مصير الاستحقاق الرئاسيّ رهن اتجاهات الأزمة السورية حتى 25 أيار

حسن سلامه

رغم انقضاء الأسبوع الأول من المهلة الدستورية الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية والممتدة من 25 آذار المنصرم إلى 25 أيار المقبل، فإن الضبابية تخيم على مسار هذا الاستحقاق داخلياً وخارجياً، وإن تحرّكت المشاورات الداخلية على «قدم وساق»، كذلك في بعض العواصم ذات التأثير في الوضع اللبناني، وخاصة على مستوى سفراء هذه الدول الذين يسمعون ضيوفهم اللبنانيين كلاماً مريحاً عن أن دولهم تعمل لاستقرار لبنان وعدم الوصول إلى الفراغ في رئاسة الجمهورية، وبالتالي تمدّد ما حصل في مسألة تشكيل الحكومة إلى الانتخابات الرئاسية.


واضح بدءاً ـ وفق مصادر سياسية بارزة ـ أن الحديث عن دعوة البعض إلى فتح المجال لمعركة ديمقراطية من خلال ترشح، أو ترشيح، أكثر من شخص خلال جلسة نيابية لانتخاب الرئيس هو حديث غير قابل للتحقق في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها، خاصة في ظل الانقسام العمودي التي تعيشه الساحة الداخلية. لذا تقول المصادر إن كل من فريقي 8 و14 آذار يتمسك بلعبة النصاب لكي يكون لكلّ منهما دور محوري في اختيار شخصية الرئيس الجديد، ما يعني أن لا إمكان لحصول الانتخابات أو حتى التئام جلسة مكتملة النصاب من دون توافق مسبق على شخصية الرئيس، ولذا تشير المصادر إلى أن توقيت جلسة الانتخاب مرتبط بتوافق القوى السياسية الأساسية، بعد أن تكون الأجواء الإقليمية والدولية أنتجت نوعاً من التفاهم على شخصية معينة، على غرار ما حصل في تشكيل حكومة تمام سلام.

كيف تبدو أجواء التفاهم الخارجي على الاستحقاق الرئاسي؟ وما نسبة التأثير الداخلي في هذا الاستحقاق؟

في معطيات مصدر دبلوماسي مطلع يقوم التأثير الداخلي على ثلاثة أمور رئيسية:

ـ الأول، مدى قدرة الأطراف الداخلية على تسويق اسم هذا المرشح أو ذاك لدى العواصم المعنية بالملف اللبناني، فبناء على ذلك تختار الدول المؤثرة هذه الشخصية أو تلك.

ـ الثاني، الظروف الداخلية التي تترافق مع عملية اختيار الرئيس، تحديداً المعطيات الأمنية أو الاقتصادية، وبالتالي الدور المطلوب أن يلعبه الرئيس الجديد لبنانياً وفي المحيط. هذان المعطيان يشكلان عاملاً حاسماً في رفع حظوظ هذا المرشح أو ذاك.

ـ الثالث، بعد توافر المعطيات الخارجية وتسويقها لبنانياً، تحين عملية «الإخراج» من قبل القوى اللبنانية، أي أن «كلمة السر» التي تتبلغها مراجع محددة تسوّق داخلياً لمصلحة المرشح الذي وقع عليه الاختيار.

انطلاقاً من هذه القراءة، هل يمكن حصول تفاهم دولي ـ إقليمي حول اسم الرئيس الجديد؟

في المعلومات المتوافرة لدى هذا المصدر، توازي نسبة حظوظ إجراء الانتخابات نسبة حصول فراغ في موقع الرئاسة، والاحتمالات كبيرة لإمكان حصول تفاهم دولي ـ إقليمي على انتخاب رئيس للجمهورية من دون أن يرتبط ذلك بحصول تفاهم أوسع على مستوى قضايا المنطقة. هذا التفاهم حصل في تشكيل الحكومة الراهنة، ولا يستبعد أن ينسحب على الاستحقاق الرئاسي، علماً أن ثمة تقاطعات دولية ـ إقليمية، دولياً بين واشنطن وموسكو، وإقليمياً بين إيران والسعودية، ولا ممانعة سورية في ألاّ تذهب الأمور في لبنان نحو الفوضى أو الفراغ الشامل في المؤسسات، ولذلك ثمة سعي إلى إمرار هذا الاستحقاق، مثل الحكومة، بأقل الخسائر الممكنة، كي يتمكن لبنان من عبور هذه المرحلة.

لكن المصادر ترى في الوقت عينه، ورغم هذا الاحتمال، أن الموضوع الرئاسي مرتبط مباشرة بالصراع القائم في المنطقة، وتحديداً بما يحصل في سورية، لذا تدعو هذه المصادر إلى مراقبة ما يمكن أن يحصل على الجبهة السورية من اليوم حتى 25 أيار، ففي ضوء ذلك يمكن ترجيح كفة حصول تقاطعات خارجية لإمرار الاستحقاق الرئاسي، أو حصول نوع من «التفاهم الضمني»، على أن تملأ حكومة الرئيس تمام سلام الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية لفترة معينة قد تستمر إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في سورية، وقد يدفع بعض الدوائر المتشددة في واشنطن والسعودية في هذا الاتجاه إذا وجد ان ترحيل الانتخابات الرئاسية يعطيه ورقة إضافية في لعبة الابتزاز التي تعمل تلك هذه الدوائر بها لمنع حصول الانتخابات في سورية، من خلال توسيع دائرة العنف والإرهاب في المناطق ذات الكثافة السكانية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى