لبنان: الحكومة تستقوي بالنفايات لحسم الصلاحيات

كتب المحرر السياسي

بقدر ما كانت تركيا اللاعب المحوري في الحرب على سورية، وبقدر ما كانت تونس الخارجة من ثورتها ورقة القوة الديبلوماسية في افتتاح زمن مقاطعة سورية، كان الحدثان تحوّلا أمس، فقد صرف الأتراك النظر نهائياً كما يقول الأميركيون في توصيف التفاهم الذي تمّ بموجبه دخول الجيش التركي على خط الحرب مع «داعش»، وتبلور بإجراءات عسكرية وأمنية، حيث لا مناطق عازلة ولا منطقة حظر جوي، ولا دخول بري في الأراضي السورية، ولا ربط للمشاركة بالحرب على «داعش» بالحرب لإسقاط سورية ورئيسها، وفي المقابل بدأ الطيران التركي أولى غاراته على «داعش» بالتزامن مع حملة اعتقالات أصاب أغلبها مناصري حزب العمال الكردستاني الذي يشكل الهدف الثاني للحرب التركية، لكن المداهمات طاولت أوكاراً لـ«القاعدة» ومخابئ أسلحة ونقاهات يستخدمها تنظيم «داعش» داخل الأراضي التركية. ونقل مسؤول أميركي لوكالات الأنباء ما مفاده أنّ تغييراً كبيراً سيلحظ على الحدود التركية السورية لجهة وقف تدفق المقاتلين ووقف انتقال النفط وتهريب الآثار كمصادر تمويل لـ«داعش»، كما سيتوقف مرور السلاح والذخائر عبر الحدود.

بدء الخروج التركي من الحرب على سورية، تزامن مع نهاية الحرب الديبلوماسية التي كانت تونس طليعتها بإغلاق سفارتها

في سورية مع إعادة فتح هذه السفارة وتعيين قنصل عام فيها، بينما لم تظهر أيّ مؤشرات على بدء تحوّل في الموقف السعودي، بعد الكلام التصعيدي ضدّ الرئيس بشار الأسد على لسان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير. وجاء تمسك وزير الخارجية السوري وليد المعلم في كلمته أمام المؤتمر الدولي للإعلام في مواجهة الإرهاب التكفيري، بمعادلته التي وصف بها دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى حلف إقليمي يضمّ سورية والسعودية، بالدعوة البناءة والصادقة التي تمدّ سورية يدها إليها ثقة بصاحبها ومواقفه، لكنها لا تزال أقرب إلى المعجزة في المدى القريب. وفهم كلام المعلم رداً ضمنياً على ما جرى تداوله عن تحسّن في العلاقات السورية السعودية برعاية روسية.

لبنانياً كانت المراوحة في الفشل تعيد إنتاج نفسها على صعيد مستقبل العلاقات الحكومية من جهة، وقضية النفايات الضاغطة على اللبنانيين من جهة أخرى، وبدت الحكومة الضعيفة، تستقوي بالنفايات لنيل مشروعية مواصلة اجتماعاتها، وتستعملها ورقة ضغط أخيرة لتذليل العقبات من أمام ما يعترضها ويشق صفوفها من خلافات، بينما لا تزال الوصفة السحرية لحلّ أزمة النفايات ولو تسنّى تخطي الأزمة الحكومية السياسية غائبة، فالقضية أولاً وأخيراً في إغلاق مطمر الناعمة واستحالة العودة إلى استخدامه من دون وجود بدائل ظاهرة.

الحكومة عاجزة… لكن لا استقالة

تتصدر أزمة النفايات التي دخلت في بازار المزايدات السياسية والكيدية المشهد الداخلي مع تفاقم الوضع المزري واحتلال أكوام النفايات الشوارع في العاصمة في شكلٍ لم يعد يحتمل. وفي ظل هذه الأزمة تبقى الحكومة عاجزة عن إيجاد مخرج لأزمة مقاربة آلية عملها، حيث تكثفت الاتصالات بين جميع القوى السياسية، إلا أنها لم تصل حتى الآن إلى نتيجة، ما يفتح الباب على جميع الاحتمالات.

وعلى رغم ذلك، أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن استقالة الرئيس سلام، غير واردة، ولا أحد من المكونات السياسية في وارد فرط الحكومة بمن فيهم التيار الوطني الحر.

