أوباما: من حق «إسرائيل» أن تخاف لأنّ إيران لم تغيّر ثوابتها إنزال لـ«درع الجزيرة» في عدن تمهيداً لقبول السعودية هدنة اليمن
كتب المحرر السياسي:
بدأت المساعي الحثيثة للترجمة العاجلة لنتائج «إيرانيوم» أو دخول إيران النادي النووي ومن خلاله مجموعة السبع الكبار، فخرج الرئيس الأميركي باراك أوباما يشرح للأميركيين معاني الاتفاق باعتباره الحماية الأمثل للأمن القومي الأميركي، بصورة ذكرت الأميركيين بخروج الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر بُعيْد التفاهم مع الصين وقرار الانفتاح عليها والتسليم بفشل سياسات العزل والحصار. وشرح أوباما أنّ الأولوية بنظره لا تزال منع إيران من امتلاك قنبلة نووية، وهذا التفاهم يتيح تحقيق هذا الهدف في صورة لا جدال حولها، أما تغيير سياسات إيران فشأن آخر، معترفاً بأنّ إيران لم تغيّر في ثوابتها وسياساتها، خصوصاً بالنسبة لـ«إسرائيل»، وأنّ الخلافات الأميركية ـ الإيرانية لا تزال كبيرة في مساحات متعدّدة من قضايا الشرق الأوسط، قائلاً إنّ من حق «إسرائيل» أن تخاف، فإيران دولة قوية وتعلن نيتها العمل على إزالة «إسرائيل» عن الخريطة، وتواصل دعمها المطلق لحزب الله الذي يشكل مصدراً لخطر حقيقي على «إسرائيل» وأمنها. وفيما لا تتوافر أداة قياس لفعالية خطاب أوباما في إقناع الأميركيين، فالأكيد أنه زاد من الذعر «الإسرائيلي»، ومن حيث لا يريد ولا يدري ترافع أوباما عن أنّ إيران دولة مبادئ لم تبع ولم تشتر لبلوغ هذا التفاهم ولم تفرّط بذرة من ثوابتها ولا من مكانة حلفائها ودعمها لهم.
على الضفة الإقليمية بدت السعودية أول المستعجلين لخلق أمر واقع في جبهة حربها المقلقة على اليمن، والتي تعرف أنّ الزمن المتاح لإقلاع التسويات والتفاهمات فيها لم يعد طويلاً، فقامت بإنزال «درع الجزيرة» في عدن وسيطرت على المطار والمرفأ، حيث تدور معارك طاحنة مع الثوار الحوثيين والجيش اليمني، بينما ارتفعت أعلام «القاعدة» علناً في المناطق التي دخلتها الآليات السعودية والإماراتية. وقالت مصادر روسية وأميركية أنّ اتفاقاً على التسريع بوضع الهدنة اليمنية موضع التنفيذ ووقف القتال قد تمّ بين موسكو وواشنطن، وأنّ المبعوث الأممي سيبادر لإجراء الاتصالات اللازمة لإعلان موعد جديد لسريان الهدنة التي كشف الإنزال السعودي في عدن أسباب تعثرها سابقاً. وبدا أنّ السعودية المدركة لخسارتها السياسية والعسكرية الجسيمة يمنياً أرادت تأمين جزء من عدن كالمطار والمرفأ والقصور الرئاسية لنقل جزء من رموز السلطة اليمنية السابقة المؤيدة لها للإقامة في عدن قبل القبول بوضع الهدنة موضع التنفيذ.
لبنانياً، على رغم الإجماع على عدم وجود مؤشرات على أولوية إقليمية دولية لتفاهمات وتسويات تطاول الملف الرئاسي في لبنان، تنشط المساعي والوساطات على إحداث خرق في جدار التشابك السياسي الذي تشكل الحكومة ساحته وآلية عملها في ظلّ الفراغ الرئاسي محوره. ويبدو أن الاتجاه هو لجعل مرسوم فتح الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي بدءاً من أول شهر آب المقبل، العنوان الأبرز لهذه المساعي، حيث يتحقق عبر هذا الباب ترتيب ملف العلاقة المأزومة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، ويستعيد التموضع السياسي والنيابي وضعه الطبيعي من جهة، وتكون الحكومة قد وضعت في رصيدها نموذجاً للقضايا التي تدرج على جدول الأعمال توافقياً على طريق رسم الآلية لإدارة الفراغ الرئاسي من جهة أخرى.
الاتفاق النووي ومبالغة اللبنانيين بلهفتهم
من المؤكد أن اتفاق فيينا سينعكس إيجاباً على الملف اللبناني، لكن هذا الانعكاس لن يظهر سريعاً، فلبنان ليس ملفاً ملحاً بالأهمية للأطراف المعنية في صراع الشرق الأوسط، والأزمة اللبنانية ملف فرعي أمام الأزمات الأصلية كسورية والعراق واليمن، وحلها سيتأخر لحين إيجاد الحلول للأزمات العالقة في المنطقة. وعلى رغم ذلك، فإن لبنان سيحافظ في مرحلة الانتظار على الوضع المتوازن إلى حد بعيد، والمساكنة بين «الأعدقاء» لحين حلول الأجل المحدد للبنان والذي لا يتوقع أن يكون قبل أواخر عام 2016.
