«بركان الناعمة»… ثورة بيئية على «مطمر الموت»

يوسف الصايغ

تبخّرت الوعود ومطمر الناعمة لن يقفل اليوم، وعليه بات موعد السابع عشر من تموز خلف حكومة سلام التي أبلغت مجلس الإنماء والإعمار، بناءً لطلب وزير البيئة، موافقتها على مواصلة العمل بمطمر الناعمة بشكل استثنائي في محاولة لتفادي تراكم النفايات في الطرق، وذلك إلى حين البتّ بالمناقصات، ما يعني أنّ السموم لن تتوقف ومعاناة الأهالي لن تنتهي. لكن ماذا بعد صفقة التمديد في ظلّ رفض الخطة التي طرحها وزير البيئة لتمديد العمل بالمطمر لفترة انتقالية؟

بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده أهالي بلدة بعورته قبل يومين، حيث أكدوا جدية التحرّك في الموعد المقرّر لإقفال المطمر، وُجهت الدعوة من قبل حملة «إقفال مطمر الناعمة» وحملة «كفى نفايات» وجمعيات بيئية أخرى للتوجه صباح اليوم الجمعة إلى مدخل «مطمر الموت» لإقفاله بشكل نهائي، بعد فشل مسعى وزير الزراعة أكرم شهيب في إقناع المعتصمين بتأجيل تحركهم إلى الاثنين المقبل، أي إلى ما بعد عطلة عيد الفطر، الذي اصطدم بإصرار الجهات الداعية إلى التحرك وبقاء الأهالي على موقفهم الثابت بإقفال المطمر اليوم الجمعة.

وفي السياق، جزم الناشط البيئي د. أجود عياش في تصريح لـ «البناء» أنّ موعد التحرك ثابت عند الساعة العاشرة صباحاً، وغير قابل للمساومة بأي شكل من الأشكال وخيم الاعتصام سوف توضع عند مدخل المطمر، وستبقى هناك حتى التخلص من هذا «البركان»، بحسب عياش الذي أكد أن «لا علاقة لحملة إقفال مطمر الناعمة بأي جهة سياسية أو زعامات إقطاعية».

وإذ حمّل عياش رئيس الحكومة تمام سلام، ومن خلفه وزير البيئة محمد المشنوق، «المسؤولية عن السير بقرار التمديد للمطمر، خلافاً للوعود السابقة بإقفاله في السابع عشر من تموز»، أعرب عن أمله «بأن يترجم اللقاء الديمقراطي موقفه الرافض للتمديد بشكل عملي على الأرض».

أما حول المخاوف من حصول صدام مع القوى الأمنية، أكد عياش سلمية التحرك، قائلاً: «نحن كأحرار لا يمكن أن نكون إلا سلميين وسنفترش الأرض، ولن يمرّوا إلا على أجسادنا، والله حلل الدفاع عن النفس». وختم: «نحن نسترخص دماءنا من أجل نظافة هوائنا»، داعياً «كلّ الأحرار إلى المشاركة في التحرك والتعبير عن موقفهم الرافض لاستمرار عمل المطمر».

وأشار الناشط البيئي نضال عياش، بدوره، في اتصال مع «البناء» إلى محاولات تمّت «لجسّ نبض المجتمع المدني ومدى جاهزيته وكان هناك رهان على وقف تحركنا لكننا لن نتراجع»، لافتاً إلى «أنّ القوى السياسية تدرك عواقب أي موقف متخاذل، ونحن ندعوها إلى اتخاذ خطوات تصبّ في مصلحة أهالي المنطقة وإرادتهم».

كما أشار إلى «تعاظم النقمة الشعبية في الأسبوعين الأخيرين بعد أن باتت الروائح الكريهة المنبعثة من المطمر تصل إلى مناطق أبعد، وهو بالتالي ما ساهم في تعزيز الموقف الرافض لمواصلة عمل المطمر»، مؤكداً «أنّ موقفهم مستقلّ عن قرار اتحاد البلديات بالاعتصام لمدة ثلاثة أيام فقط». وأضاف: «سندخل وبمشاركة واسعة من تجمّع عرمون بلدتي في اعتصام مفتوح»، مشدّداً على «سلمية التحرك».

وفي سياق الحديث، عن صفقة التمديد لمطمر الناعمة، تشير معلومات إلى محاولات جرت لتمديد عقد شركة «سوكلين» لمدة ستة أشهر إضافية من خلال كتاب موقَّع من وزير البيئة محمد المشنوق ومرسل عبر رئاسة الحكومة إلى مجلس الإنماء والإعمار، فضلاً عن فرض الشروط التعجيزية التي كانت سبب عدم تقدم الكثير من الشركات إلى المناقصات، ما أفضى إلى تمديد العمل بالمطمر بذريعة فشل المناقصات ووجود ثغرات.

من جهة ثانية، وفي سياق الضغط على الأهالي وإجبارهم على الرضوخ لقرار التمديد للمطمر، هناك من يتحدث عن لجوء الدولة وشركة «سوكلين» إلى قطع الكهرباء بشكل متعمَّد عن الأهالي المستفيدين من الطاقة التي تنتجها الشركة من النفايات، وذلك بغية جعل الأهالي يرضخون لوجود المطمر مقابل تزويدهم بالكهرباء.

عليه يبقى الرهان على التحرك الذي سيقام عند مدخل المطمر اليوم تحت شعار «إقفال الطريق أمام الشاحنات المتجهة إلى المطمر»، في سيناريو يعيد إلى الأذهان التحركات السابقة التي حصلت، ويبقى السؤال: هل تثمر تحركات اليوم قراراً سياسياً يقضي بإقفال مطمر الناعمة، لا سيما بعد أن غطت صفقات السياسة على مرّ السنوات الماضية على رائحة النفايات التي فتكت بصحة أبناء المنطقة الذين يؤكدون جديتهم في التصدي لقرار التمديد الجديد، ووقف العمل بالمطمر بشكل نهائي؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى