تركياستان: التفجيرات بدأت مع «داعش»

عامر نعيم الياس

خرجت تظاهرات في عدد من المدن التركية تحمّل حكومة «العدالة والتنمية» مسؤولية التفجير الذي هزّ بلدة سروج عند الحدود مع سورية. فيما قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن السلطات تعرفت إلى مشتبه به في التفجير الذي استهدف مركزاً ثقافياً في البلدة. مشيراً إلى أن الاحتمال الأكبر أن يكون الأمر هجوماً انتحارياً على علاقة بـ«داعش». معلناً ارتفاع حصيلة ضحايا التفجير إلى 32 قتيلاً.

يتحمّل رئيس الحكومة التركية المسؤولية الكاملة عن الهجوم الذي استهدف البلدة ذات الغالبية الكردية. إذ من الواضح أنّ الهجوم جاء على خلفية توظيف أردوغان التنظيم الإرهابي في طموحاته الإقليمية التوسعية في سورية والعراق، لكن استهداف الأكراد في تركيا يشابه تماماً التكتيك الذي يتّبعه «داعش» في الخليج من حيث استهدافه الطائفة الشيعية. هنا يستبعد سيناريو تحريك أردوغان «داعش» في الداخل التركي، إذ أضحى من الواضح أن التنظيم خرج بشكل شبه تام عن نطاق تحكم القوى الإقليمية كما الدولية، فبات يملك مشروعه الخاص ويعمل من خلال تحالفاته على ضبط سياسات الدول الداعمة له عبر النفاذ إلى داخل هذه الدول واستغلال البعد الشعبي الذي خلقته الدعاية الطائفية في الدول الداعمة للحرب على سورية منذ اكثر من أربع سنوات. وفي هذا الإطار يمكن ملاحظة تشابه التفجيرات التي وقعت في السعودية والكويت مع تلك التي وقعت في بلدة سروج التركية ذات الغالبية الكردية. فالتنظيم يدفع مموّليه وحلفاءه إلى الزاوية مرغماً إياهم على الاختيار بين التحالف معه والانضباط في خطابهم الاستقطابي على الصعيد الداخلي كما الخارجي الإقليمي، أو مواجهة الصدام المباشر معه على قاعدة تحقيق التنظيم مزيداً من الدعاية له في مواجهة أنظمة لا تلتزم خطابها. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تتميّز تركيا عن دول الخليج بأنها جغرافياً بالنسبة إلى سورية والعراق والتنظيمات الإرهابية العاملة على أراضيهما، كباكستان بالنسبة إلى أفغانستان، من حيث الدعم اللوجيستي والمالي والبشري والعسكري. فالرهان التركي على إقامة قاعدة للتنظيمات الإرهابية في سورية بهدف التوسّع وتحقيق الطموح العثماني للرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، حوّل تركيا إلى مركز النشاط الإرهابي الكامل في سورية ومن كل انتماءات وأطياف المجموعات الإرهابية العاملة في البلاد، سواء التركمانية منها، أو القاعدية، أو تلك التي تصنّف «معتدلة» أميركياً والتي دخل 54 منها الخدمة في الحرب على «داعش» من الحدود السورية التركية الأسبوع الماضي، ومن الطبيعي أن أي محاولة تركية للانضباط أكثر في الاستراتيجية الأميركية بعد التغيّرات الداخلية المتمثلة بنتائج الانتخابات البرلمانية التركية، أو تلك الإقليمية الدولية المتمثلة بالاتفاق الدولي الإيراني حول الملف النووي، سيتم جبهها من جانب التنظيمات الإرهابية المتمركزة على جانبي الحدود السورية التركية، والتي تعتبر في معادلة الصراع الميداني الأكثر استعصاءً في حسابات الدولة السورية والحلفاء، وبالتالي ستحاول أقوى هذه التنظيمات ممثلةً بـ«داعش» أن تتحرك لكبح جماح التغيير التركي وإجبار ساسة إخوان تركيا على التريّث قبل الانقلاب على التنظيمات التي نمت تحت رعايتهم.

التفجيرات بدأت مع «داعش»، ولن تتوقف عندها، فالتنظيمات الإرهابية العاملة في سورية تحت راية «القاعدة» وفكرها كثيرة، وبالتالي فإنه من المرجح أن تشهد جبهة تركيا عدداً من التفجيرات… ومن غير «داعش».

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى