الأسد مرتاح لسقوط الأقنعة والأميركي يستعجله
من دون أن يسميهما، ظهر أردوغان وحزبه على لسان الرئيس السوري بشار الأسد، ولكن هذه المرة من دون أن يبذل عناء الشرح والاستفاضة عنهما، فبالنسبة إلى الرئيس الأسد فإنّ أردوغان ليس سوى أحد الأقنعة التي سقطت من بين أقنعة كثيرة بات الحديث عنها وعن حججها للهجوم على سورية، بالنسبة إليه، مضيعة للوقت.
لم يعد بديهياً بالنسبة إلى الأسد، الحديث عن كلّ ما مضى فهو على ما يبدو يعلن لأعدائه أنه بات في موقع أقوى وأقدر من أن يتحدث عن مسلمات كان قد طرحها بين يدي الرأي العام الدولي خصّصت لانتقاد وتحذير كلّ الدول الداعمة للإرهاب.
الملفت في حديث الرئيس السوري هو عدم إعطائه الاهتمام الكامل بالعملية الديبلوماسية، ليس لأنه لا يريد للحلول أن تتقدم، بل إيماناً منه بأنّ سورية وحلفاءها، وخصوصاً الروس، أعطوا كلّ ما يمكن إعطاؤه للعملية السياسية من دفع، وبدا أخيراً أنه لم يكن في وارد الخصوم إلا للتشويش على الإدارة العسكرية للعمليات ضدّ الإرهاب، وهذا ما لم يحصل، بفضل وعي الشعب السوري الذي رفض ولا يزال يرفض أي معارض تابع للخارج يعيش في الخارج ويدعو إلى الانخراط في عملية سياسية مواربة لا تخدم سورية على الإطلاق.
على أي حال، وضع الرئيس الأسد النقاط على الحروف وأعلن ارتياحه الكامل المبني على انتصارات متعدّدة حصدها وحلفاؤه، بدأت تثمر اليوم وأبرزها الانتصارات الميدانية مع المقاومة اللبنانية والتوقيع النووي الإيراني مع الغرب الذي جاء بصمود إيران وحلفائها جبهة كاملة متكاملة وصمود شعب سورية الذي كان متيقظاً للإرهاب بكلّ درجات تصعيده حتى بدأت الأقنعة تسقط وكان أولها قناع الجارة التركية.
يعرف الأسد جيداً أنّ تحولاً كبيراً جداً طرأ على الأزمة السورية بعد توقيع الاتفاق النووي مع الغرب وصبّ في مصلحة سورية، وهو الحرب التي أعلنها أردوغان أخيراً على «داعش» الذي دعمه يوماً بيوم، والتي صارت همّاً أساسياً على أردوغان تقديمه اعتماداً لدى الأميركي وإلا…
تصف صحيفة «غارديان» البريطانية إعلان تركيا الحرب على «داعش» في سورية وسماح أنقرة للولايات المتحدة باستخدام قاعدة جوية لضرب التنظيم المتشدّد، بأنه تحول تاريخي في منطقة الشرق الأوسط، وهذا التحول التاريخي هو تحول تلقائي مواز لاتفاق تاريخي قرّرت الولايات المتحدة أن تحصد نتائجه، على ما يبدو، سريعاً لتقدمه أمام الرأي العام الأميركي قرباناً يحفظ لفريقه مكانه في الانتخابات المقبلة فيتوج رمزاً لمكافحة الإرهاب وحسن إدارة الملف أمام خصومه الجمهوريين السابقين وأمام توقعات القادة الأميركيين والعسكريين عن صعوبة التماس نتائج قبل 30 عام.
كلام الرئيس الأسد اليوم هو رسالة واضحة معنوية ونفسية لخصومه، فالرئيس السوري الذي يتحدث اليوم يختلف عن ذلك الرجل الذي كان يتحدث منذ خمسة أعوام وكان العالم كله ينتظر رحيله لأنه اليوم يرفع أمام ذلك العالم الذي تغيرت وجهته شهادة صمود ممزوجة بتراجع استراتيجياته أمامه وأمام حلفائه وبمراجعة ذاتية ليست مبنية على أخلاقيات أبت إلا وأن تظهر بعد نهر الدماء الذي سال، إنما نتيجة ثبات السوريين وتقديمهم رؤيا واضحة عن وطنهم لم يتنازلوا عنها على الرغم من الجراح الكثيرة ونتيجة قتال حقيقي ومكلف.
الأميركي مستعجل جداً للحلول والأسد مرتاح يتروى في البحث السياسي وهذا كافٍ…
«توب نيوز»