عدن: الحوثيون يستعيدون المطار وقاعدة العند تستعصي على السعودية الجيش السوري والمقاومة يتقدمان في الزبداني… ونزيف عراقي مصري
كتب المحرر السياسي :
على رغم النوايا الغربية الواضحة عموماً والأميركية خصوصاً، بتشحيم ماكينات الحلفاء وتجهيزها لجولة مواجهة تستردّ الثقة بالنفس وبالتماسك في التحالفات، وتؤكد أن لا صفقات عقدت على حساب الحلفاء، تبدو هذه الجولة محكومة كالملف النووي الإيراني بنهاية حتمية هي التسويات والتفاهمات، حيث الحرب التي أدّى طريقها المسدود إلى التفاهم على ما هو أصعب سيؤدّي للسبب نفسه إلى التفاهم على ما هو أدنى، وحيث لا قدرة على التحكم بالدينامية التي أطلقها التفاهم بذاته من إعادة فتح للسفارات وترتيب للعلاقات وانعقاد للقاءات، والتشاور في مجالات التعاون في الحرب على الإرهاب كما قال المسؤولون الأميركيون مراراً، وحيث التطلع إلى السوق الإيرانية الواعدة يحكم حركة الشركات الغربية الكبرى، التي تشكل القاعدة المتينة لصناعة القرار السياسي في دول الغرب، مما سيتكفل بتحويل الموقف الغربي عموماً والأميركي خصوصاً إلى تضامن شكلي مع حلفاء مأزومين جرّبوا حظوظهم في فترات الخصومة الأميركية الإيرانية باستفراد حلفاء إيران وفشلوا. وجاءهم اليوم الكلام الأميركي على لسان الرئيس باراك أوباما عن أنّ التفاهم النووي لم يكن مشفوعاً بتفاهمات إقليمية كانوا يحلمون بها ويأملون أنها ستجلب لهم بعضاً من جوائز الترضية. وجاء بعده مهر الكلام الأميركي بخاتم مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي، الذي أعلن بوضوح أنّ إيران لن تغيّر شيئاً من ثوابتها السياسية ولن تتخلى خصوصاً عن حلفائها في اليمن والبحرين والعراق وسورية ولبنان وفلسطين.
في هذا المناخ بدت الجبهات تستعدّ للسخونة التي لم تنتظر ولادة التفاهم النووي، بل بدأت لمجرّد أنّ بوادر الاتفاق قد برزت قبل يومين من التوقيع، فتحرك «درع الجزيرة» لإنزال خمسة آلاف جندي سعودي وإماراتي ومئتي مدرّعة في عدن، لفرض أمر واقع لحساب الفريق اليمني المقيم في المنفى والعاجز عن خوض حربه في اليمن على رغم الغطاء الجوي والدعم البحري السعوديين والاستناد إلى مقاتلي تنظيم «القاعدة» في القتال ضدّ الحوثيين والجيش اليمني. ومع نجاح المرحلة الأولى للإنزال بالسيطرة على المرفأ والمطار في المدينة وعدد من أحيائها تحقق قدر من التوازن العسكري في عدن، إلا أن الأوهام بتحقيق المزيد والتوجه نحو قاعدة العند جنوب عدن، أسقطت فرصة الرياض بالدخول في تنفيذ هدنة كانت هي حالت دون سريان مفعولها بعدما أعلنها المبعوث الأممي قبيل عيد الفطر بأربعة أيام، وكانت العودة السعودية للتشجيع على إعلانها ستحفظ في عدن وضعية تتيح تقديم فريق منصور هادي ومن خلفه السعودية بقدر من حفظ ماء الوجه وتمهّد لتفاوض بقدر من التوازن، لكن الأوهام بالتوسع منحت الحوثيين وحلفاءهم والجيش اليمني الفرصة لشنّ هجوم معاكس انتهى باسترداد مطار عدن والتقدّم نحو أحيائه المجاورة ومواصلة تحقيق الإنجازات وصولاً إلى وضع مرفأ عدن في مرمى النيران المباشرة والحؤول دون استخدامه.
