كلمة السرّ لجولة «كارتر» في الشرق الأوسط؟
توفيق المحمود
قرر البيت الأبيض الأميركي إيفاد وزير الدفاع آشتون كارتر في جولة شرق أوسطية لطمأنة دول المنطقة والحلفاء المعارضين وغير الراضين على الاتفاق النووي مع إيران، وستشمل الزيارة الكيان الصهيوني والمملكة العربية السعودية والأردن.
وأفاد بيان صادر عن وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون أن جولة كارتر ستبدأ بزيارة «إسرائيل» وهي تعارض بشدة الاتفاق النووي، وتحاول أن تحصل من الولايات المتحدة على تعهد بالتدخل عسكرياً ضد إيران في حال هاجمتها وتسعى أيضاً الى الحصول على زيادة المساعدة العسكرية الأميركية والتي تبلغ قيمتها حالياً ثلاثة مليارات دولار سنوياً وتزويدها بالمزيد من المقاتلات الأميركية فائقة التطور من طراز «أف-35».
وفي محاولة من كارتر طمأنة حليف أميركا المدلل أكد أن الاتفاق يبقي الخيار العسكري الأميركي على الطاولة، إذا سعت إيران إلى حيازة السلاح النووي في محاولة منه أن يطمئن أن أمن «اسرائيل» بمأمن رغم الاعتراف الدولي والعالمي بإيران دولة نووية.
وقد تزامنت جولة كارتر الشرق أوسطية مع إرسال إدارة الرئيس باراك أوباما الاتفاق النووي مع طهران إلى الكونغرس للموافقة عليه، في وقت حث رئيس الوزراء «الاسرائيلي» بنيامين نتنياهو أعضاء الكونغرس على رفضه.
بينما أعلنت مصادر إعلامية بأن كارتر سيقدم رزمة مساعدات وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن واشنطن لا تسعى إلى تقديم أسلحة جديدة كتعويض عن الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما كانت قد نقلته مستشارة الأمن القومي الأميركية سوزان رايس موضحة أن الولايات المتحدة ستبحث سبل تعزيز تعاونها الأمني مع «إسرائيل» وقالت رايس: «نتطلع إلى أن نناقش مع «الإسرائيليين» كيفية تعزيز تعاوننا الأمني والاستخباراتي إذا كانوا مهتمين بالأمر ولديهم الاستعداد».
وعقب انتهاء زيارته إلى «اسرائيل» توجه كارتر إلى الأردن حيث يلتقي رئيس الوزراء وزير الدفاع لبحث سبل محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي والتنسيق الأمني والمخابراتي ضد هذا التنظيم.
بعد الأردن يتوجه كارتر إلى السعودية حيث سيلتقي المسؤولين السعوديين لإجراء مباحثات ومشاورات حول توقيع الملف النووي وتراقب السعودية بحذر نتائج الاتفاق بين إيران والسداسية معربة عن مخاوفها من إمكانية حصول طهران على أسلحة نووية على حد قولها، وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما اتصل بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وأكد التزام الولايات المتحدة بالعمل مع شركائها في الخليج لمواجهة أنشطة إيران التي «تزعزع الاستقرار في المنطقة» في محاولة لطمأنة السعودية التي حاولت مراراً وتكراراً وضع العصي بالعجلات لتعطيل المفاوضات النووية إن كان بالعدوان على اليمن تحت ما يسمى «التحالف العربي» ومحاولة جر إيران إلى الحرب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أو من طريق رشوة الفرنسيين لتعطيل هذا الاتفاق، فالكلام الذي كان يخرج به وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن صعوبة توقيع الاتفاق ووجود الكثير من المشاكل العالقة في الوقت الذي كان يخرج به وزراء الدول الأخرى الذين كانوا يطمأنون الى أن الاتفاق يصاغ ولا توجد أية مشاكل، وأعلن أحد المفاوضين المشاركين أن الكلام الفرنسي في المؤتمرات الصحافية يختلف في شكل كبير عن المحادثات التي تجري في مكان التفاوض.
وكان الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري قد التقيا الجمعة الماضي وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في إطار طمأنة المملكة في شأن الاتفاق النووي مع إيران، وأكد البيت الأبيض أن الرياض «رحبت» بالاتفاق رغم عدم صدور بيان من الخارجية يؤكد ذلك الكلام أو ينفيه.
اخيراً بعد 12 عاماً من التفاوض، أصبح البرنامج النووي الإيراني شرعياً ومقبولاً لدى القوى الكبرى والمجتمع الدولي، وهو ما يعني في شكل أولي انتعاشاً للاقتصاد الإيراني المحاصر، كذلك توسيع العلاقات الدبلوماسية بين طهران وعواصم العالم، والأهم اعتراف القوى الكبرى بوجوب التعاطي مع إيران كرقم رئيسي في معادلات المنطقة والعالم بعدما فرضت إيران نفسها كقوة عالمية شرعية.