جينتيلوني: نعمل من أجل السلام وملتزمون بمحاربة «داعش»
بدأ وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني جولة على المسؤولين اللبنانيين أمس، مؤكداً حرص بلاده على استمرار الحوار السياسي في لبنان، ومجدّداً التزامها والمجتمع الدولي بالعمل من أجل السلام ومحاربة الإرهاب.
وقد زار جينتيلوني رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، في حضور السفير الإيطالي ماسيو ماروتي والمستشار الإعلامي للرئيس بري علي حمدان، وجرى عرض للتطورات الراهنة والعلاقات الثنائية ودور قوات «يونيفيل» في الجنوب.
وفي السراي الحكومية، التقى رئيس الحكومة تمام سلام الوزير الإيطالي وبحث معه في العلاقات الثنائية بين البلدين.
بعد ذلك، انتقل جينتيلوني إلى قصر بسترس، حيث استقبله نظيره اللبناني جبران باسيل. وبعد عرض التطورات عقد الجانبان مؤتمراً صحافياً مشتركاً استهله باسيل قائلاً: «نعوّل كثيراً على دعم وتفهّم الدول الصديقة مثل إيطاليا للضغط على إسرائيل بغية وضع حدّ لتصرفاتها العدائية والهجومية التي تعيق التوصل إلى حلّ مستدام وعادل للأزمات في المنطقة».
وأكد «تمسّك لبنان بالحوار كوسيلة للولوج إلى حلول سلمية طويلة الأمد للأزمات التي تحوّل مسار منطقنا من الازدهار نحو اللااستقرار والعنف».
أزمة النزوح ومواجهة الإرهاب
ودعا المجتمع الدولي «ألا يفرض على لبنان ما يمتنع عن تطبيقه في دول أخرى». وقال: «لقد حافظنا على حدودنا مفتوحة مستقبلين مئات الآلاف من المواطنين السوريين بينما، وبالتوازي، سدّت بعض الدول الأوروبية حدودها في وجه مئات النازحين السوريين، ضاربة عرض الحائط مبدأ عدم الإبعاد».
وأضاف: «على الرغم من أن لبنان ليس طرفاً في معاهدة جنيف 1951 ، إلا أنه يطبّق مندرجاتها بشكل طوعي، ولكن لا يمكننا أن نقبل أن يلزمنا المجتمع الدولي بتطبيق ما يمتنع عن تطبيقه في دول أخرى. إنّ منح إجازات العمل وتسجيل الولادات ومنح وثائق أحوال شخصية للنازحين السوريين في لبنان هي إشارات أولية لاندماج مستدام لأكثر من مليوني أجنبي على أرضنا. إنّ هذا المنحى الخطير يهدّد وجود بلدنا، كما أنه تهديد لهويتنا، إنها بوادر توطين نرفضه شكلاً ومضموناً لأنه سوف يؤدي إلى ذوبان لبنان وفقدانه لدوره وغياب لرسالته الأخوية التسامحية».
وتابع باسيل: «إنّ ظهور المنظمات الراديكالية الإجرامية مثل داعش والنصرة في منطقتنا يمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين، ولبنان يدعو إلى إنشاء جبهة دولية فعالة تضم جميع الأطراف بهدف التركيز على تجفيف منابع تمويل هذه المنظمات، أكانت من قبل أفراد أو مجموعات أو دول. كما أنه يجب أن تركز الجهود الدولية على محاربة أولئك الذين يؤججون هذه الأيديولوجيات الظلامية، ويغذون المقاتلين الإرهابيين بالكراهية ويشجعونهم على مواصلة إجرامهم».
واعتبر أنه «آن الأوان لدعم الوجود الفعال للمسيحيين في الشرق الأوسط من خلال احترام حقهم في اختيار ممثليهم ودعم دورهم في تعزيز مبادئ التسامح وقيم الإنسانية في زمن أصبح فيه العنف والإجرام خبزنا اليومي».
دعم العيش الواحد
ولفت جنتيلوني، بدوره، إلى أهمية العلاقات التي تربط إيطاليا ولبنان، وقال: «أعتقد أنّ هذه العلاقات مهمة في المرحلة الراهنة، مرحلة توترات وعدم استقرار في منطقتنا، في الشرق الأوسط، والمتوسط. علينا معرفة أننا نواجه مشاكل مشتركة، وعلينا محاولة حلها معاً، ولا سيما أنّ لبنان يواجه مشاكل سياسية، ونأمل أن يستمر الحوار السياسي، ونحن ملتزمون جداً بدعم التعايش في لبنان بين مختلف الديانات والطوائف والدور السياسي لكلّ منها. إنّ هذا التنوع يشكل غنى للمنطقة بكاملها، يتمثل بإمكانية العيش معاً، والتعاون على المستوى السياسي بين المجتمعات الإسلامية المختلفة والأخرى المسيحية. نحن نواجه مشاكل متشابهة رغم أنها مختلفة من حيث الأعداد، فإيطاليا تواجه أعداداً هائلة من المهاجرين غير الشرعيين عبر المتوسط، وأعتقد أنه علينا أن نقوم بالجهود لنتشارك في تحمل كلّ هذه الأعباء، على المستوى الأوروبي كما على المستوى الدولي».
التعاون الاقتصادي
وأضاف: «كما تعلمون لدينا قطاعات مختلفة يتعاون فيها لبنان وإيطاليا، وأودّ الإشارة هنا إلى القطاع الاقتصادي، فنحن فخورون بأننا أول دولة أوروبية من حيث تصدير السلع إلى لبنان، ما يشير إلى العلاقة الجيدة بين شعبينا، ونودّ تعزيز هذه العلاقة الاقتصادية في ما بيننا، وغيرها من المجالات. وأودّ الإشارة كذلك إلى قطاع الأمن، فنحن ملتزمون بتدريب عناصر من الجيش اللبناني، كما أننا ملتزمون تقليدياً وبقوة مع قوات «يونيفيل» العاملة في الجنوب اللبناني، ونحن فخورون بالدور الذي تقوم به الكتيبة الإيطالية وقيادة الجنرال بورتولانو لهذه القوة الدولية».
ورداً على سؤال عن استهداف «داعش» للقنصلية الإيطالية في القاهرة، أجاب: «لقد كان تنبيهاً لإيطاليا وللمجتمع الدولي الذين هم ملتزمون بمحاربة داعش، ويتعاونون مع مصر، إنها رسالتهم ولكن جوابنا هو أننا نعمل من أجل السلام والحوار ولن نتراجع عن التزامنا بمحاربة داعش والإرهاب».
وبعد الظهر، تفقد وزير الخارجية الإيطالي مقرّ كتيبة بلاده العاملة ضمن قوات «يونيفيل» في بلدة شمع، قبل أن يغادر بيروت مساءً.