ونقل زوار الرئيس سلام عنه لـ«البناء» أن التوافق لا يعني الإجماع ولا التعطيل، و«الرئيس سلام لن يقف متفرجاً على مجلس وزراء معطل». وأبدى زواره قلقهم من أن «يتخذ سلام قراراً صعباً يحافظ على هيبة الحكومة ورصيده الشخصي».

وأكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» أن الوضع الحكومي أصابه الجمود، والمواقف لا تزال على حالها، محذراً من أنه إذا لم يحصل أي تطور إيجابي حتى جلسة الثلاثاء المقبل، فإن رئيس الحكومة مستعد لكافة الاحتمالات منها الاعتكاف والاستقالة.

وأشار قزي إلى «أن لا مؤشرات على أي تجاوب من قبل التيار الوطني الحر في موضوع التمسك ببحث آلية عمل الحكومة قبل البت بأي بند من بنود جدول الأعمال».

ولفت إلى «أن المؤشرات تشي بأن الأمور ذاهبة باتجاه التصعيد وليس معروفاً إذا كنا سنذهب إلى التجلي أم التخلي ومن المبكر الحديث عما سيحصل في الجلسة بعد 5 أيام».

وإذ اعتبر قزي «أن خيار الاستقالة لدى سلام وارد»، ربط هذا الخيار بعدة عناصر واعتبارات تتعلق بالاستقرار في البلد. وأشار إلى «أن حزب الكتائب لا يفضل استقالة الرئيس سلام وتحول الحكومة إلى تصريف أعمال».

السعودية تسعى لتشكيل لوبي سياسي مسيحي ضد حزب الله

من ناحية أخرى، علمت «البناء» من مصادر عليمة أن المسؤولين السعوديين بحثوا مع الدكتور سمير جعجع خلال زيارته الأخيرة السعودية تكثيف القوات العمل السياسي من أجل دعم الرئيس تمام سلام، والحصول على تعهد بدعم اتفاق الطائف لأن في الأفق ما يلوح بمحاولة العماد عون نسفه والعمل على قيام مؤتمر تأسيسي، فالرياض تعتبر أن نسف الطائف ما هو إلا ضربة موجهة للسعودية.

وأبدى السعوديون استياءهم من توقيع ورقة النوايا بين القوات والعونيين واعتبروها تعويماً للجنرال عون. وأكدت المصادر أن الدكتور جعجع تلقى دعماً مالياً من السعوديين لاستثماره في تحركات سياسية وأنشطة ميدانية. وتعمل السعودية على محاولة جمع السياسيين المسيحيين في شكل خاص لتشكيل لوبي سياسي بوجه حزب الله.

ولهذه الغاية يزور الرئيس الأسبق للجمهورية ميشال سليمان السعودية في الساعات المقبلة بحسب ما أفادت مصادر مقربة من 14 آذار.

جنبلاط: دعم الجيش والاستقرار أولية

وفي موقف لافت، أكد رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في تصريح، أن مؤسسة الجيش اللبناني تبقى هي المؤسسة الأم التي تحمي الوطن إزاء المخاطر المتزايدة من كل حدب وصوب، وهي تستحق من القوى السياسية كافة إبعادها عن السجالات والتجاذبات لتحافظ على المعنويات المرتفعة لجنودها وأفرادها ولتستطيع القيام بالمهام الموكلة إليها، مشدداً على أن الحفاظ على الاستقرار يفوق بأهميته كل الاعتبارات الأخرى».

نصرالله يطل اليوم

وسط هذه الأجواء المحلية المشحونة والمتوترة، يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم عند الساعة الخامسة عصراً، خلال حفل التكريم المركزي الرابع «نباتاً حسناً»، الذي تنظمه مؤسسة الشهيد في لبنان في مجمع سيد الشهداء وتخرّج فيه كوكبة جديدة من أبناء الشهداء.

وأشارت مصادر في 8 آذار لـ«البناء» إلى أن جوهر ما سيتطرق إليه السيد نصرالله هو محلي، والعناوين الأساسية هي الحكومة وآلية العمل وأزمة النفايات والعلاقة مع العماد ميشال عون، كما يمكن أن يمر بلمحة سريعة على موضوع توقيع الاتفاق النووي الإيراني، خصوصاً أنه الخطاب الأول بعد توقيع الاتفاق.

