نظرة فاحصة على السباق الرئاسي الأميركي

يستمرّ الاتفاق النووي في تصدّر الاهتمامات السياسية والفكرية، تترواح تغطية مراكز الأبحاث بين أقلية مؤيدة وأغلبية بين ناقد ومعارض.

سيتناول قسم التحليل السباق الانتخابي للرئاسة الأميركية، والعثرات السياسية التي يرتكبها مرشحو الحزبين: هيلاري كلينتون عن الحزب الديمقراطي، والملياردير دونالد ترمب عن الحزب الجمهوري. أبرز التطورات إمكانية مقاضاة هيلاري كلينتون على خلفية «انتهاكات محتملة لسرية المراسلات الرسمية» إبان فترة تبوئها منصب وزيرة الخارجية.

الاتفاق النووي محور الاهتمام

تميّز معهد بروكينغز بتسليط الضوء على الجوانب المضيئة في الاتفاق النووي مع إيران، لا سيما في ما يخصّ تخصيب اليورانيوم اذ انّ الاتفاق «يحدّ من قدرة إيران في استخدام عدد أجهزة الطرد المركزي لما ينوف عن 6.000 جهاز من النموذج الأول لسنوات عشرة». وأوضح انّ إيران سيكون بوسعها المضيّ في تخصيب اليورانيوم لمعدّلات بسيطة «باستخدام أجهزة متطورة خلال مرحلة الاتفاق، ومقيّدة بنحو 300 كلغم من اليورانيوم المخصب لنسبة 3.67 في المئة». وأردف انّ شرط التقييد المذكور «من شأنه كبح جهود إيران لتجاوز مرحلة التخصيب البسيطة، يرافقها تحديد سقف اجهزة الطرد المركزي مما سيؤدّي الى بقائها بعيداً عن امتلاك المخصب الكلوب لنحو سنة كاملة على امتداد 10 سنوات إلى عام 2025».

وطمأن المعهد المشكّكين بالاتفاق بأنّ إيران ستبقى خاضعة للقيود التي تحدّ من مراكمتها كمية كافية من اليورانيوم المخصب لخمسة عشر سنة اضافية لغاية عام 2030.

اتهمت مؤسسة هاريتاج وزارة الخارجية وفريقها المفاوض برفضها الإفصاح عن جوانب أخرى من «التفاصيل المقلقة للاتفاق». ونبّه مسؤولو الوزارة بواجباتهم «لقول الحقيقة كاملة أمام لجان الكونغرس المختصة… من دون الأخذ بعين الاعتبار الوعود التي قطعها وزير الخارجية جون كيري للجانب الإيراني لناحية طمأنته ألا يدخر المسؤولون الأميركيون ايّ جهد لتأييد الاتفاق».

ركز معهد كارنيغي على تدابير التدقيق الواردة في ثنايا الاتفاق مؤكداً على «صعوبة إخفاء ايّ جهود او نشاطات نووية، اذ انّ مفتشي الوكالة الدولية سيجمعون عينات من التربة» وإخضاعها للتحاليل، لا سيما أنّ «تقنية الكشف والفحص الحديثة تتميّز بالدقة والفعالية وباستطاعتها استشعار ايّ مواد نووية مهما كانت ضئيلة وبعد انقضاء سنوات عديدة على التجارب الاصلية». واضاف انّ عدد من البلدان، من ضمنها إيران وسورية، سعت إلى تطهير مواقعها ومنشآتها لإزالة ايّ آثار للمواد النووية… بيد انّ الوكالة الدولية استطاعت الكشف عن تلك المواد».

