تنامي قدرة الردع يخيف «إسرائيل»
نور الدين الجمال
خطاب الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في عيد المقاومة والتحرير كان مناسبة لتأكيد معادلات الردع التي تحمي لبنان وسيادته وثرواته من العدو الصهيوني. والجديد في خطاب قائد المقاومة تأكيده على تنمية قدرات الردع التي تملكها المقاومة بصورة متواصلة ومستمرة، ومصدر هذا الالتزام الذي جدّده السيد نصرالله هو أن الكيان الصهيوني يطوّر ترسانته العسكرية على نحو متواصل مع شريكته الولايات المتحدة الأميركية ويجري مناورات وتدريبات لم تنقطع منذ حرب تموز 2006، محورها المركزي الإعداد لحرب جديدة ضد المقاومة. ولا يخفي القادة الصهاينة استهدافهم للبنان دولة وجيشاً وشعباً وقد عجزوا عن اتخاذ القرار بمغامرة عدوانية جديدة بسبب قوة الردع وابتعاد المقاومة عن الاستعراض في تظهير عناصر قوتها وما تملكه من إمكانات وقدرات باتت تشكل هاجساً يقلق المخططين الصهاينة الذين تعمل استخباراتهم ليل نهار لتقصي المعلومات والمعطيات عما تحصل عليه المقاومة، وما تحققه من تطوير لقدراتها الردعية ستتضاعف من كلفة أي عدوان «إسرائيلي» في المرحلة المقبلة.
القلق الصهيوني زاد بنسبة كبيرة بعد وجود حزب الله في سورية وبروز درجة التعاون الوثيق بين المقاومة والقيادة السورية التي أكدت التزامها بتمكين المقاومة من تطوير قدرات الردع المتوافرة لديها، إلى كون هذا التحوّل الاستراتيجي على مساحة المنطقة في مواجهة جبهة قتال تمتد من الحدود الأردنية ـ السورية حتى رأس الناقورة.
قامت «إسرائيل» في الأشهر الماضية باختبارات قوة حاولت فيها تعديل قواعد الاشتباك من خلال العدوان المباشر على سورية، وردّت المقاومة وسورية بخطوات ردعية ظل بعضها غامضاً وغير معلن، فترك الحيرة والارتباك الكبيرين لدى القيادة الصهيونية بعد عمليات مدروسة ومتطورة شكّلت رسائل قوية في كل من مزارع شبعا وهضبة الجولان وسفوح جبل الشيخ، إذ ربط الخبراء الصهاينة في تقاريرهم ودراساتهم الهجمات الثلاث الموجعة بقرار سورية والمقاومة بتثبيت توازناً لردع في مجابهة الكيان الصهيوني.
قوة المقاومة تزداد رسوخاً فاعلية وتأثيراً في القرار «الإسرائيلي» ومراكزه السياسية والعسكرية على حد سواء، وشغل قادة «إسرائيل» هاجس المطر الصاروخي الذي سيستهدف كيانهم لو وقعت الحرب على سورية عندها هدّد الرئيس أوباما بضربها، إذ تحدثت بعض التوقعات عن خمسين ألف صاروخ متطور وبعيد المدى من شأنها أن تدمر البنى التحتية «الإسرائيلية» وجميع المرافق الحيوية في كيان العدو.
قدرة الردع التي تملكها المقاومة تمثل كنزاً لبنانياً ثميناً يؤمن الحماية للبنان، فهي وضعت «إسرائيل» في حالة قلق مستمر وجعلتها الجهة الخائفة على جانبي الحدود، ومثلما قال قائد المقاومة في خطابه، كل حركة تحصل على الأرض اللبنانية تحرك هاجساً «إسرائيلياً» مما تراكمه المقاومة وتعدّه لصدّ أي اعتداء. والجديد الذي طرحه السيد نصرالله في هذا المجال، إضافة إلى قوة الردع، ظهر في نقطتين، إذ أنذر «إسرائيل» من عواقب التمادي في الخروق الحدودية، واستعداد المقاومة للتصدي لها إذا بلغت درجة تستدعي التحرك خارج الآلية الروتينية المعتمدة بين الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، وهذا يرتبط بحجم الخرق وموضعه وهدفه. والنقطة الثانية تتعلق بدعوة السيد نصرالله إلى العمل اللبناني الضروري للتعامل مع ما تبقى من احتلال «إسرائيلي» للأراضي اللبنانية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والشق اللبناني من بلدة الغجر، بالإضافة إلى المفقودين والأسرى اللبنانيين المتبقين لدى العدو الصهيوني، واضعاً ذلك في إطار ما وصفه في النقاط المستمرة في الملف اللبناني ـ «الإسرائيلي»، ورابطاً قضية عودة اللاجئين إلى وطنهم بالصراع الأشمل بين العرب و«إسرائيل».
تؤكد المقاومة مرة أخرى حقيقة دورها قوةً حامية للدولة وللسيادة وللشعب اللبناني ولكرامة مواطنيها الذين دعاهم السيد نصرالله إلى مواصلة حياتهم على الشريط الشائك بالزراعة والبناء، فقوة الردع الصاعدة لدى المقاومة ستحميهم من العربدة الصهيونية مثلما فعلت على مدى 14 عاماً بعد التحرير.