تأجيل جلسة مجلس الوزراء إلى الخميس والحكومة تراوح في دائرة الحلول الوهمية لملف النفايات
طغى ملفّ النفايات على ما عداه من الملفات السياسية وعلى المشاورات التي أجراها رئيس الحكومة تمام سلام مع الوزراء الذين التقاهم في السراي الحكومية، فيما أكدت اللجنة الوزراية المكلفة متابعة ملف النفايات على القرارات التي اتخذت ليل أول من أمس الاثنين ومراحل التنفيذ، وأبدت ارتياحها إلى سير العمل، وتقرّر أن تعقد اللجنة جلسة عند الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم، ما يعني عملياً عدم الوصول حتى الآن إلى حلّ لأزمة النفايات التي لا تزال تراوح مكانها في دائرة الحلول الوهمية.
وكان سلام استقبل وزير الاتصالات بطرس حرب الذي قال بعد اللقاء: «من الطبيعي أن أجتمع مع دولة الرئيس سلام في هذه المرحلة المليئة بالإحباطات، بدءاً من إحباط في النفايات وإحباط في آلية عمل الحكومة ومصالح الناس، وحالياً البلد كله مرتبط بالاتفاق السياسي. ومن المؤسف أن تصل البلاد إلى هنا وأن يتمسّك فريق من الناس أو من القوى السياسية بمطالب شخصية وفئوية حزبية، فيما البلد كله في خطر، وهو ما يدعو إلى مواجهة هذه المطالب بعدم إيقاع البلد في مشاكل أكبر وأبعد من ذلك».
وأضاف: «في موضوع النفايات، بعد الجهود التي بذلت والتي شاركت فيها معظم الأطراف السياسية، يبدو أنّ هناك توجهاً لإيجاد حلّ، ونأمل أن يتمّ التوافق النهائي اليوم على هذا الأمر، وأن تكتمل القضية وترفع النفايات من الشوارع ويتوافر لها الحلّ الجدي، في انتظار أن ينتهوا بعد ذلك من كلّ المعاملات الإدارية والقانونية والمزايدات والمناقصات».
وتابع: «في موضوع مجلس الوزراء، القضية لا تزال عالقة، وبكل أسف أعلن أنه ما من عمل جدي لحلحلة هذه القضية، والطرف الذي يطالب بتعطيل مجلس الوزراء متمسِّك ومتشبث بموقفه، بصرف النظر عن نتائج هذا الموقف على الصعيد الوطني وعلى صعيد مصالح البلد ومصالح الناس، وهذا أمر خطير».
ولفت إلى «أنّ جلسة الخميس المقبل ستشكل منعطفاً، إما أن يتعاطى الأطراف المعنيون بجدية وبمسؤولية ونجد حلاً لهذه القضية، وكلّ قضية تطرح في وقتها وفي استحقاقها من دون استباق الأمور، ولنخرج من جو الضغط والابتزاز السياسي، وإلا فليتحمل كلّ واحد مسؤولياته».
اجتماعات المتابعة
وترأس سلام اجتماعاً للجنة غرفة العمليات المتفرغة في مجلس الإنماء والإعمار لمتابعة الخطوات التنفيذية لمعالجة موضوع النفايات، في حضور وزير البيئة محمد المشنوق الذي أشار إلى أنّ الرئيس سلام «أطلق خلال الاجتماع أعمال غرفة العمليات في مجلس الإنماء والإعمار، وتمّ تحديد المهمّات والمتابعات الضرورية لتطبيق القرارات التي اتخذت». وقال: «الآن المجال مفتوح للعمل وليس للكلام، ويفترض أنّ هذه الأمور ستتابع في غرفة العمليات، وسيتم التنسيق في مختلف المواضيع وسيكون التقرير مرفوعاً لدولة الرئيس لمتابعته مع هذه اللجنة».
كما ترأس عصراً اجتماع اللجنة الوزراية المكلفة متابعة ملف النفايات الصلبة في حضور وزير الزراعة أكرم شهيب، وزير المال علي حسن خليل، وزير الصناعة حسين الحاج حسن، وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دي فريج ووزير البيئة محمد المشنوق.
واثر الاجتماع أدلى أمين سر اللجنة الوزير محمد المشنوق بالبيان الآتي: «تابعت اللجنة الوزارية المكلفة بملف النفايات اجتماعها اليوم، وأكدت على القرارات التي اتخذت ليل أمس الاثنين ومراحل التنفيذ، وأبدت ارتياحها إلى سير العمل الذي سيستكمل بإجراءات إضافية أعطيت التعليمات بشأنها لغرفة العمليات في مجلس الإنماء والإعمار، وتقرّر أن تعقد اللجنة جلسة عند الساعة الرابعة من بعد ظهر الغد اليوم ».