في تغطية منفصلة، استعرض معهد كارنيغي «الجوانب الإيجابية والسلبية للاتفاق»، معتبراً انّ أبرز الإيجابيات تكمن في «موافقة إيران على القيود المفروضة… بعدم تخصيب اليورانيوم لنسب عالية لمدّة لا تقلّ عن 15 عاماً… والاكتفاء بمنشأة وحيدة لتخصيب اليورانيوم». واضاف انّ البعد الآخر «الذي لا يقلّ أهمية يكمن في الإضافة المفاجئة للاتفاق الحظر الشامل لنشاطات إيران النووية ، من ضمنها منشآت الأبحاث والتطوير، والتي من شأنها الإسهام في جهود تطوير رأس نووي متفجر». مؤكداً انّ التزام إيران «سيبقى ساري المفعول والى الأبد».

أعرب معهد أبحاث السياسة الخارجية عن امتعاضه لعدم تضمين الاتفاق النووي «مسألة الاسلحة الإشعاعية، لا سيما أنّ إيران تمتلك بنية تحتية متطورة للمنشآت النووية تشكل تهديداً إشعاعياً في المرحلة الاولى استناداً الى قدرتها على إعداد الوقود المستنفذ، لو أرادت، لأغراض تسليحية وكذلك لاستخدامات تجارية والنظائر المشعّة للأغراض الطبية». وحذر المعهد المتردّدين من اعتبار إيران مصدر «تهديد إشعاعي من ناحية المبدأ… لا سيما انها لم توقع او تصادق على الاتفاقية الدولية لوقف أعمال الإرهاب او اتفاقية الحماية الفعلية للمواد النووية».

كان متوقعاً من معهد واشنطن تسليط الأضواء على الجوانب السلبية للاتفاق النووي، معتبراً انّ «الضمانة الوحيدة لعدم إقدام إيران على تطوير أسلحة نووية تكمن في إبقاء التهديد العسكري قائماً، بيد انّ الأمر محط شكّ انْ كانت ستقدم عليه الولايات المتحدة كما تعهّدت».

أوضح مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية القيود التي تمّ التوصل اليها في نصوص الاتفاق النووي للحدّ من «تطوير إيران قدرتها الصاروخية»، مستدركاً انه ينبغي التأكيد على «عدم توفر سبل دقيقة يمكن الاعتماد عليها للتنبّؤ بجهود التطوير المستقبلية». وحث المعهد المعنيين بالاتفاق الأخذ في عين الاعتبار بعض الجوانب الأخرى أبرزها «أضحت إيران قوة صاروخية جادّة ومتطوّرة، ولديها إطلالة على برامج الصواريخ لكوريا الشمالية، وليس من واقع المؤكد انّ تسعى إيران لشراء نظم صاروخية بأكملها من دول أخرى بعد انقضاء العام الثامن من مفعول الاتفاق». وحذر انه بصرف النظر عن النوايا المستقبلية «ستبقى برامج إيران الصاروخية تشكل تهديداً متزايداً بصرف النظر عن تفاصيل اتفاق الحدّ من الأسلحة النووية».

16 مرشحاً لعام 2016

بلغ عدد الطامعين في الترشيح عن الحزب الجمهوري 16 فرداً، للحظة إعداد التقرير، الأمر الذي شكل نسبة غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية مما دفع البعض إلى التهكّم على الحزب بسعيه الامتثال والرقم 16 في عام 2016. تدرك غالبية المرشحين انّ حظوظ الفوز بترشيح الحزب محدودة او معدومة، لكن كلاً منهم يراهن على حجز موقع سياسي متميّز في الإدارة المقبلة في حال فوز الحزب الجمهوري.

المسألة الأبرز في السعي لتفسير العدد المتزايد ينبغي النظر اليها ضمن البعد القضائي المتمثل برفع المحكمة العليا القيود السابقة عن حجم أموال التبرّعات او الأموال الخاصة لخوض الانتخابات، واضحت بلا حدود او كوابح. البعد الآخر، ربما، يكمن في التطور التقني وآليات التواصل الحديثة التي يستغلها المرشحون الى حدودها القصوى دون الالتفات الى ايّ اعتبارات او ضوابط قانونية.

