الجيش السوري يحسم الحرب… وشركاء العدوان يعيشون صدمة الهزيمة
هشام الهبيشان
يبدو واضحاً لجميع المتابعين أن الجيش العربي السوري وحلفاءه قد استطاعوا أخيراً استعادة زمام المبادرة في الكثير من ساحات المعارك الممتدة على مساحات واسعة من الجغرافيا السورية، وبهذه المرحلة التي يتمّ بها الاطباق على باقي حصون المسلحين في الزبداني والقلمون الشمالي الغربي وريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي وأرياف إدلب الجنوبي والجنوبي الغربي والغربي والشمالي الغربي وريفي حمص الشمالي والشرقي وريف اللاذقية الشمالي، ومجموع هذه العمليات تتم بعمليات نوعية وخاطفة، أما في حلب فالجيش السوري يستكمل اليوم مخطط عملياته من جديد للإطباق على بعض الأحياء بالمدينة التي تتحصن بها الميليشيات المسلحة، وبالريف الحلبي هناك أيضاً تقدم ملحوظ للجيش السوري في ريفي حلب الشمالي والشرقي، وفي ريف القنيطرة الشمالي والشمالي الغربي هناك عمليات نوعية وخاطفة للجيش العربي السوري وقوى المقاومة الشعبية، وهذا الأمر ينسحب كذلك على أرياف درعا الشمالية والشمالية الشرقية والجنوبية الغربية وريف السويداء الشرقي، وهذا الأمر ينطبق كذلك على التصدي للمجاميع المسلحة والتقدم للجيش بمدينتي الحسكة ودير الزور.
والواضح اليوم أن تطورات الميدان الأخيرة بعد فشل عاصفة الجنوب بدرعا والقنيطرة وفشل غزوة السويداء، وانهيار مشروع ومخطط محاصرة دمشق من خاصرتها الشمالية والشمالية الغربية «القلمون» ومن جهتي الغوطتين الغربية والشرقية، وفشل مخطط استكمال غزة ـ إدلب بإكمال مراحلها بحمص وحماه وحلب، وانهيار منظومة غرفة عمليات فتح حلب وأنصار الشريعة وفشلها عن تحقيق أي اختراق بمدينة ومحافظة حلب، والصمود الأسطوري للجيش العربي السوري وقوى المقاومة الشعبية بدير الزور والحسكة، هذه العوامل بمجموعها تؤكد أن الدولة السورية استطاعت أن تستوعب وتتكيّف مع الغزوة الأخيرة للمجاميع المسلحة المتطرفة وداعميها، وهذا الاستيعاب والتكيف مع هذه الموجة وما سبقها من موجات لغزوات سابقة تعرضت لها سورية هو مستمر منذ أربع سنوات مضت، فسورية الدولة صمدت أمام موجات أكثر صعوبة من الموجة التي نعيشها اليوم، فقد كانت الموجات السابقة متعددة الوجوه والأشكال والفصول «عسكرية اقتصادية اجتماعية ثقافية إعلامية دموية»، ومجموع هذه الأنماط هزم وكسر على أبواب الصخرة الدمشقية والسورية الصامدة.
وهنا يجب عدم إنكار أن الحرب على سورية التي كانت رأس الحربة فيها الولايات المتحدة الأميركية وربيبتها بالمنطقة «إسرائيل» الصهيونية وفرنسا وبريطانيا وشركاؤها من الأتراك وبعض القوى الصغيرة والأدوات الأخرى بالمنطقة، ساهمت بشكل كبير بمرحلة ما في إضعاف الدولة السورية، وقد كادت كثافة الضغط على الدولة السورية أن تؤدي إلى إسقاط الدولة السورية ككل بحالة الفوضى، لولا حكمة العقلاء الوطنيين من الشعب السوري بغض النظر عن مواقفهم السياسية، وقوة وتماسك الجيش العقائدي العربي السوري، وقوة ومتانة التحالفات الإقليمية والدولية للدولة السورية مع «روسيا إيران»، فهذه العوامل بمجموعها ساهمت «مرحلياً» في صد أجندة وموجات هذه الحرب الهادفة إلى إغراق كل الجغرافيا السورية بحالة الفوضى.