واستقبل سلام وزيري الشؤون الاجتماعية رشيد درباس والشباب والرياضة عبد المطلب الحناوي.
ورأى درباس بعد اللقاء «أنّ الأزمة السياسية ما زالت على حالها دون أي احتمال للتقدم، لكننا لمسنا أيضاً ورشة العمل التي يقودها دولة الرئيس دون كلل في معالجة الأمور الحياتية الملحة، وأولها مسألة نفايات بيروت. وقد عقد اجتماعات طويلة وما زالت مستمرة من أجل تخليص بيروت من هذه الأزمة التي هي في حقيقتها نتيجة طبيعية للشلل الحكومي الذي يزحف على أوصال الدولة رغم كلّ شيء، سواء كانت الحكومة في حالة عمل طبيعي أو لا، فإنّ رئاسة الحكومة لا تكفّ لحظة واحدة عن متابعة شؤون المواطنين والتأكيد أنّ الدولة تبقى موجودة برمزيتها وتراثها وتاريخها وحاجة الناس إليها مهما كانت المواقف».
وعن إمكانية التوافق السياسي على طرح تأجيل تسريح عدد من العمداء، قال: «هذه مسألة فنية تقنية عسكرية تعود لقيادة الجيش ووزارة الدفاع، وتأجيل التسريح أمر لا يعود إلى مجلس الوزراء، لسنا نحن من يقرّر تأجيل التسريح».
وقال الحناوي: «التعيين هو الأصل، ولكن هناك مادة قانونية هي المادة 54 أو 55 في قانون الدفاع تقول بتأجيل التسريح إذا لم نتوافق على تعيين أصيل، وهذا حديث كل المكونات السياسية».
واستقبل سلام أيضاً وزراء الإعلام رمزي جريج، والسياحة ميشال فرعون، والعمل سجعان قزي.
وقال قزي بعد اللقاء: «الرئيس سلام صامد ومنفتح على كلّ حوار بناء في أي موضوع، شرط ألا يكون هناك تعطيل للعمل الحكومي، وهو حريص على إيجاد كلّ المخارج لكلّ المشاكل واجتماعات اللجنة الوزارية لمعالجة النفايات دليل على إيجاد المخارج، في حين تعذر إصدار قرارات داخل مجلس الوزراء مجتمعاً.
بالنسبة إلى النفايات، لقد سارت اللجنة خطوات متقدمة وتنتظر بعض الأجوبة النهائية كي تضع موضع التنفيذ القرارات التي اتخذتها في اجتماعاتها المتواصلة».
«ريحة صفقاتكم أبشع من ريحة الزبالة»
احتجاجاً على موضوع النفايات وعلى «الحلول الوهمية»، وتأكيداً على عدم القبول «بتمرير أي صفقة على حساب صحتنا»، نفذ ناشطون في حملة «طلعت ريحتكم» التي انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اعتصاماً ومسيرات تخللها إقفال طرق في وسط بيروت، معتبرين أنّ «كلّ ما صدر عن وزير البيئة مرفوض جملة وتفصيلاً، إذ أنّ خطره يفوق خطر تراكم النفايات في الطرق».
ورفع المعتصمون شعار «لا للحرق لا للمطامر لا لردم البحر، نعم للفرز من المصدر، نعم للجمع والترحيل، نعم للمعالجة».
وكان عدد من الناشطين تجمع منذ الصباح أمام ساحة رياض الصلح مقابل السراي الحكومية وعلى مقربة من مجلس النواب، وذلك بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء، التي لم تعقد.
ووسط أناشيد وهتافات، دعت إلى «الثورة واستقالة رئيس الحكومة تمام سلام ووزير البيئة محمد المشنوق، وإسقاط الحكومة بأكملها»، رفع المعتصمون لافتات كتب عليها: «ريحة صفقاتكم أبشع من ريحة الزبالة»، «قرفتونا طلعت ريحتكم»، «اختنقنا بدنا نتنفس»، «النفايات جمعت النواب فماذا يجمعهم لانتخاب رئيس»، «لا للحلول الوهمية نعم للحلول المستدامة».
هذا ورشق المعتصمون البيض باتجاه السراي وسط هتافات: «إرحل».
بعد ذلك، توجه المعتصمون بمسيرة من رياض الصلح باتجاه أسواق بيروت، مروراً بشارع المصارف. ولدى وصولهم إلى الأسواق، افترشوا الأرض قاطعين الطرق أمام مرور السيارات، ليعودوا بعدها إلى ساحة رياض الصلح، وينطلقوا مجدّداً في مسيرة إلى ساحة الشهداء ـ مسجد محمد الأمين، حيث افترشوا الأرض مجدداً.