في جانب الحزب الديمقراطي، تواجه المرشحة الابرز، هيلاري كلينتون، تعثراً وراء آخر وفق حملة منظمة من خصومها في الحزب الجمهوري الذين يعتبرونها المرشحة الأقوى على منافسة مرشحهم المقبل. أيضاً، المرشح عن الحزب الجمهوري، جيب بوش، يتلكأ في صعوده بعد ان كانت التوقعات تشير الى شبه يقين بتصدّره المشهد الانتخابي وتراجعه امام حاكم ولاية ويسكونسن، سكوت ووكر، والملياردير دونالد ترمب.

إقلاع القاعدة الانتخابية عن تأييد جيب بوش مبكراً أصاب حملته الانتخابية بالدهشة والانكسار لما كان يعوّل عليه من استغلال صلاته العائلية وتحالفاتها السياسية والعسكرية والتجارية الواسعة في حشد التأييد المبكر لحملته. القاعدة الأوسع من الناخبين المحافظين أحجمت عن تأييده بشكل لافت، لتخبّط خطابه السياسي منذ البدء، مما حمله على التطلع لتأييد الشريحة المعتدلة في القاعدة الجمهورية وافراد متواضعي الخبرة المعجبين بسجل عائلته التي أفرزت رئيسين لا يزالان على قيد الحياة.

أحدث المرشحين عن الحزب الجمهوري كان حاكم ولاية اوهايو المركزية، جون كيسيك، الذي يحسب على التيار المعتدل داخل الحزب ويتمتع بسجل وخبرة جديرة بالاحترام، لا سيما في المجال الاقتصادي والرعاية الصحية الشاملة، والذي حصد غضب قادة الحزب البارزين لقبوله البرنامج في أوج الخلافات الحزبية مع الرئيس أوباما.

دخول كيسيك حلبة السباق الانتخابي قد يضفي بعض المصداقية المفقودة لحزب يمثل مصالح أشدّ الفئات الاجتماعية ثراء وقاعدة اجتماعية تتميّز بالعنصرية تجاه الآخر ومناهضة ايّ دور للدولة المركزية في الشأن العام. فهو يحظى بدعم شعبي واسع في ولاية اوهايو بلغ نحو 60 في المئة، وفق أحدث استطلاعات الرأي، في ولاية لا تزال تلعب دوراً محورياً في نتائج الانتخابات الرئاسية، وربما يعتقد كيسيك ان حظه في الفوز بمنصب نائب الرئيس هو الأفضل له بين اقرانه الآخرين.

وبشر كيسيك جمهوره في خطاب ترشيحه انّ «الإجراءات السياسية أهم بكثير من الاعتبارات السياسية او الايديولوجية، اما بلوغ النمو الاقتصادي فلا يمثل هدفاً بحدّ ذاته. إيجاد فرص العمل اسمى هدف أخلاقي بالنسبة لنا.

في المجمل، إغراء المناصب القيادية المقبلة هو ما يحفز هذا العدد الكبير من المرشحين دخول حلبة السباق الرئاسي، بدءاً بالمناصب الوزارية الى التعيينات الديبلوماسية الهامة خاصة في عواصم كبرى، في اوروبا واليابان ودول آسيوية اخرى.

دونالد ترمب: مرشح ام مهرّج؟

نجح دونالد ترمب في حجز مقعد متقدّم في السباق الانتخابي يتراوح بين السخرية من أهليته وجديته الى إثارة قلق القاعدة الاجتماعية من برنامج الحزب الجمهوري وعدائه الصريح لما يسمّى «المهاجرين غير الشرعيين»، وجلهم قادم من دول أميركا اللاتينية، وأبرزها المكسيك. يشتهر ترمب بتصريحاته المهينة للآخرين، وميله السريع لغضب طفولي انْ لم يحصل على ما يريد على الفور. ويبدو انه يحاكي ويتماهى مع قاعدة حزب الشاي المتشدّدة في الحزب الجمهوري.

