اليهودية الجديدة مطامع دول أجنبية كبيرة تعمل وتساعد وتبذل المال وتمد الدولة الجديدة بالأساطيل والأسلحة لتثبيت وجودها.
فالأمر ليس فقط مع تلك الدولة الجديدة المصطنعة. إنه مع الدولة الجديدة ومع دول عظمى وراء الدولة الجديدة! إنه صراع طويل وشاق. ونحن نعرف جيداً أنه كذلك ونسير بهذه المعرفة واثقين مطمئنين وهذا الاطمئنان نفسه يعني أن النصر في الأخير شيء أكيد لا مفر لنا منه.
عندما ابتدأت معارك العقلية السقيمة ضد قيام الدولة اليهودية في الجنوب أرسلت منفذية الحزب القومي الاجتماعي في حيفا إلى المركز تطلب جواباً يعين موقف الحزب من الاتجاه الحربي القائم فكان جواب المركز أن الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يثق بالقيادات التي تسير القوات السورية إلى الحرب ولا يثق بالقضايا التي تسير فيها تلك القوات والحزب يعرف أن الصفوف الأمامية التي تسيرها تلك القيادات العاجزة والقضايا المائتة ستنهار لأنها صفوف غير مؤسسة في حقيقة قضية صحيحة.
إن حقيقة قضية فلسطين هي في عقيدة أمة حية وإرادة قومية فاعلة تريد الانتصار! إننا كنا نعلم علم اليقين أن الصفوف الأمامية المقسمة، غير الجديرة بالانتصار، السائرة إلى المجابهة بلا قضية واحدة ولا إيمان واحد ستنكسر وتخذل في المعركة، ولذلك كان جوابنا لمنفذية حيفا إننا سنستمر في مهمتنا الرئيسية تجاه هذا الخطر وهي: بناء الصفوف الخلفية التالية التي ستتقدم إلى مجابهة العدو بنظامها المتين وعقيدتها القومية الاجتماعية الصحيحة النظامية، بعد أن تسقط الأمامية.
والنهضة القومية الاجتماعية تتقدم اليوم في صفوف جديرة بالانتصار، لأن صفوفنا إرادة أمة حية لا أمم في طوائف ودول، في حكومات قزمية غير جديرة بالاضطلاع بمسؤولية تقرير المصير القومي.
نحن مستمرون اليوم في خطتنا. إن الدولة اليهودية تخرج اليوم ضباطاً عسكريين وإن الدولة السورية القومية الاجتماعية التي أعلنتها سنة 1935 تخرج هي أيضاً بدورها ضباطاً عسكريين! ومتى ابتدأت جيوش الدولة الجديدة الغريبة تتحرك بغية تحقيق مطامعها الأثيمة والاستيلاء على بقية أرض الآباء والأجداد، ابتدأت جيوشنا تتحرك لتطهير أرض الآباء والأجداد وميراث الأبناء والأحفاد من نجاسة تلك الدول الغربية!
هذا ليس آخر جواب نعطيه، لأن الجواب الأخير سيكون في ساحة الحرب متى قررت القيادة القومية إعلان الحرب!
أورد الأمين جبران جريج في الجزء الرابع من مؤلفه «مع أنطون سعاده» شرحاً إضافياً عن الحفلات الاجتماعية، ننقلها كما جاءت، بالنص الحرفي:
«كانت تفتتح هذه الحفلات بالنشيد الرسمي وكان يسمح فيها التدخين، وتناول الشاي مع قطعة حلوى، أي أنها كانت شبه رسمية. كان يعلق على سترة المشترك في الحفلة بطاقة دخول، ثمنها ليرة سورية واحدة، مكتوب عليها اسمه والرقم الذي سجله اشتراكه مع اسم المنطقة القادم منها.
ثم أضيف إلى عمليات الافتتاح والدخول هذه، نشيد الشباب من نظم الرفيق إميل رفول 16 وتلحين زكي ناصيف. كان ينشد استقبالاً للزعيم. لن أنسى المرة الأولى التي فوجئ الزعيم باستقبال من هذا النوع وسط صفين من الصبايا والشباب رافعين أيديهم بالتحية وهم ينشدون هذا النشيد.
وفي إحدى هذه الحفلات أتى زكي ناصيف بجوقة شبه كاملة للعزف كان يرأسها توفيق الباشا ومعه خليل مكنية 17 فأضفت هذه الجوقة جواً مريحاً للأعصاب – وكم كان الزعيم بحاجة إلى راحة من هذا النوع كما أنه في حفلة أخرى رتبنا بواسطة محمد راشد اللادقي 18 تمثيلية من الثنائي المرح – شامل ومرعي 19 فكانت موفقة جداً وانتزعت الضحك والسرور من الحضور وبخاصة من الزعيم الذي كان يضحك ملء فيه والأهم أن أحد الحاضرين طلب من محمد شامل أن يلقي قصيدته القومية الشهيرة 20 فلبى ونال تهنئة الزعيم واستحسانه.
لم تعد الذاكرة تستوعب كل التفاصيل لهذه الحفلات وعن دور الزعيم في برامجها وهذا الاستيعاب نوع من المستحيل، ولكني أقدر أن أعطي صورة واضحة الملامح لارتياح الزعيم إلى هذا الجو وارتياح الذين كانوا يحضرون.
ثم أدخل على هذه البرامج بنداً في ممارسة «يانصيب» يسمى «باليانصيب الأميركاني». وبعد ذلك بدأ الزعيم يطرح مواضيع أساسية للبحث يشترك فيها الحاضرون وفي نهاية النقاش يعطي الزعيم توجيهاته النهائية. وأخيراً أدخلت الدبكة في صلب البرامج الأسبوعية.
ازداد عدد الحضور وكنا قد بدأنا بمئة ونيف فوصل العدد إلى ما يقارب الثلاثمئة في أواخر السنة. وغني عن البيان أن الدخل الصافي من هذه الحفلات سدت ثغرة كبيرة في ميزانية إيجار بيت الزعيم ومصروفه اليومي. فكان مشروع الحفلات الاجتماعية مشروعاً ناجحاً على الصعيدين، التثقيفي والمالي.
كان الزعيم في هذه الحفلات يتصرف كأنه عضو عادي في الحزب لا كزعيم إلا في الافتتاح والاختتام مما قرّبه كثيراً إلى القلوب ورفع بهذا التصرف الكثير من مجاملات الكلفة الجامدة أو من قيود النظامية والانضباطية الشكلية الحرفية.
من المواضيع الأساسية التي طرحها مرة موضوع «هل يجوز في الدولة القومية الاجتماعية اعتماد مبدأ الإعدام» وكان ذلك في منزلي وكان الحقوقي القانوني عبدالله قبرصي موجوداً يومها في الحفلة وقد أخذت المناقشات ما يقرب من الساعة والنصف أدارها القبرصي بإيعاز من الزعيم وتراوحت هذه المناقشة بين وجوب الإعدام وعدم اللجوء اليه. لكن الإجماع حصل حول موضوع إعدام «الخائن».
وفي حفلة في بيت جورزف رزق الله 21 في الأشرفية طرح الزعيم موضوعاً أساسياً أيضاً هو «هل الوصول إلى الحكم ضرورة؟» وكذلك دارت مناقشة حول هذا الموضوع انتهت بإجماع الآراء على ضرورة الوصول إلى السلطة.
وسلم الزعيم بيده المفكرة الحزبية التي كانت أحد بنود اليانصيب إلى الدكتور روبير سعاده 22 في إحدى هذه الحفلات. كانت المفكرة مقدمة باسم «راغدة» ابنة الزعيم الصغرى فكتب عليها عبارة «باسم راغدة التي ستحيا برغد في ظل النهضة السورية القومية الاجتماعية».
