«حماس» على خطى تحالف أوباما
عامر نعيم الياس
وافقت المملكة السعودية على زيارة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إليها بعد سنتين من عدم الاستجابة لتمنّيات حركة المقاومة المتحوّلة المقيمة بين الدوحة وتركيا، وقد لاحظ المراقبون في توقيت الزيارة بعيد الإعلان عن الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الست الكبرى دليلاً من دلائل وجود تحوّل نهائي في حركة حماس، ينقل ما تبقى من رصيد مقاوِم للحركة ممثلٍ بكتائب القسام المقرّبة من طهران إلى الرياض. مع أن الحركة طوال السنين الماضية وتحديداً منذ طعنها دمشق في الظهر، مارست الانتهازية السياسية ولعبة تبادل الأدوار بين جناحيها العسكري المقاوم والسياسي الجامع للأموال بانتظار تبلور الصورة النهائية للمنطقة في مخاض الربيع الأميركي والذي تشكّل سورية أحد أهم ساحاته.
بالتزامن مع موافقة المملكة السعودية على زيارة «المعايدة» أتت التفجيرات المتزامنة لتضرب قطاع غزة مستهدفةً كوادر في حركتي الجهاد الإسلامي وحماس، اتُهم فيها «داعش» الذي أعلن عن نفسه في القطاع الشهر الجاري عبر شريط مسجّل توعّد فيه بالقصاص من حركة حماس التي لا تطبق الشريعة الإسلامية. فهل جاء هذا التزامن مصادفةً؟ ألا تدرك حماس معنى زيارتها وقبول آل سعود استقبالها بالتوازي مع أنباء تحدثت عن مشاركة الحركة الإخوانية في العدوان السعودي على اليمن تحت مسمى «عاصفة الحزم»؟
كذّبت الحركة الإخوانية الفلسطينية نبأ مشاركها في عاصفة القتل السعودية في اليمن عبر وكالة أنباء فارس، لا تريد الحركة التي لم تصدر بياناً رسمياً تبارك فيه لإيران إنجازها النووي أن تقطع شعرة معاوية مع طهران، على رغم أن التباعد بين الطرفين على المستوى السياسي بلغ ذروته، لكن الحركة لا تزال مرغمة على إرسال بعض إشارات التطمين لطهران، من دون أن يعني ذلك عودة الأمور إلى مجاريها. فظهور تنظيم «داعش» في قطاع غزة استكمل دائرة الفرز والاستنزاف في المنطقة، فالتنظيم ضرورة حيوية لبقاء الاستنزاف الأميركي في المنطقة وتبرير التدخل فيها، كما أنه ضرورة للفرز بين من يقاتل في تحالف أوباما ومن لا يقاتل في تحالف أوباما وغير المنضبط في السياق العام للاستراتيجية الأميركية في المنطقة، وعليه فإن توقيت عمليات «داعش» في القطاع والاستقبال السعودي لخالد مشعل، وإن أتى في جزء منه على خلفية التقارب السعودي التركي في سورية بعد وصول الملك سلمان إلى الحكم، إلا أنه يأتي ليضغط باتجاه استكمال الاستدارة الحمساوية باتجاه التطبيع الكامل مع المحور السعودي التركي «الإسرائيلي» الأميركي تحت بند مكافحة الإرهاب في قطاع غزة، والانخراط المباشر في حرب إدارة أوباما على تنظيم «داعش»، الذي تعكس عمليته الدقيقة في القطاع والثقة التي تحدث بها حين أعلن عن نفسه في التسجيل المصوّر، وجود توجّه قوي لزعزعة الأوضاع في القطاع الذي بات إسلامياً في غالبيته وهو ما تدركه جيداً حركة حماس وتعلم علم اليقين أن القاعدة خرجت من عباءة الإخوان، لذلك تحاول أن تتحرك بسرعة لاحتواء الموقف في قطاع غزة والحصول على دعم لمشروعها في حكم القطاع في مواجهة «داعش».
غادرت حركة حماس المعسكر المقاوم إلى غير رجعة، ولا جدوى من الرهان على الرابط الإسلامي لدى بعض أقطاب محور المقاومة في استمالة الحركة، فالإخوان تاريخياً انتهازيون وأدوات لضرب المشروع القومي والتحرري في المنطقة، وبنية تنظيماتهم السياسية مرنة بحيث لا يحدث فيها انشقاقات تذكر، خصوصاً على خلفية موقف وطني أو حتى ديني، ولنا في حماس النموذج الأكبر فالبندقية المقاومة للإيجار، والتدخل «الإسرائيلي» المباشر في سورية لم يدفع أي كادر من كوادر الحركة إلى مغادرتها أو أقله شجب التدخل.
كاتب ومترجم سوري