رمى ترمب سهام اتهاماته في كلا الاتجاهين، يميناً ويساراً. اذ اتهم إدارة الرئيس أوباما «بالسماح للمجرمين والمهاجرين غير الشرعيين» دخول البلاد عبر حدودها الجنوبية المشتركة مع المكسيك، دون ان يكلف نفسه عناء تقديم الدلائل والقرائن. وتوجه ايضاً نحو أبرز قادة الحزب الجمهوري وأركان معسكر الحرب، الثنائي جون ماكين وليندسي غراهام، مستخفاً بسجل الأول ابان خدمته العسكرية، وإهانة الثاني ووصفه بالغبي رداً على اتهام غراهام له بأنه أحمق.

استطاع ترمب حشد نحو 5.000 مشارك لسماع خطابه الساخر وتعبئة الجمهور ضدّ «الهجرة غير الشرعية». انتهز ماكين الفرصة وعلق على الجمهور بأنه «حشد من المجانين»، مما حفز ترمب للتشكيك برصيد ماكين الأكبر المتمثل في خدمته العسكرية وقضائه نحو 5 سنوات كسجين حرب في جمهورية فيتنام الشعبية.

المزايدات السياسية البارزة على السطح لعكس ما هو أبعد من لغتها ورمزيتها لدى الحزب الجمهوري، الذي يعبّر ترمب عن برنامجه المعادي للفئات الاجتماعية المختلفة بصدق أكبر من كافة المرشحين الآخرين. وهذا ما يفسّر، ولو آنياً، تصاعد أسهم ترمب في صفوف القاعدة الانتخابية، على الرغم من العامل المالي الذي يستغله ترمب الى أبعد الحدود كواحد من أكبر الأثرياء بين شريحة الميليارديرات.

تميّز حاكم ولاية ويسكونسن، سكوت ووكر، وتمكن من حجز مرتبة متقدّمة في أوساط القاعدة الانتخابية للحزب الجمهوري، ولا يزال يحتلّ المرتبة الأولى بين مختلف المرشحين، بل يمثل ووكر التحدي الأكبر لجيب بوش ومستقبله بلا جدال، على الرغم من تواضع إمكانيات حملته المادية مقارنة بالآخرين، لا سيما بوش وترمب. الى جانب خبرته السياسية، يتميّز ووكر عن بوش بماضيه المتواضع وميله إلى التشبّث بمواقفه أمام الصعاب، خاصة إبان صراعه السياسي مع النقابات العمالية في ولايته، الذي ربحه بامتياز.

مرشحو الحزب الديمقراطي

يتبلور شبه إجماع رأي بأنّ المرشحة عن الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، أضحت في مواجهة مزيد من العثرات والمتاعب، على خلفية نشاطاتها السياسية السابقة بالدرجة الأولى، والحقد الكامن ضدّها بين أوساط الحزب الجمهوري. يشار الى أنّ كلينتون بادرت مبكراً، بل مبكراً جداً، في حشد أكبر قاعدة دعم مالي لحملتها الانتخابية، معظمهم من كبار الأثرياء.

متاعب كلينتون تخطت خصومها العاديين الى داخل المؤسسة الحاكمة. اذ أعلنت وزارة العدل الأميركية، 24 تموز، عن نيتها إجراء تحقيق جديد للنظر في «تعريض وثائق سرية لخطر محتمل»، كما يتهمها الخصوم في قضية سجلات مراسلاتها الالكترونية الخاصة خلال فترة توليها رئاسة الخارجية الأميركية. وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز»، 23 تموز، الى «نية المفتش العام في وزارة الخارجية والأجهزة الأمنية المعنية الطلب من وزارة العدل فتح تحقيق جنائي» في هذا الخصوص.

المسألة بالغة الأهمية والحساسية في آن واحد، ومن شأنها الإطاحة بالسيدة كلينتون من علوها في حال تثبيت التهمة عليها، والتي طالما نادى بها الخصوم الجمهوريون لإقصائها عن الترشح.