وفي حفلة اجتماعية في منزل عبد القادر فاخوري عند «الحرش» ألقى فيها محيي الدين الفيل 23 قصيدة جميلة أتبعها محمد يوسف حمود بقصيدة أجمل صفق الحضور لهما كثيراً ولكن بعد الانتهاء من التصفيق وعودة الهدوء إلى القاعة لفت الزعيم الانتباه إلى بيت شعر في قصيدة حمود يفهم منه تفضيل المسيح على محمد الرسول، إن ذلك لا يجوز فليس في الحركة السورية القومية الاجتماعية أفضلية أو تمييز لأحدهما على الآخر.
وفي حفلة اجتماعية أخرى آخر العام، بعد أن كان قد قام بجولة في المدن السورية الداخلية، أذكر تلك الوقفة وقوله جواباً على سؤال أحدهم «كيف كانت رحلتكم، حضرة الزعيم» ؟: – « لقد تنازل أنصاف الآلهة وسمحوا لنا بأن نقوم بهذه الزيارة». ثم أخذ يتحدث عن كل منطقة على حدة مما استغرق طول مدة الحفلة الاجتماعية.
وفي الحفلة التي أقيمت في منزل الرفيق خضر عضاضة في الناصرة، دخل شاب وفي عروة سترته شعار الكتائب «الأرزة» ما أثار دهشة الحاضرين من قوميين وضيوف حتى أن بعض القوميين امتعض من هذا الحضور ولاحظت أنه يبيت أمراً ما قد يعكر صفو الجو.
اختلطت بهم وأفهمتهم أن الكتائبي هو المواطن فؤاد فضول من شتوره وهو على صلة برفقائنا في طريقه إلى تفهم المبادئ القومية الاجتماعية فلا يجوز أن نحاسبه على إبقاء «الزر» حتى الآن على العروة بينما هو يستعد لخلع أفكاره بالكلية من نفسه ومن عقله.
والذي زاد في الاستغراب أكثر عندما تقدم فضول مني وطلب مني أن اقدم إلى الزعيم رسماً له بريشته ومذيلة بعدد من أبيات الشعر مما يدل على أنه فنان، رسماً وشعراً، تقبلتها منه وزينت بها قاعة الحفلة وقد تفاجأ بها الزعيم عند حضوره، وهكذا كان.
ولكن الأبهج من كل هذا كانت الخاتمة عند نهاية الحفلة إذ لم يعد أحد يلاحظ «الزر» على العروة. لقد تخلص منه بنفسه.
هذه نماذج عن حفلات بيروت الاجتماعية خلال سنة 1948 والتي كانت تقوم بها منفذية السيدات بالتعاون مع منفذية بيروت».
وفي الصفحة 156 من كتابه المشار إليه آنفاً يورد الأمين جريج تحت عنوان «عودة إلى الحفلات الاجتماعية» أن الحفلات الاجتماعية لم تتوقف في عام 1949، مضيفاً أن حفلة اجتماعية أقيمت في منزل الرفيق جميل دبوس في رأس بيروت، ويروي أن أحد الرفقاء تقدم نحوه وبيده مجلة، قائلاً:
«حضرة المنفذ العام، تعال اقرأ هذه النبوءة الفلكية» أخذت المجلة منه وقرأت سلسلة نبوءات، منها نبوءة استوقفتني كما استوقفت الرفيق. تقول النبوءة إن عراكاً سياسياً سينشب في أحد بلدان المتوسط يذهب ضحيته زعيم سياسي شاب ويحدث هذا العمل ردود فعل ضخمة تهز الأنظمة في بلدان أخرى عدة في المتوسط.
بالنسبة للأجواء الساخنة التي كنا نجتازها اتجه تفكيرنا، إلى حزبنا وإلى الزعيم بالذات فخيم علينا نوع من الشعور بالتطير والتشاؤم.
لم أعد أذكر إن كنت أطلعت الزعيم عليها».