وتؤكد مصادر مطلعة لـ«البناء» أن اللبنانيين يبالغون بلهفتهم للبحث عن انعكاس هذا الاتفاق ويبالغون في تضخيم لبنان في عقل وقلب الغربيين، فلبنان ليس أولوية على طاولة الكبار». وتشير المصادر إلى «أن ما يهم الدول الإقليمية والغربية في الوقت الراهن هو المحافظة على الاستقرار الهش، والحفاظ على الحد الأدنى من الوصل الداخلي من دون فرط ما تبقى من مؤسسات كالحكومة وطاولة الحوار». وشددت المصادر على «أن لبنان مرتبط بإحكام بالملف السوري ولن تحل الأزمة فيه قبل معالجة الوضع في سورية».
وتوقع الرئيس نبيه بري أن تكون للاتفاق على الملف النووي الإيراني انعكاسات إيجابية على المنطقة وأن يساعد على تحقيق الانفراج في لبنان. وقال بري أمام النواب في لقاء الأربعاء النيابي في عين التينة: «ربما يساهم الاتفاق النووي بخلق أجواء مساعدة على إزالة التعقيدات أمام انتخاب رئيس للجمهورية».
جلسة انتخاب الرئيس على وقع اتفاق فيينا
إلى ذلك، لم تنسحب الأجواء النووية الايجابية على جلسة انتخاب الرئيس السادسة والعشرين التي شهدت إرجاء جديداً لعدم اكتمال النصاب إلى 12 آب المقبل. وتحدث رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة من المجلس النيابي، على وقع اتفاق فيينا، مؤكداً الحرص على بناء علاقات جيدة مع إيران.
واعتبر رداً على سؤال لـ«البناء» حول انعكاس الملف النووي على الانتخابات الرئاسية «أن الملف الرئاسي هو مسألة لبنانية وليست خارجية، طبيعي أن يكون التأثير الخارجي من العوامل المساعدة لكن من يريد تسليم قيادته لكل الأحداث الخارجية يصبح وكأنه في سفينة من دون أشرعة وتتقاذفها الرياح، ومن يظن أنه حقق مكاسب أو حقق خسارة نتيجة الاتفاق النووي يكون قصير النظر وعديم الرؤية، هذه المنطقة ميزتها العيش ولا أحد يستطيع أن يفرض على الآخر ما يريده، يجب أن يكون هذا العمل بالتوافق وليس على أساس تسجيل أهداف أو تحقيق انتصار فئة على أخرى».
ولفتت مصادر تيار المستقبل لـ«البناء» إلى «أن الاتفاق النووي سينعكس تحالفات وخلطاً لأوراق جديدة بين الطرفين المتخاصمين 8 و14 آذار. ولن يعود الوسطيون مجبورين على الاختيار بين محور وآخر. والأجهزة الأمنية والعسكرية ستكون الرابح الأول والانتخابات الرئاسية ستأتي بشخصية توافقية تحظى بتأييد الطرفين الإيراني والأميركي».
ورأت أنه لا يمكن تقدير مدى وطبيعة هذه الانعكاسات في الوقت الراهن كما أنه ليس بالضرورة أن تحل جميع المشاكل والأزمات في لبنان بمجرد توقيع هذا الاتفاق، خصوصاً أن التأثير الأكبر الآن على المستويين الدولي والإقليمي هو للواقع الحاصل في سورية حيث لا مؤشرات في المدى المنظور لحل الأزمة السورية».
واستبعدت المصادر «أن يرى لبنان رئيساً للجمهورية نتيجة تسوية إيرانية أميركية لأن الأميركيين لا يسألون عن هذا الاستحقاق اللبناني»، مشيرة إلى «أن لبنان دخل الآن مرحة الانتظار لكي يظهر مدى تبدل الأمور على المستوى الإقليمي لكي يصل لبنان إلى بر الأمان». وأوضحت أن حوار حزب الله تيار المستقبل هو أقل بكثير من رؤية استراتيجية بل هو رؤية ضيقة للأمور تتعلق بالحفاظ على نوع من الاستقرار وحل المسائل التي يمكن حلها بانتظار أن تأتي الحلول الكبرى للمنطقة وليس بالضرورة أن يكون مدخلها توقيع الاتفاق النووي».
دورة استثنائية للمجلس
إلى ذلك تتواصل الجهود في الكواليس لفتح دورة استثنائية لمجلس النواب. ويزور أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان معراب اليوم في إطار التشاور المفتوح بين الرابية ومعراب، في عمل مجلس النواب لا سيما أن رئيس حزب القوات سمير جعجع يجري اتصالات مع المعنيين من تيار المستقبل والتيار الوطني الحر لعدم سقوط الحكومة وتفعيل عمل المجلس.
في غضون ذلك، واصل التيار الوطني الحر تحركه باتجاه الشارع، حيث نظم مساء أمس مسيرة من نحو 70 سيارة من ميرنا الشالوحي باتجاه الأشرفية .وقام الموكب برمي مناشير تضمنت الآتي: «أنا مسيحي، لن أسمح بتهميشي، لن أقبل برئيس صوري لا يؤثر في المعادلة، لن أقبل بقانون انتخابي يلغي تمثيلي، لن أقبل بقيادات منقادة… معاً نستعيد حقنا».
مطمر الناعمة إلى الواجهة مجدداً
في سياق آخر، عاد مطمر الناعمة إلى الواجهة مجدداً. وأبلغت رئاسة الحكومة مجلس الإنماء والإعمار الموافقة على مواصلة العمل بمطمر الناعمة في شكل استثنائي لتفادي تراكم النفايات لحين البت بالمناقصات. في موازاة ذلك يتحضر أهالي عرمون إلى تنفيذ خطوات تصعيدية رداً على عدم إقفال المطمر، وأعلنوا أن يوم غد الجمعة سيكون يوماً تاريخياً».