دي ميستورا والحرب على الإرهاب
ناديا شحادة
في ظل اشتداد الحرب وتداعياتها وتوسع دائرة العنف والمواجهة الحتمية مع تيارات التطرف والإرهاب تجمعت في الأيام القليلة الماضية مؤشرات تؤكد توجه صناع القرار في العالم الى ايجاد حل سياسي للازمة السورية، الحل الذي ستكون بدايته إنهاء الإرهاب وتجفيف مصادره وتمويله وهذا ما أكده وزير الخارجية السوري وليد المعلم لدى لقائه المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سورية ستيفان دي ميستورا الذي وصل في 23 تموز الى دمشق وقدم عرضاً عن آخر تطورات الوضع في ما يتعلق بمتابعة المشاورات واللقاءات التي أجراها في دول عدة حول ايجاد حل سياسي للازمة في سورية وذلك قبل ايام من رفع تقرير بهذا الخصوص الى مجلس الامن.
مبعوث الامم المتحدة الذي عين في منصبه الحالي في مطلع تموز 2014 بعد انسداد أفق الحل السياسي في الأزمة السورية وذلك بعد فشل مؤتمر «جنيف -2» وعجز الأطراف الراعية الى اطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة، وسعى منذ تعيينه الى حشد التأييد الدولي والاقليمي لمقترحاته بإقامة مناطق صراع مجمدة في مناطق سورية مختلفة وفي مقدمها مدينة حلب والتوصل الى هدنات او مصالحات موقتة.
شدد دي ميستورا أكثر من مرة على ضرورة التوصل الى حل سياسي بقيادة سورية لإنهاء الصراع على وجه السرعة، وجاءت مبادرته لإجراء المشاورات في جنيف بعد فشل مبادرته السابقة الخاصة بتجميد النزاع في حلب حيث رفضت المعارضة السورية الخطة باعتبار انها جزئية وتتناقض مع القرارات الدولية ومع مطلبهم برحيل الرئيس الأسد، وواصل اجتماعاته منذ ايار الماضي مع عدد من الاطراف السياسية وممثلي حكومات في محاولة لاستئناف المفاوضات السياسية لإنهاء النزاع، وأعلن عن تمديد مشاوراته الى نهاية حزيران موضحاً انه سيواصل لقاءاته في جنيف.
يؤكد المتابعون ان دي ميستورا ربط عودة النشاط لمشاوراته بالتفاهم النووي الذي حصل بين ايران والدول الكبرى في 14 تموز من العام الحالي، فالعالم منشغل من مشرقه الى مغربة بالتحالف الدولي من أجل محاربة الإرهاب وفي مقدمه «داعش» الذي بات يضرب في كل مكان، فالجرائم الارهابية التي عمت بعض انحاء المعمورة وحدثت في اماكن متعددة من دول الشرق الاوسط الى شمال افريقيا واوروبا، فالأحداث الإرهابية التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس وكذلك تونس واليمن في الفترة الماضية كانت بإيعاز من تنظيم «داعش» الذي لا ينفك يعلن مسؤوليته عن ارتكابها، والامم المتحدة رغم مساندتها للحلف الدولي الا انها بدت منشغلة ايضاً وعلى خط موازٍ بانطلاق عمل مبعوثها دي ميستورا ومحاولاتها الدفع باتجاه عملية سياسية لانهاء الازمة السورية هذه المرة، وبات الرهان على الحدث الكبير في توقيع الاتفاق على النووي الايراني الذي شهده العالم في الايام الماضية، الذي أعاد الحياة لدي ميستورا وخلق مناخاً اميركياً لخيار التسويات وحرّك فرص التعاون الايراني – الاميركي ضد الارهاب وتقديمه كأولوية تبرر تسوية في سورية، فالاتفاق النووي مع ايران سيعبد الطريق لبدء حوار جديد للسلم في سورية وسيكون لمستقبل التوقيع النووي تأثير كبير على توقف الحرب وسفك الدماء في سورية وهذا ما اكدته صحيفة «النيويورك تايمز» الاميركية، بالاضافة الى تأكيدات المنسقة الاوروبية فدريكا مرغريني على ان الاتفاق النووي بإمكانه ان يحرك طهران نحو ايفاء دور محوري وايجابي في الوقت نفسه في سورية.
فبتطور استراتيجية «داعش» ونشاطه أصبح عنوان الحرب على الارهاب واقعياً، ومع الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لمحاربة التنظيمات المتطرفة والذي بات ضرورة ملحة لا سيما مع استمرار تحقيق الارهابيين لمكاسب على الارض، تحرك الاميركي، والتركي الذي بات بحاجة الى مراجعة دوره في المنطقة وبخاصة في سورية إذا أراد ان يحجز موقعاً متقدماً في المنطقة، فتركيا لم تعد تستطيع فرض شروط واملاءات او وضع عراقيل في التعاطي مع سورية لذلك تحركت نحو الحرب على الارهاب، حيث جاء في بيان صادر عن البيت الابيض في 23 تموز ان الرئيس الاميركي باراك اوباما ونظيره التركي رجب اردوغان ناقشا تعميق تعاونهما في القتال ضد تنظيم «داعش».
فمع عنوان الحرب على الارهاب الذي بات واقعياً وسبباً للبحث بالتسويات ومع وصول المبعوث الاممي الى دمشق حاملاً معه حصيلة محادثاته الإقليمية، ومع التفاهم النووي الايراني الذي سيسمح لايران بالمشاركة مع الدول المعنية في رعاية الحوار السوري – السوري يؤكد المتابعون انه سيتم طرح مبادرات لحل الازمة السورية تنطلق منها انتخابات نيابية يعترف بها العالم وتكون هي المدخل للحل تحت شعار الوحدة في مكافحة الإرهاب. وأكدت مصادر أممية ان مبادرة دي ميستورا تقوم هذه المرة على وضع مصير الرئاسة السورية جانباً وتركها لما بعد الانتخابات النيابية في الربيع المقبل.