في الخمسينات أعادت منفذية بيروت تنظيم الحفلات الاجتماعية، وهنا ما تورده النشرة الرسمية في عدد شباط 1959:
«كانت منفذية بيروت تعتمد الحفلات الاجتماعية التي كانت بادرت إلى تنظيمها منفذية السيدات في أواخر أربعينات القرن الماضي وكان يحضرها سعاده والأمينة الأولى في كثير من الأحيان.
في عدد شباط 1959 من «النشرة الرسمية» عرضت نظارة إذاعة منفذية بيروت عدداً من الحفلات التي كانت نظمتها.
وقدمت ذلك بالكلمة التالية:
درجت نظارة الإذاعة في منفذية بيروت العامة على تنفيذ برنامجها الإذاعي بدقة وسرعة تامتين لتحصد نتائجه وعياً وهدياً في الشعب، ومن ضمن برنامجها، إقامة الحفلات الاجتماعية الشبيهة بالسهرات العائلية، مع إدخال عنصر الثقافة الحزبية والتسلية الفنية. فتدعو إلى هذه الحفلات الاجتماعية، الرفقاء في المنفذية العامة، مع أصدقائهم المواطنين. وبذلك تمكنت من اجتياز الحواجز التي كانت تفصل بين سهراتنا، وبيوت المواطنين، ودخلت الأحياء تدعوهم إلى حضور سهرات القوميين الاجتماعيين.
وكانت الحفلة الأولى في بيت الأمين أديب عازار 24 نهار الأحد الواقع فيه 28-12-1958، واقتصرت البرامج على كلمة ترحيب لصاحب البيت ثم كلمة ناظر الإذاعة في منفذية بيروت العامة تحدث فيها عن معنى الحفلات ثم باقة من الشعر لأدونيس ونذير العظمة، وعرض تاريخي عن قدموس بين الأسطورة والتاريخ، وانتقلت السهرة إلى المرح والتسلية بالتعارف الشعري والرموز، ثم الضيافة، واليانصيب على بعض الكتب، والمزاد الأميركاني، واختتم حضرة المنفذ العام الحفلة بكلمة ذكر فيها بعض المناسبات التي جمعته في حفلات جرت في ظروف قاسية وما كان لها من أثر عميق في نفوس المجتمعين.
وأقيمت الحفلة الثانية بتاريخ الأحد 4-1-1959 في بيت الرفيق نقولا قباني 25 حضرها ما يقارب المائة شخص، وكان البرنامج مشابهاً لبرنامج الحفلة السابقة مضافاً اليه شريط «نحن في شملان» 26 الذي كان له الوقع الرائع في نفوس الرفقاء والمواطنين على السواء والذي قدمه وكيل عميد الإذاعة بكلمة رائعة، وبعض القطع الوجدانية للرفيق هيكل حداد 27 . وقد فاز الرفيق جان حداد 28 بزجاجتي عطر قدمهما، ليطرح عليهما مزاداً أميركانياً، ووزعت بعض الكتب كجوائز في اليانصيب أيضاً، وكانت الحفلة ناجحة تماماً.
وأقيمت الحفلة الثالثة في بيت الطلبة 29 بتاريخ الأحد 11-1-1959 ويتلخص البرنامج بكلمة حضرة منفذ عام منفذية الطلبة العامة، وقطعة نثرية «قصور ورمال» للرفيق الياس مقدسي الياس 30 ، و»حزازير» وأسئلة، ثم شريط «نحن في شملان». وقد نجحت الحفلة أكثر من سابقاتها إذ حضرها ما يقارب المئتي شخص.
ويوم الأحد الواقع فيه 18-1-1959 أقيمت الحفلة الاجتماعية الرابعة في بيت الأمين مصطفى عز الدين، وافتتحت الحفلة التي ضمت حوالى مائة شخص ونيف بكلمة ناظر الإذاعة في منفذية بيروت العامة، ثم كلمة صاحب البيت، وابتدأ البرنامج الأمين حسن جمال 31 بقراءة كلمات مختارة، ثم مختارات من الشعر الحديث، فبرنامج اختبر معلوماتك، وأسئلة ترفيهية، ثم شريط «نحن في شملان»، الذي قدمه وكيل عميد الإذاعة فالضيافة وأسئلة من الحضور أجاب عليها أمناء ورفقاء، فاليانصيب، وأخيراً المزاد الأميركاني على علبة عطور قدمتها صيدلية أبي عجرم.
