إبعاد السفير السوري بهجت سليمان خطيئة ينبغي استدراكها
محمد شريف الجيوسي
انطلاقاً من موقعي كمواطن عربي ينتمي إلى بلاد الشام والعالم العربي الكبير الذي جزأه المستعمر وجزأها على اختلاف مسمياته وزرع في قلبه وقلبها السرطان الصهيوني.
كان السفير السوري بهجت سليمان واضحاً تجاه الأردن منذ البداية. لم يخاتل أو يخدع أو يجادل، في ما لا حق له به. دافع عن دولته بفروسية يفتقدها كثير من الدبلوماسيين إلى حد أن بعضهم أصبحوا عيوناً على بلدانهم أكثر من كونهم في خدمة مصالحها القريبة والاستراتيجية. ولأنه كان واضحاً غير موارب وتلك صفة تسجّل له لا عليه.
تحدثت تقارير كثيرة غربية وأميركية و»إسرائيلية» وأحياناً محلية عن تعاون الأردن مع الولايات المتحدة والغرب وحتى مع «إسرائيل» في التدريب وتهريب الأسلحة والذخائر ووسائل الاتصال وتمرير الإرهابيين ومعالجتهم وفتح منافذ غير شرعية، كان من نتيجتها دخول مئات ألوف ممن اعتبروا لاجئين، فيما جرت عرقلة عبور من يمتلكون وثائق صحيحة ولا يريدون اعتبارهم لاجئين، وفتحت مخيمات لجوء قالت تقارير غربية إنها أصبحت للإتجار بالبشر والأعراض من قبل خليجيين.
ولا بد أن ذلك كله استدعى وينبغي أن يستدعي السفير سليمان إلى إطلاق تصريحات والردّ على أقلام وغير ذلك مما هاجم الدولة الوطنية السورية وتدخل في شؤونها الداخلية أو وقف مع أعدائها ضدها.
وبعد زعم تقارير الدول التي تفرض إرادتها على الأردن، تدخله بأشكال عديدة ضد سورية، فمن الخطأ بل الخطيئة أن يعتبر الأردن، السفير السوري شخصاً غير مرغوب به، فليس هو المتدخل في الشأن الأردني أولاً وآخراً، وليست له صفة العدو الاستراتيجي للأردن كي نبعده، فيما العدو الاستراتيجي للأردن ما زال يقيم بين ظهرانينا وإن عقدنا معه ألف معاهدة ومعاهدة، ذلك أنها قيد على مصالحنا الراهنة، الاستراتيجية منها والوطنية، والقومية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لقد ارتكب الأردن خطيئة بحق نفسه أولاً، إذ أثبت أنه لا يملك قراره المستقل الذي تُبنى على أساسه سيادة الدول، وأثبت عجزه عن التحريك ساكناً تجاه من ما زال يعتبر شرق الأردن جزءاً من كيانه الغاصب ويعمل على استرداده، وعلى نزوح فلسطينيين جدد إليه مرحلياً قبل تشتيتهم في بقاع الأرض الأربع إلى أستراليا ونيوزيلندا وكندا والمكسيك والقليل إلى الولايات المتحدة حيث لا يعقل أن يتضمن المشروع الصهيوني في المدى المتوسط تجميع الفلسطينيين على مرمى حجر من الأقصى وإنما فقط المترفين منهم والعلماء .
لقد كان أمام الأردن بوجود السفير الذي أثنى مراراً عليه، عند كل انعطافة تبدو إيجابية وتعلنها الدولة الأردنية تجاه الدولة الوطنية السورية، ترميم علاقاته معها، وهو ترميم كان بحاجة إليه حتى قبل الأزمة، إذ كان يصدر من هنا ما يعكر صفو هذه العلاقات، من قبل كتاب محسوبين على الدولة، ومنهم من تولى مناصب مهمة، وفريقاً في موقع اتخاذ القرار ولم يكن في ذلك مجانباً للحقيقة فقد سبق لمدير المخابرات العامة الأردنية أن كتب على موقع «أخبار البلد» كما أذكر مقالة تُظهر تمايز موقف المخابرات تجاه سورية، وتمنياته على أن يكون للأجهزة الآخرى الموقف ذاته وقد اقتبست من مقالته تلك خبراً عممته ونشرته على شبكة الأردن العربي التي أترأس تحريرها .
إن علاقاتنا بسورية، التي تضم الجزء الأكبر من بلاد الشام، مساحة ومواطنين وإمكانات وقدرات، تجعلنا نشعر أنها الوطن الأم، لكل مواطن في بلاد الشام، وأننا عندما ننتصر لها فإننا ننتصر لذاتنا لمصالحنا لإيماننا لدمائنا لتاريخنا ولمستقبلنا ولأولادنا وأحفادنا ولوحدة بلاد الشام… في مواجهة المشروع الصهيوني والإمبريالي العالمي والانكشارية الجديدة، وبالتالي ليس لنا أدنى مصلحة في تعكير صفو العلاقات معها وإنما محاورتها وإزالة أي لبس قد يطرأ لغير سبب.
إن الولايات المتحدة الأميركية وكل من يليها من زراعات مسمومة وأحقاد وضغائن ومطامع وأفكار تكفيرية وظلامية وعنصرية، ليست هي البديل من سورية أو فلسطين أو لبنان أو الاسكندرون أو بلاد الشام أو العالم العربي ووحدته واستقراره وأمنه وسيادته. لا بديل من العروبة إلا بالعروبة.