جوان قرجولي: الموسيقى قادرة على خلق جيل محصّن ضدّ الكراهية والعنف والتطرّف

دمشق ـ محمد سمير طحّان

يقول الموسيقي جوان قرجولي إن المجتمع السوري في حاجة اليوم إلى تشجيع التعليم الموسيقي أكثر من أي وقت مضى، لخلق جيل محصن ضد الكراهية والعنف والتطرف. ويشير إلى أنه نبه وما زال إلى ضرورة الاهتمام بمادة الموسيقى في المدارس، وإلى ضرورة عدم جعلها عبئاً على الطلاب والأساتذة، مظهراً أن ثمة مشاكل كثيرة تتضمنها هذه المادة، فالمناهج موضوعة بطريقة غير علمية وفيها أخطاء لا تغتفر ولا تلائم مستوى الطلاب الهواة وتتجاهل طبيعة البيئة الريفية ، ما تسبب بنفور الطلاب من الموسيقى في المدارس.

يوضح منجز أول تجربة في تعليم الموسيقى عبر الانترنت في العالم أنه من خلال معرفته بحاجة معظم المحافظات السورية إلى معاهد تعليم الموسيقى، وخاصة في الأرياف، وإيمانا منه بضرورة نشر تعليم الموسيقى للجميع بحيث لا تكون حكراً على الموهوبين أو أصحاب الحظ بدخول أحد معاهد وزارة الثقافة لتعلم الموسيقى، أطلق «معهد أوتار أون لاين» لتعليم الموسيقى افتراضياً.

حول الصعوبات التي واجهت إطلاق المعهد على الإنترنت يوضح قرجولي أنها عقبات متوقعة سلفاً تتعلق بتأمين مبرمجين قادرين على تقديم موقع تعليم متكامل، وبتشغيل هذا المركز الأول من نوعه في العالم، إلى جانب مشاكل انقطاع الكهرباء وبطء الإنترنت وانقطاعه أحياناً.

يؤكد عازف العود أنه بالإصرار على إنجاح التجربة، وبتعاون الطلاب، تم التغلب على معظم العقبات فكانت الدروس تعطى أحياناً عبر الهاتف وفي ساعات متأخرة ليلاً، أو عند ساعات الفجر الأولى، والعقبة الأكبر في وجه المشروع التي لم تحل بعد هي الحصار الاقتصادي والتكنولوجي الجائر المفروض على سورية.

يشير مدير «معهد أوتار أون لاين» إلى أنه في السنة الثانية من انطلاق مشروعه حقق نسبة مئة بالمئة في ما يقدمه من متطلبات الموسيقى، ولم يكن يتوقع تجاوز نسبة سبعين في المئة عند وضع الجدوى من المركز، وهي نسبة جيدة جداً، معتبراً أن أهم ما يميز تجربة تعليم الموسيقى عبر الانترنت أنها موجهة إلى مختلف الأعمار ولكل شخص في أي مكان من العالم، ما يسهل على الجميع تعلم الموسيقى، خاصة أن الكثير من طلاب المعهد هم من غير السوريين من الذين لا تتوافر في بلدانهم معاهد تعليم موسيقية، وهم يتعلمون ويتطورون بشكل سريع وجيد.

حول الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع يؤكد قرجولي أنه لو انتشر هذا الموقع في أنحاء العالم لأتاح فرص عمل للكثير من أساتذة الموسيقى، إلى جانب بقية الفروع الفنية مثل الرسم والتصوير الضوئي والرسوم المتحركة، فضلاً عن إدخال قطع أجنبي للبلد من عائدات المشروع.

عن الفارق بين تجربة العمل في المؤسسة الثقافية الرسمية والعمل الحر يقول المدير السابق لمعاهد الموسيقى في وزارة الثقافة إن العمل ضمن أنظمة وقوانين محددة يقيد ويحد نوعاً ما من تطور العمل لعدة أمور ترتبط بالموازنة والخطط وغيرها، وهذا غير موجود في العمل الخاص. ويعتبر قرجولي أن مشروعه الخاص هو نشر تعلم الموسيقى في كل مكان، وهذا ما يعمل عليه بكامل طاقته، موضحاً أن لا تضارب لديه بين عمله الإداري التدريسي وعمله وطموحه كعازف عود، وهذا يعود إلى التخطيط المنظم لجزئيات العمل كلّها لديه.

في ما يتعلق بالمشاكل التي يعانيها الموسيقيون في سورية يقول قرجولي إن لا جهة رسمية لدينا مخولة بمنح ترخيص إنشاء مركز خاص لتعليم الموسيقى، ما يدفع عدداً كبيراً من الموسيقيين السوريين المتميّزين للعمل في المرابع الليلية، بدلاً من العمل بشكل راق في مراكز تعليم الموسيقى التي هي مكانهم الطبيعي كممارسين لمهنة الموسيقى بعدما عانوا ليتعلموا ويحملوا إجازة جامعية في هذا التخصص الإبداعي والمهم للمجتمع عامة وفي البلد الذي خرجت منه أول نوطة موسيقية للعالم.

يؤكد قرجولي أن حل مشكلة ترخيص المعاهد الموسيقية الخاصة يكون بإصدار قانون يخوّل إحدى الوزارات حق منح ترخيص إنشاء مراكز خاصة لتعليم الموسيقى لخريجي المعهد العالي للموسيقى من دون تعقيدات روتينية وبيروقراطية أو تكليف وزارة الثقافة بمنح هذا الترخيص، مثل وزارة التعليم العالي التي تمنح حق ممارسة المهنة لجميع خريجي الكليات التي تتبع لها.

يلفت عازف العود إلى أن لدى سورية عدداً كبيراً من الموسيقيين المتميزين هم في معظمهم فنانون وطنيون يساهمون في بناء وطنهم مع باقي أفراد المجتمع، وهم في حاجة إلى رعاية أكبر ليتمكنوا من العمل بكرامة في وطنهم ويقوموا بدورهم الأساسي في الخروج من الأزمة التي نعيشها ومعالجة آثارها على الإنسان، خاصة الأطفال الذين سيبنون مستقبل سورية.

جوان قره جولي من مواليد دمشق عام 1972، درس في المعهدين العربي والعالي للموسيقى في دمشق وتخرج منه سنة 1997 وتدرب على يد أشهر عازفي العود في العالم، كما شارك في ورش عمل مع موسيقيين من الهند واليابان واليونان، وعزف في أكثر من أربعة عشر بلدا وحاز دروعاً تكريمية من سورية ولبنان ومصر وتونس، كما حاز جائزتين في مجال الموسيقى التصويرية للأفلام من اليابان وسريلانكا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى