سورية: ثقة في الحليف وترقب لصدق نوايا الأطراف المعنية بالمبادرة الروسية

سعد الله الخليل

منذ أن أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مبادرته «المعجزة» حول الأزمة السورية، والتي تعني في ما تعنيه تحويل مسار الحرب على سورية طوال خمس سنوات إلى حرب مع سورية في وجه الإرهاب في كلّ تفاصيله وجزئياته وما تحويه من شياطين لا يمكن القفز عنها ولا تجاهلها وفق أيّ مسمّى من المسمّيات أو التصنيفات التي لطالما دأب أعداء سورية على إطلاقها على تلك التنظيمات التي تصبّ في رافد أخير يصبّ في محيط تنظيم «القاعدة».

المبادرة إنْ كتب لها النجاح تعني إنهاء المشروع السعودي التركي الأردني القطري بالإشراف الأميركي «الإسرائيلي» باقتسام «الكعكة السورية»، وهو ما بدا خلال حرب السنوات الخمس بعيداً عن تقسيم سورية الجغرافي كهدف أول لتلك الدول، وبعيداً عن الخوض في احتمالات نجاح المبادرة من فشلها، فقد نجحت موسكو في اختيار التوقيت المناسب لطرح المبادرة، فالسعودي الغارق في المستنقع اليمني يبحث عن طوق نجاة ينهي نزيفه الاقتصادي والسياسي ويضع حداً لسقوط المهابة السعودية في العالمين العربي والإسلامي بشكل خاص وفي الساحة الدولية عموماً، فيما يسعى التركي إلى استيعاب تبعات الانتخابات التركية في مسعى للتأقلم مع الواقع الجديد بعيداً عن أوهام السلطان المطلق الصلاحيات، في الوقت الذي كشفت هستيريا «عاصفة الجنوب» دور عمّان – صنيعة الاستخبارات البريطانية – كقاعدة عمليات لأجهزة مخابرات دول الحرب على سورية، ومحطة تجميع وانطلاق للإرهابيين باتجاه الداخل السوري، فيما يبدو القطري جالساً على مقاعد الاحتياط في رسم السياسات الإرهابية على سورية مقتصراً دوره على تسديد فواتير التسليح والتمويل.

أمام حسن اختيار القيادة الروسية توقيت طرح مبادرتها أبدت القيادة السورية انفتاحها على مبادرة الحليف في مشهد يعيد إلى الأذهان المبادرة الروسية بالتخلص من السلاح الكيميائي السوري والتي أنهت الإرباك الأميركي بعد حملة التصعيد بشنّ الحرب على سورية، وأنقذت الرئيس الأميركي من ورطة حرب غير محسوبة النتائج. تبدو المبادرة الفرصة الأخيرة لحلفاء واشنطن للانسحاب من مواجهة بلا أفق في الحرب السورية التي يبدو أنّ الموازين فيها هي لصالح الدولة والجيش السوريين.

وكما راقبت الحكومة السورية آليات تنفيذ الملف الكيميائي بأدق التفاصيل لضمان عدم تحوّل قضية نزع السلاح إلى بوابة للتدخل في الشأن السوري، ومقدّمة لدفع سورية إلى المزيد من التنازلات والمساومات، فإنّ دمشق ستتولى متابعة تنفيذ المبادرة بأدق تفاصيلها وبكلّ جدية ومسؤولية، وتراقب آليات التنفيذ والتغيّر في سلوك الأطراف المعنية بالصفقة المعجزة بوقف ما شهرته من أسلحة في وجه سورية بدءاً من وقف تمويلها للحرب على سورية والتي رصدت تلك الدول موازناتها المفتوحة ثمناً للأسلحة ولدفع رواتب المسلحين، ومراقبة دول الجوار لحدودها بهدف منع عبور أفراد التنظيمات الإرهابية إلى الداخل السوري، وانتهاءً بوقف الحرب الإعلامية ضدّ سورية والتي سخرت لها قنوات ومنابر و«مثقفين وطلائع ثورية».

ثقة القيادة السورية بحليفها الروسي ليست في وارد النقاش ولا المساومة، كما أنّ الحذر السوري واليقظة حيال آليات تنفيذ الدول المعنية في حال اقتنعت بالسير بالمبادرة ليست أيضاً مثار نقاش وجدل، والأيام كفيلة بكشف النوايا الحقيقية.

وإلى ذلك الوقت يمضي الجيش السوري في معركته ضدّ الإرهاب التي أعلنها منذ البداية بعيداً عما يدور في كواليس السياسة وعقبات المبادرات.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى