ملحمة الانتخابات الرئاسية في سورية
حسن سلامه
مما لا شك فيه، وباعتراف الأعداء، أن سورية بعد الانتخابات الرئاسية وما شهدته من عرس وطني ومن تصويت فاجأ الغرب وحتى أصدقاء سورية لمصلحة الرئيس بشار الأسد، هي بعد الانتخابات ليس مثل ما قبلها، فهي فتحت أبوابها على مسيرة جديدة بإرادة شعبية حاسمة لاستكمال الانتصار على الحرب الكونية وأدوات الغرب من المجموعات الإرهابية، وفي الوقت نفسه أكدت على التمسك بما يمثّله الرئيس الأسد من إرادة مقاومة، ومن تمسك بإرادة الشعب السوري، وبمواجهة العدوان والإرهاب.
ما جرى في سورية في الثالث من حزيران، وقبل ذلك في 28 و29 أيار، يشير بوضوح إلى جملة معطيات وثوابت لا يمكن أحداً أن يقفز فوقها أو يتجاهلها، ومن أبرزها:
ـ إن الهبّة الشعبية التي عبّر عنها الشعب السوري حققت وحدة هذا الشعب ووحدة ثباته حول الرئيس الأسد وما يمثّله من خيارات مقاومة، بل إن معدل المشاركة التي فاجأت الغرب وحتى بعض الحلفاء جسّدت الوحدة الحقيقية لسورية في ظل ظروف استثنائية كان يريد منها الحلف المعادي أن تفضي إلى عكس ما أنتجته من تلاحم أكثرية الشعب السوري خلف قيادته وجيشه.
ـ إن نجاح سورية دولة ومؤسسات في تنظيم انتخابات بهذه الدقة بلا أي شوائب، وبمعدل مرتفع من المعايير الدولية على صعيد المشاركة والممارسة الديمقراطية، إذ بلغت نسبة المشاركين التي تجاوزت 73 في المئة، أي أن الذين انتخبوا هم 11 مليوناً و634 ألفاً بينهم 88.6 في المئة للرئيس الأسد، وبالتالي لو ترك جميع السوريين المقيمين في الخارج والبعض الذين أجبروا على البقاء في بعض المناطق التي يسيطر عليها المسلّحون لتجاوزت نسبة المشاركة 80 في المئة، عدا محاولة عرقلة الانتخابات في مناطق وجود الدولة من خلال عمليات الإرهاب بالقصف.
ـ حدّدت سورية بهذه الملحمة التاريخية خياراتها من خلال الانتخابات الرئاسية أولاً، ومن خلال التصويت الكثيف للرئيس الأسد، من دون الانتقاص من الدور الوطني الذي ساهم فيه كل من المرشحين حسان النوري وماهر الحجاز اللذين نافسا الرئيس الأسد وأقاما رأس جسر للتعددية الديمقراطية ورفضا في الوقت ذاته الارتهان للخارج.
ـ لم ينفع صراخ الغرب كلّه وأدواته طوال أكثر من سنة في التأثير في مجرى الانتخابات والحد من المشاركة الكثيفة فيها، رغم العروض التي قدمها الغرب إلى الرئيس الأسد من ناحية، ورغم الضغوط واللجوء إلى مختلف أنواع القتل عبر المجموعات المسلحة ناحية أخرى، بل إن سلوك الولايات المتحدة وحلفائها الإرهابيّ كان حافزاً قوياً لسوريين كثر كي ينزلوا إلى صناديق الاقتراع ويصوّتوا لثوابت سورية ودورها المقاوم.
إنما ثمة سؤال آخر: ما هي النتائج التي أفرزتها الانتخابات والتي ستظهر تدريجياً في الأسابيع المقبلة؟
واضح أولاً أن موقف الغرب، رغم مكابرته وعدم الاعتراف بالنتائج، لا يقدم ولا يؤخر، وهو ينتظر خطاب الرئيس الأسد مع بدء ولاتيه الجديدة وما سيطرحه من مقاربات للمرحلة المقبلة، سواء ما يتعلق بمواجهة العدوان والإرهاب أو ما يتعلق بالحل السياسي في سورية.
لكن مصادر سياسية متابعة تؤكد أن هذه الانتخابات أفرزت ثلاث حقائق هي:
أولاً: أظهرت سورية بهذه الانتخابات وحدة شعبها وتأييدها الرئيس الأسد في حربه ضد الإرهاب والمتآمرين، وفي الوقت نفسه استئناف المصالحات والحل السياسي.
ثانياً: إن هذه الانتخابات وما شكلته من إرادة شعبية حاسمة أصابت الغرب بخيبة كبيرة، بل سترغم الحلف المعادي على التعامل مع الواقع الجديد، رغم أن هذا الحلف سيواصل اختبار فرص استنزاف سورية ومؤسساتها.
ثالثاً: شكلت هذه الملحمة انتصاراً جديداً لمحور المقاومة وجميع حلفاء سورية، فما حصل خلق ميزاناً جديداً لمصلحة هذا المحور يستطيع أن يستثمر عليه في مواجهة الحلف الغربي ـ الأميركي.