الوسائل الإعلامية ترسم عادة ملامح الصورة الانتخابية عوضاً عن النبض الشعبي الحقيقي، بوعي وإدراك تامّ من صناع القرار. وسجلت نجاحاً في صنع قاعدة انتخابية معادية لكلينتون، حيث اتهمت من قبل62 في المئة من ناخبي كولورادو بأنها لا تتحلى بالمصداقية وغير جدارتها بالثقة، مقابل 34 في المئة من المؤيدين لها.

أشار أحد أحدث الاستطلاعات في ولايات وازنة الى تراجع شعبية كلينتون الى المرتبة الرابعة خلف ثلاثة مرشحين عن الحزب الجمهوري، جيب بوش وماركو روبيو وسكوت ووكر، في استقراء نتائج انتخابية افتراضية أجريت في ولايات كولورادو وايوا وفرجينيا، حازت فيها كلينتون على النسب المتدنية التالية امام جيب بوش: 36 في المئة – 41 في المئة في كولورادو 36 في المئة ـ 42 في المئة في ايوا و39 في المئة – 42 في المئة في فرجينيا. وتتخلف بنسب مماثلة أمام المرشحيْن الآخرين.

بصرف النظر عما سيؤول اليه مستقبل هيلاري كلينتون فإنّ المرشح عن الحزب الديمقراطي، بيرني ساندرز، لا ينبئ بأداء أفضل أمام منافسيه من المرشحين عن الحزب الجمهوري، بوش وروبيو ووكر.

ساندرز يمثل التيار الليبرالي داخل الحزب الديمقراطي وينفرد بدعمه وتأييده، ولم يتجاوز العقبات السياسية من أجل التواصل مع الناخبين المستقلين والذين باستطاعة أصواتهم الإسهام في حسم النتائج الانتخابية في اللحظات الأخيرة.

يضاف الى سجل ساندرز انه كان من السباقين بين أعضاء الكونغرس الذين جاهروا بمقاطعتهم جلسة يتحدّث فيها بنيامين نتنياهو في شهر نيسان الماضي. التيار المحافظ عاقب ساندرز واتهمه بتأييد النازية.

نصيب ساندرز في الانتخابات الافتراضية المذكورة كان أدنى من نصيب كلينتون، ولم يتجاوز نسبة 12 في المئة مقابل 54 في المئة لصالح الأخيرة. الفارق في نسب التأييد لكليهما لا يزال واسعاً لصالح كلينتون، لا سيما في ما يتعلق بقطاع الأقليات والمهاجرين الذين حمّلهم ساندرز مسؤولية تدني الأوضاع الاقتصادية خاصة «الصينيين الشريرين… الذين يسلبوننا فرص العمل».

ويسجل لصالح ساندرز ايضاً مناهضته وانتقاداته المستمرّة لسيطرة وسطوة رؤوس الأموال الممثلة بالقطاع المصرفي في وول ستريت، مما دفع كلينتون الى البقاء على مسافة علنية، على الأقلّ، مع تلك الفئة المتسلطة.

المرشح الديمقراطي الثالث والواعد ايضاً هو حاكم ولاية ماريلاند السابق مارتن اومالي، أصغر المرشحين سناً ويميل للتيار الليبرالي في الحزب الديمقراطي ايضاً. شعبيته أدنى من كلينتون وساندرز وحظه الأوفر يكمن في استمرار تعثر كلينتون وربما إزاحتها كليا، حينئذ تتوفر له فرص مخاطبة ونيل ودّ القطاع الاوسع من جمهور الناخبين الديمقراطيين.

يشار الى انّ اومالي تولى عمدة بلدية بلتيمور، التي شهدت مصادمات عنيفة مع أجهزة الشرطة العام الجاري، واعرب عن تأييده للمتظاهرين ربما طمعاً في كسب تأييد قطاعات شعبية اضافية، وانْ بقيت مهمّشة، لكلّ موقف ثمنه في المحصلة النهائية.

