بين الحافة والهاوية… نار ستحرق حلف المساومة
لؤي خليل
يأخذنا واقع الصراع الحالي بقوة وصخب المعارك في شتى أرجاء المنطقة، إلى الفجوة الكبيرة التي أصبحت قائمة بين الواقع وما كان مرسوماً من قبل أقطاب الحلف المساوم والوقائع التي تجرى حالياً حتى داخل تلك الدول، التي رهنت مجتمعاتها ودولها إلى أبعد حد رهن الحرب النفطية التي افتعلتها شركات التسلح الغربية كالعادة منذ حرب طالبان إلى العراق، تاريخ يعيد نفسه دوماً ولكن المفارقة الكبرى أن هذه المغامرات تخطت الآن خطوط ما كان مسموحاً روسياً وحتى من قبل الصين وإيران.
فالمعركة تخطت حافة الهاوية خصوصاً بعد التمدد الكبير لما يسمى دولة «داعش» المصحوب بدعم لوجستي تركي غير مسبوق، واتضاح أكذوبة الحل السياسي الأميركي للازمة، فالأميركي يريد تحقيق ما عجز عن تحقيقه في السياسة أو عن طريق الحرب المباشرة الشاملة، فمحاولة تقويض هذا الحلف المقاوم عن طريق أيدٍ إرهابية بات هدفه واضحاً وبحماية أميركية غير قابلة للشك، من خلال جماعات إرهابية هدفها إنهاك الجيش العربي السوري وتقسيم الدولة السورية، وإضعاف حزب الله وتقويضه واستنزافه وتدمير العراق، فتمدد «داعش» تحت أنظار تحالف أميركا هدفه واحد وهو استراتيجية الوصول إلى إيران، ومن بعدها إيقاف التمدد الروسي ـ الصيني باتجاه الشرق، كل هذا التدمير من خلال إنبات الإرهاب المتمدد بأسماء مختلفة في الجسد المقاوم كافة، أمام هذا الموقف كان لا بد للحلف المقاوم من تجميع نقاط قوته وفق استراتيجية الأهمية الدفاعية، وتخطي حسابات الحلف المساوم الذي ظن أن إمكانات الحلف المقاوم ستبقى ضمن حدود الردّ المحلي فوق الهاوية وحافتها، هذه المناورات السياسية والعسكرية لواشنطن وحلفائها دفعت بالحلف الروسي ومن ورائه الصيني إلى الاستعداد لمعركة الهاوية نفسها والدفع بالقوة الإيرانية في حرب اليمن، وأشعلت ناراً قد لا تتوقف قبل إحراق الجميع وبدأت بمجموعة ردود مبدأية لتوجيه رسائل ميدانية، وبداية التطورات الميدانية في سورية بهذا الدفع المقاوم في جبهات سورية عدة، فالنار بدأت بامتصاص الصدمة في الشمال والشرق السوري، وبدأت بتمهيد الأهمية الاستراتيجية في تأمين العاصمة ومحيطها، فكل الأحداث تثبت وجود خطط بانتظار صفر الهاوية التي بدأت برد شامل مقاوم أعلنه السيد نصرالله منذ توجه برسالته عن الوجود حيث تتطلب معركة الوجود، هذا الإعلان الموجه يحمل في طياته تحضيراً ممنهجاً لمعركة المصير.
فكل متابع لتحركات الحلف المقاوم وجاهزيته والثقة التي يمتص بها صخب الدفع الإرهابي يدرك بوضوح أن كل ماجهزوا له كان لدى حلف المقاومة العلم المسبق به، وهذا التكالب لمحاولة رسم خطوط تقسيم جديدة لن تمر من دون عقاب يرتد في قلب أراضي آل سعود، أمر العمليات قد جاء بالرد في كل أرجاء الأرض السورية وبيد واحدة، نعم المعارك ستتكلم عن نفسها أكثر ليعلم القاصي والداني أن إشاعات الغدر قد ولّت فضعفاء النفوس يتساقطون وتفتح لهم الشوارع. نصر بدأ يسمع صداه من انتصارات القلمون إلى أزقة تل أبيب البائسة، منذ انتصار تموز تحاول هي وأذنابها سماع خبر سقوط حلف المقاومة. انتصارات ستزلزل عروش أردوغان وآل سعود الذين سيترجون أوباما في رقصة سيف جديدة كما اعتادوا التباهي بها كي يخرجهم من نار حرقوا بها.
هذاالحلف المساوم الذي يدفع بحرب طائفية ظناً بأنها ستنهك جسد المقاومة وستصل إلى الراس في إسقاط الدولة السورية. هذا الدفع والتخريب سيفضح تتالي الخدع التي يمارسها الغرب وكيانه على شعوبه من دون كشف حجم الأبواب التي يفتحها على نفسه، بل إنه لم يستوعب ربما خطأ حساباته التي أشرقت فجراً مقاوماً أزال كل خطوط السياسة التي كان من الممكن سابقاً أن ترسم خطوطاً حمراء أي ردّ مقاوم، وولدت فرزاً مقاوماً أضعف حلف المساومة وعزله، وبدأت نتائجه بتوحيد الجبهات من سورية إلى لبنان واليمن.
نعم كل ساعة كانت الهامات المتواضعة ترسم لحظة انتصار أكثر من واقعة، فالمواقع بدأت تتهاوى وما كانوا يسعون إليه لمقعد أو موقع في مفاوضات هنا أو هناك.
هل سيفهم صناع القرار الغربيون وأذنابهم الفرق بين الفكر المقاوم الذي يرسم مستقبله على إيمان وثقة بين جميع خطوط الصراع مع الاحتلال وبين أصحاب الفكر المساوم الذي يبني تصوراته على أفكار ظرفية آنية أثبتت للصديق الروسي وغيره قبل العدو أن إرادتها فوق كل حسابات السياسة الغربية وا ستخباراتية؟ هذا ما دفع الروسي للدفع بقوة باتجاه صفقات التسلح الإيرانية والقوة الردعية لحزب الله والصمود السوري، إذاً، هذا ما فعلته حساباتكم المطروحة: تمزقٌ وفشلٌ للمساومين، وقوةٌ وإرادةٌ وحسابات نصر مفتوحة للمقاومين، فهل تصل هذه الرسائل لشعوبكم المخدوعة؟