وخلال الاعتصام، تحدث عدد من الناشطين، فشدّدوا على عدم القبول بحل ملف النفايات بطرق غير بيئية من طمر غير صحي أو حرق يهدّد السلامة العامة، داعين إلى حلول بيئية من فرز وإعادة تدوير.
وحمّل الناشطون «الحكومة ووزارة البيئة مسؤولية عدم إيجاد حلّ لموضوع النفايات، وطالبوا المواطنين بالخروج عن صمتهم والتحرك باتجاه قضاياهم، مشدّدين على «أنّ التحرك ليس فئوياً».
بعد ذلك توجه المتظاهرون إلى منزل الرئيس فؤاد السنيورة في بلس، قبل سلوكهم شوارع جون كينيدي وعين المريسة وشارع الفنادق حيث قطعوا الطريق مردّدين الشعارات.
وتابعوا سيرهم مخترقين ساحة ستاركو وشارع فرنسوا الحاج وصولاً إلى شارع المصارف فساحة رياض الصلح، حيث تجمعوا وشكروا القوى الأمنية على مواكبتها للمسيرة، وأعلنوا عن انتهاء التحرك، مؤكدين أنّ الأيام المقبلة ستشهد تحركات أخرى.
اعتراض موكب درباس
وفي طريقه إلى السراي الحكومية، اعترض مجموعة من الشبان سيارة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، الذي أعلن في حديث إذاعي أنّ 15 شخصاً طوقوه ونعتوه بـ«الحرامي» ورموه بالنفايات.
ولفت إلى أنّ رئيس الحكومة تمام سلام ومدير عام الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص تحدثا إليه، مؤكداً أنّ الإجراءات اللازمة ستُتّخذ في حقّ المعتدين ولم يتم شهر أي سلاح عليهم.
وأكد درباس أنّ الاعتداء عليه «هو اعتداء على هيبة الدولة والمعتدون لا ينتمون إلى شعبنا أبداً»، لافتاً إلى أنّ ما جرى يشبه ما حصل مع رئيس الحكومة أمام منزله أول من أمس، «وهكذا أحداث تقع عندما ينخفض مستوى هيبة الدولة».
التغيير والإصلاح
ولم يغب موضوع النفايات عن أجواء اجتماع تكتل التغيير والإصلاح برئاسة العماد ميشال عون في الرابية، إذ لفت وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بعد الاجتماع إلى «أنّ خطة النفايات عندما وضعت عام 2010 لم تنفذ، وجئنا أمام واقعة التمديد لشركة سوكلين مجدداً، واعترضنا في تكتل التغيير والإصلاح وطالبنا بإجراء مناقصة، وصوتنا بالحكومة وخسرنا التصويت. وبعدها طلبنا خفض سعر سوكلين على الأقل، وطرحنا الموضوع في الحكومة، وقمنا بمراسلات عدة، فتوصلنا إلى مفاوضة سوكلين بالأسعار، ووافقنا على خفض 4 في المئة وعلى أساسه يمدّد لها، ولكن اكتشفنا أنّ هذه الخطة لم تطبق ووضع الكثير من الحجج، ما دفعنا إلى أن نوجه إلى الحكومة باسم التكتل 7 رسائل. وفي الرسالة الأخيرة طلبنا من الحكومة وضع المناقصة على جدول أعمال مجلس الوزراء وإجراء تحقيق بسبب عدم إجراء المناقصة ومعرفة من المستفيد».
وأضاف: «وصلنا إلى الحكومة الحالية، حيث أنّ وزير البيئة محمد المشنوق وضع خطة وناقشناها ووافقنا عليها لتكون هذه الخطة مرحلية للوصول إلى المراحل التي كنا خططنا لها، وهو وضع آلياتها وتاريخها، وعلى أساسها تعطى حوافز لمطمر الناعمة، إلا أننا اكتشفنا أنّ المطمر توقف، ودخل الموضوع الابتزاز السياسي والتهديد الإعلامي، الذي طالنا في موضوع الحكومة، وتبين أنه لم يطلب شيئاً من الحكومة إلا أنّ تطبق قراراتها السابقة».
وتابع: «أقصينا في موضوع النفايات منذ عام 2010 ولم يؤخذ برأينا، وتم السكوت عن هذا الملف لأنّ هناك مستفيدين من كلّ الهدر على حساب الخزينة، ولكن هذه قضية الناس، ونحن معنيون بها وسنقف بجانبهم في كلّ مرة لأنّ إصابتهم هي إصابتنا».
وأردف: «إنّ الشراكة ليست انتقائية وليست بدفع الضريبة من دون الإنماء، وبالاستفادة من الهدر بالنفايات، وتوزيع المنافع المالية فيها، فالشراكة عندما تغيب تصبح هناك مشاكل سياسية واقتصادية في البلد».