ولفت المصدر إلى أن السيد سيرسم آفاق المرحلة المقبلة والوضع الداخلي وتوازناته، حيث أن حزب الله مستعد أن يسير بأي آلية في مجلس الوزراء مع استمرار الحكومة بأخذ دورها التي تؤديه في هذه المرحلة الحساسة، وهو يلعب لعبة ذكية هي الغموض البناء في هذا الأمر، وينطلق من ثابتتين في هذا الأمر: الأولى هي الدعم الدائم للعماد عون وعدم تركه بالميدان لوحوش السلطة، أما الثابتة الثانية فحزب الله يعتبر بقاء واستمرار عمل الحكومة ودورها أولوية إذا كانت مطالب عون مؤمّنة فيها.

في غضون ذلك، واصل وزير البيئة محمد المشنوق عقد اجتماعات لبحث حلول موقتة تقضي بأن تختار وزارة البيئة أماكن مقترحة من مقالع وغيرها لوضع النفايات فيها لفترة موقتة لا تتجاوز الـ9 أشهر ريثما يتم إجراء المناقصة.

ولهذا الشأن، التقى رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في بيت الكتائب المركزي في الصيفي بمشاركة رؤساء اتحادات بلديات جبل لبنان.

وأعلن المشنوق أنه «تم الاتفاق على أن تختار وزارة البيئة مجموعة أماكن مقترحة من مقالع وغيرها لوضع النفايات فيها لفترة موقتة لا تتجاوز الـ9 أشهر»، شارحاً انه سيطلب من المتعهدين الذين سيفوزون بالمناقصة، التي سيعلن عنها خلال 15 يوماً، أن يتعهدوا برفع هذه النفايات وطمرها بحسب الأصول المقررة في العقود».

ودعا المشنوق الأهالي والبلديات إلى التجاوب، ولا سيما أن الأزمة موجودة لدى الجميع ونعمل معاً على إخراجها من عنق الزجاجة».

عكار تنتفض رفضاً لنفايات بيروت

بعد تصريح رئيس بلدية بيروت بلال حمد عن مشروع عقد لرمي النفايات في عقار ضمن منطقة عكار، زار نائبا عكار معين المرعبي وهادي حبيش وزير الداخلية البلديات نهاد المشنوق في مكتبه، مستنكرين، ونقلوا إليه رفض نواب وأهالي عكار المقهورين والمظلومين من القرارات الهمايونية التي اتخذها حمد والتي تعد قرارات غير شرعية وغير قانونية ولا تراعي المالية العامة».

وأشار حبيش لـ«البناء» إلى أن الوزير المشنوق تعهد لنا بأن كيلوغراماً واحداً من النفايات لن يلقى في منطقة عكار من دون موافقة ورضى أهالي المنطقة ونوابها، لافتاً إلى أن عكار هي الأكثر إهمالاً وحرماناً وبما أنها تعتبر خارج لبنان في الإنماء فليعتبروها خارج لبنان في موضوع النفايات».

وأوضح حبيش أن رئيس بلدية بيروت لم ينسق مع الحكومة في هذا الموضوع كما لم ينسق مع نواب عكار. وأشار إلى أنه اتصل بحمد وأبلغه بأن أي اتفاق لن يطبق بلا تنسيق مع نواب عكار حتى لو كان ذلك بمؤازرة القوى الأمنية، معتبراً أن هذه الأزمة مسؤولية الحكومة أن تجد لها الحلول المناسبة ولا شأن لتيار المستقبل بها».

وعمد عدد من الشبان إلى قطع طريق حلبا – القبيات عند مفترق كوشا، بعد ورود معلومات عن نقل النفايات من بيروت إلى عكار، ومنعوا وصولها.

تقدم في ساحة المهرجان

أمنياً، واصل الجيش السوري والمقاومة التقدم باتجاه ساحة المهرجان في الأحياء الجنوبية الشرقية لمدينة الزبداني، بعد سيطرتهم على شارع وحي الكحالة الواقع بعد دوار الكهرباء بشارع جمال عبد الناصر.

وقال مصدر عسكري لـ«البناء» أن أهمية الدخول إلى ساحة المهرجان هي أنها تسمح للجيش السوري بالدخول بقوة للتفاوض مع المجموعات المسلحة التي ما زالت موجودة في الزبداني بعد أن انشق الكثير من الفصائل واستسلام فصائل أخرى والتحاقها بقوات الجيش السوري». ولفت المصدر إلى «أن الأمر الذي كان الجيش السوري والمقاومة يتخوفان منه أي الدخول إلى المباني والتجمعات السكنية، أزيل بعد أن نجحا بالدخول وطرد المسلحين وتحييد المدنيين بعد أن تم إخراج معظمهم من مناطق الاشتباكات».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى