من أين لنا المئة دولار يا معالي الوزير؟!
فدى دبوس
«اللبناني بالشوب»، «اللبناني بلا كهربا»، «دكانة الطاقة»، «لا كهربا ولا ماي وكمان زبالة!»، «معالي الوزير شو القصة؟»، «لا للفساد»، «نعم للتضامن ضدّ المسؤولين ولحلّ الأزمة» إلخ…
كلّها عبارات تصدّرت صفحات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي لأسبوعين متتالين، ولا تزال هذه المواضيع تشكّل أزمة لدى المواطنين. لا نرى سوى امتعاض ويأس من الواقع وكلّها موثّقة بكلمات وتعليقات الناشطين على «فايسبوك» و«تويتر». تظاهرة هاشتاغات تسيطر على مواقع التواصل اللبنانية لكن حتى الآن لا نجد سوى حرب افتراضية وتظاهرات افتراضية لا يمكنها أن تشكّل حلاً للأزمة التي نعيشها اليوم.
وعلى رغم أن موضوع النفايات يشكّل الموضوع الأبرز على الساحة اللبنانية، إلّا أن موضوع الكهرباء احتلّ الصدارة هذا الأسبوع خصوصاً مع موجة الحرّ التي كادت تنسي اللبناني اسمه، فالعرق المتصبّب من الرؤوس أنسانا هويتنا وجعلنا أسرى النقد غير العائد بالفائدة لا علينا ولا على من حولنا.
ولأنّ بعض من يثورون على الواقع افتراضياً فحسب ويسكتون فور انتهاء الأزمة، فإن من أظهر تململه من انقطاع الكهرباء أكثر من المعتاد في دائرة بيروت الأولى هو نفسه سكت عن الأمر بعد حلّ الأزمة، لينسى المناطق التي لا تكاد تحصل على الكهرباء ساعتين يومياً وتلك التي إن وصل إليها التيار الكهربائيّ لمدّة أربع ساعات تهلل تهليل المنتصرين.
الأزمة الحقيقية لا تكمن في الدولة ولا حتى لدى المسؤولين بل تكمن فينا نحن المواطنين الذين لا نلبث أن نسكت عن الأزمة فور إيجاد حلّ ولو كان موقتاً، فطالما أن النفايات أزيلت من بعض الشوارع وطالما أن الكهرباء عادت ليتنعّم بها سكّان منطقة دون أخرى فعلى الدنيا السلام…
فئة قليلة من المحرومين هي التي تستمرّ في موقفها لا لحرمانها فحسب، بل لإيمانها بقضية ربما تكاد تكون حلاً بدلاً من أنصاف الحلول التي لطالما اعتدنا تقديمها من الدولة. وعلى رغم ظهور العديد من الحملات في الآونة الأخيرة التي تسعى إلى إيجاد حلول من أجل المواطن إيماناً منها بالدفاع عن قضية ربّما تفيد المواطن اللبنانيّ بعد سنوات عدّة إلّا أن هذه الحملات سرعان ما تنطفئ فور انتهاء قضيتها، فنجد أن كلّ الحلول لدينا باتت لا تتعدّى حتى أنصاف الحلول.
أخيراً برزت ظاهرة جديدة على «فايسبوك» ألا وهي نشر أرقام المسؤولين من الوزراء على صفحات الناشطين وبدأ من خلالها الناشطون يستعرضون «عضلاتهم» من خلال نشر رسائلهم النصية التي كتبوها للوزير، والمضحك أن هذه الرسائل انتقلت صفتها من المعالجة لموضوع ما إلى نكات يتناقلها اللبنانيون على هواتفهم الذكيّة، فتكون «نكتة آخر موضة»، ويتحوّل معها الصراع مع القضية إلى قضيّة جديدة تثير الضحك والهزء ولا تصل إلى حلّ. أمّا أكثر الأمور سخرية هو إعطاء أحد الوزراء حلاً لأحد المواطنين في ردّ منه على رسالة نصية وهي نصيحة «بمدّ اشتراك بمية دولار»، ليتحوّل معها الموضوع إلى أكثر من تافه. وبالتالي يولّد لنا الإحباط، فإن كان الوزير محقاً وإن كان الحلّ بمولّد بمئة دولار فمن أين لنا بالمئة دولار يا معالي الوزير في بلد بات فيه الحدّ الأدنى للأجور لا يكفي بدل إيجار للعيش تحت سقف منزل شرعيّ؟!