العدوان السعودي يترنح… وهدنة تحت الاختبار
بشرى الفروي
مع زيارة الرئيس الايراني موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اكتملت ملامح الوصفة الروسية لإخماد براكين الشرق الأوسط المتفجرة.
القيادة الروسية التي تتابع عن كثب حركة موازين القوى الدولية والإقليمية في المنطقة يبدو أنها اختارت هذا التوقيت الذي تقترب به إيران والغرب من توقيع الاتفاق التاريخي في شأن الملف النووي مع تزامن الفشل القطري التركي – السعودي في تحقيق اي تغيير واضح يقلب موازين القوى في شكل حاسم لمصلحة المعارضة السورية، إضافة الى الضربة القاسمة التي تلقاها اردوغان في الانتخابات الأخيرة والتي جعلته أسداً داخل قفص وانهت في شكل نهائي حلمه بالتدخل في سورية، بالتزامن مع التراجع «الاسرائيلي» وفشله في محاولة كسب معركة الجنوب السوري.
كل تلك التطورات جعلت القيادة الروسية متحمسة لإطلاق مبادرة التحالف الإقليمي والدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام «داعش» والذي تبدو في الظاهر على الأقل هو العدو المشترك الوحيد والخطر الكبير الذي بدأ بضرب الدول العربية من المحيط الى الخليج لا بل في دول العالم أجمع في ظل عدم وجود اي أفق لـ«عاصفة الحزم»
السعودية التائهة في جبال ووديان اليمن، العدوان الذي بدأ قبل مئة يوم تقريباً بالغارات الجوية، جاءت لتبيين التراجع السعودي والعودة الى روسيا كطرف اساسي لإطلاق الحلول في الشرق الاوسط.
الاتجاه السعودي الجديد يعكس الفشل في اليمن حيث لم يجلب القصف اليومي الا الويلات للشعب اليمني الذي يعيش ظروفاً صعبة للغاية، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا ادوية ولا طعام، وفوق هذا وذاك، انتشار الأوبئة والأمراض، وبخاصة حمى الضنك التي تحصد الأرواح لانعدام الأدوية اللازمة، وتدهور الخدمات الطبية الى الحدود الدنيا. والعدد الكبير من الضحايا الذي وصل الى 2800 قتيل و13 ألف جريح معظمهم من المدنيين.
آل سعود الذين ادركوا تحت وقع الضغوط الدولية ان «العناد» لا يفيد ولا بد من هدنة وان الاستمرار بهذا العدوان سيؤدي حكماً الى نتائج عكسية تماماً، تؤثر سلباً على المملكة نفسها وسمعتها وأمنها واستقرارها. فقرار الهدنة لم يأت من قبل الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي ورئيس حكومته خالد البحاح، فهم مجرد واجهة فقط، وإنما من القيادة السعودية.
بحاح أجرى محادثات مع كبار المسؤولين الأردنيين فور وصوله الى عمّان ليبحث موضوع الهدنة الانسانية في اليمن. كما أجرى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، مشاورات مع المسؤولين الأردنيين، تتناول تطورات الأوضاع في المنطقة وموضوع الهدنة الانسانية التي أعلنت عنها الأمم المتحدة، بدءاً من مساء الجمعة وحتى نهاية شهر رمضان. مع شروط ومطالب بضوابط معينة تتمثل في دعوة «أنصار الله» لحسن النية والانسحاب من عدن ومأرب وتعز والإفراج عن المعتقلين لديهم بمن فيهم وزير الدفاع اليمني محمود الصبيحي. كما أشارت إلى ضرورة تسليم المواد الإغاثية إلى الحكومة اليمنية لتقوم بتوزيعها.
الهدنة اليمنية التي سعت اليها السعودية مرغمة تبلورت في زيارة وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان الى روسيا مؤخراً وهو الرجل الذي يعتبر من صقور الإدارة السعودية وحامل لواء العدوان على اليمن حملت معها أيضاً مبادرة عرضتها القيادة الروسية على وزير الخارجية السوري وليد المعلم حيث دعا الرئيس بوتين بعد لقائه المعلم دول الشرق الأوسط إلى تجاوز الخلافات السياسية من أجل مكافحة الإرهاب والراديكالية في المنطقة والعالم.
ومن هنا تأتي أهمية زيارة الرئيس حسن روحاني الى روسيا لتتوج هذه المساعي حيث أكد الرئيس الروسي خلال لقائه نظيره الإيراني على ضرورة تنسيق جهود الدولتين في مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي.
بالتزامن مع نتائج خلوة وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والإيراني محمد جواد ظريف، لإنتاج البيئة المناسبة التي تكللت بالإعلان عن هدنة في اليمن، فهل تكون هذه الهدنة عكس سابقتها هدنة ممهدة لوقف اطلاق نار شامل هذه المرة مع ازدياد فرص نجاح الاعلان عن هذا الاتفاق بالنظر لليونة السعودية اليوم اثر يقين القيادة بصعوبة الاستمرار في المواجهة في ظل متغيرات تحيط بها تفرض عليها الخضوع؟