وكما أنه لا يمكن إنكار دور وحجم الهجمة الأخيرة على سورية بالتأثير في مجمل الوضع العام للمعادلة الداخلية السورية، وهنا لا يمكن كذلك إنكار حجم ودور الرد السوري العسكري والإعلامي السريع وبحرفية على هذه الهجمة للتخفيف من آثارها في المعادلة الداخلية السورية، فتسارع هذه الأحداث وتعدد جبهات القتال على الأرض والانتصارات المتلاحقة للجيش العربي السوري بمحيط دمشق وما يصاحبها من هزائم وانكسارات وتهاوي بعض قلاع المسلحين «المعارضين بحسب التصنيف الأميركي»، سيزيد بشكل واسع من ثقة المواطن السوري بدولته ونظامه وجيشه.
إنّ تسارع الأحداث والتطورات الميدانية، وتعدّد جبهات القتال على الأرض والانتصارات المتلاحقة للجيش السوري وما يصاحبها من هزائم وانكسارات وتهاو في بعض قلاع المسلحين، «المعارضين بحسب التصنيف الأميركي»، سيجبر الكثير من القوى الشريكة في الحرب على سورية على تغيير موقفها من هذه الحرب والاستدارة نحو التفاوض مع الدولة السورية، في محاولة لتحقيق وكسب بعض التنازلات عن المبادئ السورية الثابتة، لعلها تحقق ما عجزت عن تحقيقه في الميدان، وهذا ما ترفضه الدولة السورية اليوم وفي شكل قاطع، حيث تؤكد القيادة السورية والمسؤولون جميعاً، أنهم لن يقدموا لأميركا وحلفائها أي تنازلات، ويقولون بصريح العبارة «إنّ ما عجزت أميركا عن تحقيقه في الميدان السوري، لن تحققه على طاولة المفاوضات».
إن صمود سورية اليوم عسكرياً، ودعم حلفاء سورية لها عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، وتوسع الجيش العربي السوري بعملياته لتحرير الأرض مدعوماً ومسنوداً من قاعدة شعبية تمثل أكثرية الشعب السوري، هذه العوامل بمجموعها ستكون هي الضربة الأولى لإسقاط أهداف ورهانات الشركاء بالهجمة الأخيرة على سورية، وبحسب كلّ المؤشرات والمعطيات التي أمامنا فاليوم ليس أمام الاميركيين وحلفائهم ومهما طالت معركتهم وحربهم على سورية إلا الإقرار بحقيقة الأمر الواقع، وهي فشل وهزيمة حربهم على سورية، والمطلوب منهم اليوم هو الاستعداد والتحضير لتحمل كل تداعيات هذه الهزيمة وتأثيرات هذا الفشل عليهم مستقبلاً.
ختاماً، وفي هذه المرحلة لا يمكن إنكار حقيقة أنّ حرب أميركا وحلفائها على سورية ما زالت مستمرة، ولكن مع كلّ ساعة تمضي من عمر هذه الحرب تخسر أميركا ومعها حلفاؤها أكثر مما تخسر سورية، ويدرك الأميركيون هذه الحقيقة ويعرفون أنّ هزيمتهم ستكون لها مجموعة تداعيات، فأميركا اليوم مجبرة على الاستمرار في حربها على سورية إلى أمد معين، ولكن لن يطول هذا الأمد، هي اليوم تقف أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الحرب العسكرية المباشرة في سورية، أو الاستدراة في شكل كامل نحو التفاوض العلني مع الدولة السورية. وفي كلي الخيارين أميركا خاسرة، وهذا ما يؤكد أنّ الصمود السوري على مدى أربع سنوات قد وضع أميركا في أزمة حقيقية وحالة غير مسبوقة من الإرباك في سياستها الخارجية، وهي أزمة ستكون لها تداعيات مستقبلية تطيح بكلّ المشاريع الصهيوأميركية الساعية إلى تجزئة المنطقة ليقام على أنقاضها مشروع دولة «إسرائيل» اليهودية التي تتحكم وتدير مجموعة من الكانتونات الطائفية والعرقية والدينية التي ستحيط بها، بحسب المشروع الأميركي.
إنّ صمود سورية هو الضربة الأولى لإسقاط هذا المشروع الذي يستهدف المنطقة كلها، وبحسب كلّ المؤشرات والمعطيات التي أمامنا ليس أمام الأميركيين وحلفائهم اليوم سوى الإقرار بحقيقة الأمر الواقع، وهي فشل وهزيمة حربهم على سورية والاستعداد لتحمّل التداعيات.
كاتب وناشط سياسي الأردن
hesham.awamleh yahoo.com