هوامش
– جرت الحفلة في أول حزيران 1949.
– للاطلاع على النبذة المعممة عنه، الدخول إلى أرشيف تاريخ الحزب على الموقع www.ssnp.info.
– من مشغرة. منح رتبة الأمانة. شارك في الثورة القومية الاجتماعية وحكم عليه بالسجن . أديب وشاعر. يصح أن يكتب عنه.
– موسيقي، من بيروت عممنا عنه نبذة تعريفية، بتاريخ 17/04/2015، للاطلاع الدخول إلى أرشيف تاريخ الحزب…
– منح رتبة الأمانة. تولى مسؤولية منفذ عام بيروت، عميد للداخلية، إلى جانب مسؤوليات أخرى. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول إلى أرشيف تاريخ الحزب على الموقع المذكور آنفاً.
– كان الكاتب محمد شامل قد انتمى إلى الحزب في ثلاثينات القرن الماضي. للاطلاع الدخول إلى أرشيف تاريخ الحزب على الموقع المشار إليه.
– مراجعة نص القصيدة في النبذة المنشورة عن الرفيق محمد شامل مراجعة أرشيف تاريخ الحزب .
– الرفيق الشهيد جوزف رزق الله . للاطلاع على النبذة الخاصة به الدخول إلى أرشيف تاريخ الحزب على الموقع المذكور آنفاً. من المريجة. عينّ مديراً عاماً لوزارة الصحة. عرفت المريجة حضوراً حزبياً ناشطاً فيها، وانتمى رفقاء من عائلاتها: سعاده، متى، الطويل ، إلخ… وكان لعدد منهم نضالهم ونشاطهم الحزبيان. نعمل على إعداد نبذة عن الحزب فيها.
– مناضل حزبي، وشاعر. مراجعة النبذة عنه في أرشيف تاريخ الحزب.
– من مدينة اللاذقية، تولى في الحزب مسؤوليات شتى، وانتخب عضواً في المجلس الأعلى. له ماضٍ نضالي يصح أن يكتب عنه.
– من رفقاء الأشرفية المناضلين، نشط وتولى مسؤوليات حزبية محلية، وعندما هجّر إلى منطقة رأس بيروت تابع عمله الحزبي، متولياً مسؤولية مدير مديرية رأس بيروت، ومسؤولاً عن مؤسسة «دار فكر».
– كان الحزب قد أعدّ شريطاً عن معركة شملان التي جرت في صيف عام 1958، تضمّن شرحاً للمعركة وأناشيد حزبية، لاقى الشريط في تلك الحقبة رواجاً كثيراً.
– أديب وصحافي، عرفته عند انتمائي إلى الحزب في منفذية الطلبة الثانويين، وكان مديراً للمديرية التي التحقتُ بها.
– من رفقاء الأشرفية. تولى فيها مسؤولية مدير إحدى المديريات وكان ناشطاً حزبياً.
كان يحتل الطابق الأرضي من بناية تقع في مواجهة سينما الخيام رأس بيروت تحوّل إلى محلات.
– أديب معروف وله مجموعة مؤلفات. من القامشلي، أمضى سنواته الأخيرة في لبنان، عممنا عنه نبذة بتاريخ 30/01/2015، للاطلاع الدخول إلى ارشيف تاريخ الحزب على الموقع المشار إليه آنفاً.
– من دمشق انتقل بعد خروجه من سجن المزة إلى بيروت. انتخب عضواً في المجلس الأعلى. عرفته موظفاً مرموقاً في البنك السعودي اللبناني.