كما على جبهة عدن، تحاول الجماعات المسلحة في سورية استرداد أنفاسها، وتنظيم صفوفها بدعم من الحلفاء الإقليميين لواشنطن بعناد يعكس الحاجة لأيّ نصر ولو إعلامي، لكن التحوّل في مسار الحرب يبدو أنه بات ثابتاً لمصلحة الجيش السوري والمقاومة وعلى جميع جبهات القتال، خصوصاً في الزبداني، حيث يسجل الهجوم هناك المزيد من النجاحات على حساب مواقع «جبهة النصرة» وحلفائها، وصارت المعارك الدائرة في بساتين سهل الزبداني بمثابة المصيدة لمسلحي «النصرة» الذين يسقطون بالعشرات.
في العراق ومصر تصعّد الجماعات الإرهابية هجماتها، ويتواصل النزيف الدموي جراء العمليات العسكرية والأمنية، والتفجيرات الانتحارية بين المدنيين، حيث سقط في بعقوبة وحدها أكثر من ثلاثمئة بين قتيل وجريح في تفجير انتحاري استهدف سوقاً شعبية أول أيام العيد.
لبنان الذي هزت حبل الأمن فيه عملية اختفاء السياح أو الصحافيين التشيكيين وفقاً للمعلومات المتضاربة حول هويتهم، والظروف الغامضة لاختفائهم، وشغلته تصريحات أمير «جبهة النصرة» في القلمون حول مصير العسكريين المخطوفين بعد ترتيب لقاء العيد الهوليودي لعائلاتهم بهم، شكلت زيارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى الرياض ولقائه بالملك السعودي الخبر الأهمّ سياسياً، خصوصاً مع ما رافق الزيارة من كلام لجعجع حول سلاح المقاومة وحول السخونة المتوقعة في المنطقة بعد التفاهم النووي الغربي مع إيران.
ملف النفايات إلى مجلس الوزراء
تستأنف الاتصالات مطلع هذا الأسبوع بعد أن اقتصرت في عطلة الفصح على المعايدات، ولم يسجل أي تقدم على صعيد إيجاد حل للأزمة الحكومية، ولفتح دورة استثنائية لمجلس النواب لإقرار مشاريع قوانين في أدراج المجلس النيابي، على أن تشكل جلسة تكتل التغيير والإصلاح يوم الثلثاء وما يصدر عنها من مواقف مؤشراً لما ستؤول إليه الأوضاع داخل مجلس الوزراء الذي سيعود إلى الانعقاد الخميس المقبل للبحث في آلية عمل الحكومة، وفي ملف النفايات وإقفال مطمر الناعمة الذي من المرجح أن يثير خلافاً بين مكونات الحكومة، لا سيما أن وزراء تكتل التغيير والإصلاح يعتبرون أن ما جرى تمهيد للتمديد لسوكلين.
ولم يستبعد وزير البيئة محمد المشنوق «أن يفرض موضوع النفايات نفسه على جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس، وإذا لم يثر أحد هذا الموضوع فسأثيره أنا من دون أن يعني ذلك بالضرورة التغطية على موضوع آلية عمل الحكومة»، نافياً أن «يكون الهدف من إثارة هذا الأمر التغطية عن عمد على الآلية بدليل أن لا نفايات في الشوارع».
وأكدت مصادر رئيس الحكومة تمام سلام لـ»البناء» انه يصر على عدم مخالفة الدستور وعدم التعدي على صلاحيات رئيس مجلس الوزراء». وتحدثت المصادر عن مشاورات ستبدأ اليوم لضمان انعقاد الجلسة بحد أدنى من التوافق للعودة إلى انتظام آلية عمل مجلس الوزراء.
ركائز جنبلاط للعمل الحكومي
واعتبر وزير الصحة وائل أبو فاعور «أن أي مقاربة للعمل الحكومي يجب أن تقوم على ركائز ثلاث، وهي احترام الدستور واتفاق الطائف وعدم التعطيل وتوسيع قاعدة التفاهم»، مشدداً على «أن اللقاء الديمقراطي سوف يتمسك في جلسة مجلس الوزراء بهذه الأقانيم الثلاثة، ويصر على عدم تسجيل أي سوابق غير دستورية وعدم الموافقة على أي آليات مخالفة لاتفاق الطائف، تحت عنوان مراعاة موقف هذا الطرف أو ذاك». ودعا إلى «ضرورة عقد جلسة لمجلس النواب وفتح باب التشريع والتوقف عن تعطيل مجلس النواب بذرائع واهية، لا تقنع حتى أصحابها».
جعجع يزور سلمان
في سياق آخر، وعلى وقع الاتفاق النووي وتأثيراته الايجابية على حل الملف الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية سارع رئيس حزب القوات سمير جعجع إلى زيارة السعودية حيث التقى الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز وتم عرض للأوضاع على الساحة اللبنانية، بحضور ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وعدد من الوزراء إضافة إلى رئيس الاستخبارات العامة خالد بن علي الحميدان. وقد أعرب جعجع عن شكره وتقديره للمملكة على دعمها وحرصها على أمن لبنان واستقراره.
حزب الله يستهدف «النصرة»
أمنياً، استهدف حزب الله تحركات ومراكز «جبهة النصرة» في جرود الجراجير في القلمون الغربي بصواريخ 107 ملم وقذائف الفوزديكا. ووقعت مجموعة مسلحة في كمين محكم للجيش السوري وحزب الله قرب «تلال النعيمات» التي تبعد عن مدينة القصير أكثر من 6 كلم، وقد تم قتل المجموعة بالكامل، والبالغ عددها 8 مسلحين.
وأوقفت استخبارات الجيش في بلدة اللبوة في البقاع الشمالي عشرة أشخاص يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم إرهابي، بينما كانوا في طريقهم من جرود عرسال إلى داخل الأراضي اللبنانية، وتمت إحالتهم إلى القضاء المختص.
وأكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، أن «الحزب بعد الاتفاق النووي الإيراني، وعلى رغم كل حروب التكفيريين، هو نفسه اليوم كما كان بالأمس، وسيكون غداً وبعد كل يوم حزب المقاومة ونصرة فلسطين وحماية لبنان من كل خطر أكان إسرائيلياً أو تكفيرياً على السواء، وهذا هو عهدنا فلا نغير ولا نبدل تبديلاً».
ولفت إلى أن «المقاومة التي أرادوا لها أن تعود إلى الوراء عشرين عاماً استطاعت اليوم أن تتقدم إلى الأمام عشرين عاماً، فبعد 9 سنوات على انتصار تموز عام 2006 هي اليوم تشهد على حياة متجددة لها، وهي اليوم وبعد أن كان شيمون بيريز في عام 2006 يقول إننا بهذه الحرب قضينا على حزب الله بالموت، وإنها معركة الموت أو الحياة، قد استطاعت أن تعزز قدراتها وقوتها عسكرياً وشعبياً وسياسياً».
إلى ذلك، أكد أهالي العسكريين المختطفين بعد عودتهم من لقاء أبنائهم المخطوفين لدى «جبهة النصرة» الإرهابية في جرود عرسال أول من أمس أن العسكريين جميعهم بصحّة جيدة وأن الخاطفين لديهم مطلبان «الأول يتمثّل بإطلاق سجى الدليمي وجمانة حميّد من سجن رومية والثاني بتأمين ممر آمن للمهجرين السوريين في المخيمات لينتقلوا إلى بلدة فليطة السورية».
من ناحية أخرى، لا تزال عائلة صائب فياض سائق سيارة التشيكيين الذين مر أكثر من أربع وعشرين ساعة على اختفائهم، لا تملك أي معلومات عن ابنها خصوصاً أنّ الأجهزة الأمنية لم تقدّم لها أيّ معطيات. والتشيكيون الخمسة الذين فقد الاتصال بهم، بينهم محامي الدفاع عن علي فياض الموقوف لدى السلطات التشيكية، وشقيق صائب، اضافة الى مترجم وصحافيين اثنين تشيكيين يتابعان ملف فياض اعلامياً. وتجري القوى الأمنية تحليلاً للاتصالات والصور التي التقطتها الكاميرات في المنطقة.