انضمّ ايضاً السيناتور لينكولن شافي، عن ولاية رود آيلاند، والذي سبق ان شغل منصب حاكم ولايته ويعرف نفسه باستقلاليته عن الحزبين، بيد انه يميل للتوصيت الى جانب أقرانه الديمقراطيين.

المراقبون لا يعتبرون شافي مرشحاً جادّاً، لا سيما أنّ قاعدة دعمه متواضعة للغاية. ابان فترة ولايته كحاكم تدنّت نسبة التأييد الى 26 في المئة، مما حفزه بعدم إعادة ترشيح نفسه لذات المنصب عام 2014.

كما انضمّ إلى السباق الانتخابي السيناتور المحافظ جيمس ويب، والذي استعرضنا سجله بالتفصيل الأسبوع المنصرم، ويمثل التيار اليميني والأشدّ محافظة في الحزب الديمقراطي، مناشداً القاعدة الانتخابية ضرورة العودة إلى أصول مبادئ الحزب الديمقراطي «التي لا تتضمّن قضايا اجتماعية» جديرة بالتبني. التيار الليبرالي العام في الحزب من المتوقع إحجامه عن تأييد ويب في الانتخابات النهائية.

مستقبل غامض

امام تعثر كلينتون وتسارع المطالبة بمقاضاتها جنائياً يبرز شخص نائب الرئيس، جو بايدن، كأفضل أمل للحزب الديمقراطي خوض الانتخابات وربما الفوز بها. بيد انّ بايدن لا يزال يراقب التطورات ولم يفصح عن نواياه الانتخابية، بخلاف طبيعته الميالة إلى التصريحات المفصلة. يشار الى انّ بايدن يبلغ 72 عاماً وسنه المتقدّم قد يشكل العامل الكابح لأهوائه. تقدّم سنّ شخصيات حزبية اخرى في الحزب الديمقراطي تحرمه من كفاءاتها للحملة الانتخابية المقبلة.

الشخصية الواعدة وغير المتحمّسة لخوض الانتخابات السيناتور اليزابيث وورين، التي «قد» تدخل الحلبة قسراً في حال انسحاب كلينتون بشكل مبكر. تحسب وورين على التيار الأشدّ تقدّمية في الحزب الديمقراطي وتشتهر بعدائها الصريح لسلطة وسطوة أثرياء وول ستريت على القرار السياسي الأميركي، فضلاً عن مواقفها التقدّمية الاخرى في المستويات الاجتماعية ونضالات المرأة. كما تتميّز عن كلينتون بنظافة سجلها السياسي وخلوّه من ايّ أعباء او فضائح سياسية، التي تلاحق كلينتون راهناً.

حسم المسألة ربما لن يكون بيد وورين حصراً، لا سيما لميل أصحاب القرار تأييد فوز مرشح الحزب الجمهوري في الدورة المقبلة، وتنامي حظوظها في الدورة الانتخابية المقبلة عام 2020.

نظرة فاحصة على مرشحي الحزبين تفيد بتميّز الحزب الجمهوري، او قلة من مرشحيه، على خصومه في الحزب الديمقراطي، الأمر الذي تعززه نتائج استطلاعات الرأي المتواصلة لا سيما تأييد شريحة الناخبين المستقلين، التي يعوّل كلا الفريقين على كسبها لصالحه.

في المقابل، يعاني مرشحو الحزب الديمقراطي من إحجام قاعدتهم الانتخابية بشكل بارز لجملة اعتبارات، منها ما يتعلق بفلسفة الحزب المطلوبة في القرن الحادي والعشرين، وتقدّم السنّ لأفضل المرشحين، أصغرهم تعدّى سن الستين من العمر.

انْ استطاعت هيلاري كلينتون التغلب على العوائق «القانونية» الأخيرة، التي تثار في وجهها باستمرار، فإنها تمثل الحلّ الأنسب للحزب لخوض الانتخابات. بخلاف ذلك، سيصاب بنكسة كبيرة لعدم تميّز المرشحين الآخرين بالنسبة للقطاع الواسع من الناخبين الأميركيين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى