الإمام: الموقف الأميركي لا يحترم القيم الإنسانية دنورة: مصر مؤهلة لدور إقليمي باتجاه المغرب العربي

دمشق سعد الله الخليل

تزامن صدور نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية مع الانتخابات الرئاسية السورية وربما للتزامن دلالات سياسية، وربما فتح هذا التزامن الباب أمام مقارنة ردود الأفعال الغربية حيال الملفين، أولى المؤشرات عادة ما تصدر عن الولايات المتحدة التي أكدت أنها تتطلع إلى العمل مع قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي الذي فاز بانتخابات الرئاسة، في المقابل أعادت الانتخابات السورية شهية المتابعين الأميركيين لتكرير الدعوات للتدخل، واعتبر الكثير منهم أن عدم التدخل العسكري تصويت أميركي لصالح الرئيس الأسد فيما شن روبرت فورد السفير السابق للرئيس الأميركي باراك أوباما إلى دمشق هجوماً على السياسة الخارجية للبيت الأبيض في شأن سورية.

فوز السيسي والأسد يفتح أبواباً جديدة لسياسات التعامل مع الدولتين العربيتين المحوريتين سواء من باب ضرب أي أبواب للتلاقي بينهما في المستقبل، أو لمحاولات احتواء تبعات النتائج الانتخابية كل على حدى أم سيعود التقارب السوري المصري لسابق عهده في ظل قيادة السيسي والأسد.

الانتخابات السورية الأكثر مشروعية

يستعرض المحلل والباحث الاستراتيجي الدكتور وائل الإمام نتائج الانتخابات الرئاسية في سورية، ويقول: «عندما يشارك 73.42 في المئة من المواطنين في الاقتراع وينال الرئيس الأسد 88.7 في المئة من الناخبين فهذا يعني أن الرئيس الأسد نال 66 في المئة من القوة الانتخابية، بمعنى لو انتخب كل من امتنع عن الانتخاب بإرادته أو بالقسر غير الرئيس الأسد لنال الأسد 66 في المئة من القوة الانتخابية، وهذا يعني حصوله على غالبية مطلقة من حجم القوة الانتخابية في سورية».

وتابع: «عندما يقول 65 في المئة من حجم القوة الانتخابية نعم للرئيس الأسد والكل يعلم أن الأقليات في سورية تشكل 25 في المئة من المجتمع السوري ومن الـ 65 في المئة تشكل الأقليات 16 في المئة فقط، أي أن الرئيس الأسد حصل على 39 في المئة من أصل 65 في المئة من غالبية الطائفة السنية في سورية، وهذا يعني أن أكثر من ثلثي هذه الطائفة قالت نعم للأسد أي أن هذا النظام ليس طائفي كما يروج الغرب، إنما نظام سياسي لكل السوريين على اختلاف طوائفهم بما يدحض البروباغندا والدعايات التي تقول بطائفية النظام».

وبالمقارنة مع ما حصل في مصر فقد توجه للصناديق 45 في المئة من حجم القوة الانتخابية، وبالتالي حصل السيسي على 45 في المئة فقط من حجم القوة الانتخابية أي أن مشروعية الانتخابات في سورية أكثر من مشروعية انتخابات مصر وبالمقارنة مع الجزائر نجد أن بوتفليقة حصل على 31 في المئة من حجم القوة الانتخابية.

وتابع الإمام إن اعتراف الغرب بانتخابات مصر ورفض انتخابات سورية نابع من الكيل بمكيالين لأي انتخابات لا تدخل ضمن المصالح الأميركية، فلا يمكن لواشنطن أن تعترف بانتخابات قالت نعم للمقاومة بالدرجة الأولى، فالمرشحون الثلاثة اتفقوا على دعم المقاومة.

فالمرشح ماهر حجار قال سورية لفلسطين ما يؤكد حق المقاومة، والدكتور حسان النوري يتفق مع السياسة الخارجية للرئيس بشار الأسد والمعروف نهجه المقاوم، وبالتالي هذا الاستحقاق لا يتناسب والفكر الجمعي الأميركي ولا فكر الكيان الصهيوني وهو ما يفسر رفض الولايات المتحدة للانتخابات الرئاسية في سورية.

وتابع الإمام: «أما الزيرو الصفر الذي أطلقه كيري في لبنان فأقول لكيري أنه رقم و – ناقص لا نهاية هي رقم أيضاً، فطالما استخدم هو الصفر، فالشعب السوري يعتبر رأيه في خانة الناقص لا نهاية بالنسبة له ، وأضاف إمام: «عندما يعتبر كيري 74 في المئة من الشعب السوري بمفهومه السياسي صفر فهذا أكبر دليل على أنه لا إنساني، ولا يحترم القيم الإنسانية عندما لا تتوافق مع مواقفه السياسية، ناهيك عن الذين منعوا من الإدلاء بأصواتهم ، وبحسب الإمام يتجاهل كيري أن الإدلاء بالأصوات يعتبر حقاً من حقوق التعبير السياسية والفكرية، وهو مبدأ من مبادئ حقوق الإنسان ومن باب أولى بكيري أن يقرأ مبادئ حقوق الإنسان قبل إطلاق الأصفار.

وعن اعتراف الولايات المتحدة بانتخابات مصر قال: «النتيجة توافق المصالح الأميركية السعودية عبر السيسي على رغم التفاؤل بدور مصري فعال، على رغم أن السيسي بحاجة للدعم السعودي للنهضة الاقتصادية ولضبط الحكم، فالربيع العربي أرجع الاقتصاد المصري لحالة سيئة خاصة برصيد العملات الأجنبية بالبنك المركزي، وعليه أن يتماشى مع السياسات الأميركية السعودية من باب البراغماتية السياسية، وما زلت آمل بدور مصري يعيدها إلى الحضن العربي كحاضنة للفكر القومي وسأترك للأيام أن تثبت هذا الكلام.

المشروع الإخواني العدو المشترك

عن آفاق التعاون السوري المصري في ظل قيادة الرئيس السوري بشار الأسد والمصري عبد الفتاح السيسي، يرى الباحث الاستراتيجي الدكتور أسامة دنورة أن هناك عدواً مشتركاً بين مصر وسورية، وهو المشروع الإخواني برعاية قطرية تركية، وهذا المشروع الذي حاول ضرب استقرار البلدين وتحويلهما دولتين فاشلتين، وإن كانت آلية التصدي للمشروعين مختلفة ما يعني ذلك من اختلاف سياسة البلدين والبنية السيوبوليتيكية، فإسقاط النظام الإخواني تم برعاية سعودية في مصر فيما تسير السعودية بالاتجاه المعاكس في سورية بدعم الجهات المتطرفة. وتابع دنورة: «من المؤكد أن الحكم الجديد في مصر لدرجة كبيرة مرتبط بالسعودية حتى الآن، ومن المؤكد أن افتعال الأزمة السعودية الأميركية حيال مصر لا يبدو وكأنه خارج من الرضا الأميركي بحيث لا يظهر الدعم السعودي لمصر تكراراً لإعادة تجربة مبارك، بما يبدي استقلالية مصرية ضرورية كي لا تشعر القوى التي ثارت على مبارك أنها عادت لنقطة الصفر، ويؤكد دنورة أن افتعال الخلاف الأميركي السعودي حيال مصر يسمح لواشنطن التنصل من أي أدوار قذرة كدعم جماعات متطرفة قد تلعبها الرياض بحيث لا تظهر محسوبة عليها.

وتابع دنورة: «من المتوقع أن تشبه الظروف المصرية حالة الانكفاء في عهد مبارك ومع استئصال الحالة الإخوانية في ظل حالة علمانية ورعاية سعودية لوضع أقرب لعهد مبارك، ولفت دنورة لإمكانية خروج مصر من الفلك السعودي في المدى المتوسط والبعيد بفعل وزنها التاريخي والبشري، أما على المدى القريب فمرهون دورها بمدى الرغبة السعودية باستخدام مصر لعودة العلاقات السورية العربية، وأن تقوم إدارة السيسي بمبادرة ذاتية لتعزيز شعبيتها وشرعيتها عبر العلاقات مع سورية وروسيا، فالعلاقة مع سورية تعيد توازناً لما قد يخسره السيسي بإبقائه على العلاقات مع كيان العدو، وعلاقة مصر مع روسيا يبعد عنها شبهة التبعية الأميركية، ورأى دنورة أن مصر أمام مهمة توسيع قاعدة شعبية اقتصادية لحين وضوح الصورة الإقليمية تمكن القاهرة من لعب دور بإعادة العلاقات مع سورية.

وتابع دنورة: «ترك الربيع العربي بؤراً مشتعلة كليبيا والتي طالما كانت لها أهمية أنها تدور في الفلك الغربي، وتمثل تعاوناً اقتصادياً معه لكنها كانت ضامنة لضمان إقليمي لدول المغرب العربي، حيث التوازن بين محور تونس والمغرب من جهة وليبيا والجزائر كان الضامن للمغرب العربي، وبدا هذا التوازن في أزمة الصحراء الغربية، وطالما ليبيا تعاني من عدم الاستقرار تبقى فرص استهداف الجزائر قائمة، ما يؤهل مصر لضمان هذا التوازن وبدا واضحاً على الساحة الليبية بظاهرة اللواء حفتر، والذي يصور سيسي ليبيا الذي طلب دعم مصر بشكل علني، وبالتالي المطلوب من مصر بحسب دنورة لعب دور لا يعرض الجزائر للخطر ولا يسمح لأحد محوري المغرب التغلب على الآخر، وبمقدار ما تنجح بهذه المعادلة تضمن دوراً إقليمياً عابراً للحدود باتجاه المغرب أكبر منه باتجاه قضايا إقليمية أخرى كالقضية الفلسطينية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى