ورقة نعوة المعارضة السورية
حميدي العبدالله
وجّه زهران علوش خطاباً إلى أنصاره تحدّث فيه عن الحصار المحكم المفروض على الغوطة الشرقية منذ حوالي ثلاث سنوات. ومعروف أنّ الحصار على الغوطة الشرقية ليس عمره ثلاث سنوات، وليس حصاراً محكماً والدليل على ذلك أنّ علوش ذاته لا يزال ينتقل بين الغوطة وتركيا وغرفة «الموك» في الأردن.
قد يكون الحصار على الإرهابيين لجهة حريتهم في الحصول على العتاد وتدفق المزيد من الإرهابيين أصبح محكماً بفعل إجراءات الجيش العربي السوري، ومراقبته الدائمة والمتواصلة لخطوط إمداد المجموعات الإرهابية المسلحة، ولكن هذا الحصار عمره أشهر وليس ثلاث سنوات، وبالتالي لماذا استفاق علوش الآن على هذا الواقع طالما أنّ عمره ثلاث سنوات، وهو الذي كان قبل أشهر قليلة يستعرض قواته ويهدّد بغزو مدينة دمشق؟ لا شك أنّ الهدف من وراء هذه التصريحات تبرير عجز داعميه عن الوفاء بما التزموا به أمامه لجهة إضعاف الجيش العربي السوري وإيصال الدعم الذي يمكنه مع جماعاته الإرهابية من توسيع نطاق اعتداءاتهم وسيطرتهم على المزيد من الأراضي السورية.
إنّ صرخة زهران علوش في هذا التوقيت حول الحصار المحكم، ما هي إلا محاولة لرفع المسؤولية عن المصير القاتم الذي ينتظر الجماعات المسلحة في الغوطة الشرقية بعد أن تداعى معسكر الداعمين والراعين لها.
رياض الأسعد، وهو ضابط منشقّ، وفي التوقيت ذاته الذي أدلى به زهران علوش بتصريحاته حول الحصار المحكم على الغوطة الشرقية، وجّه انتقادات لاذعة إلى الغرب وللولايات المتحدة وحكومات المنطقة التي وعدتهم بالدعم وتخلت عن وعودها، علماً أنّ ما حصلت عليه الجماعات المسلحة من دعم مالي وعسكري لم تحصل عليه أي جماعة مسلحة متمرّدة على وجه الكرة الأرضية، فالجهد العسكري الذي بذل في مواجهة الجيش العربي السوري، من عتاد وتمويل للإرهابيين يحتاج إلى مليارات الدولارات، وفي كثير من الجبهات كان لدى فصائل المسلحين غزارة نارية تفوق الغزارة النارية التي تتوفر للجيش العربي السوري، فمن أين جاء كلّ ذلك إذا لم يكن هناك دعمٌ للمسلحين بمليارات الدولارات.
يبدو أنّ تصريحات زهران علوش ورياض الأسعد، وهما المحسوبان على «المعارضة المعتدلة»، هي بمثابة نعوة لهذه المعارضة، لا سيما بعدما انتهى إليه حال الفرقة 30 التي درّبها الأميركيون ووعدوا بحمايتها عند عودتها إلى الأراضي السورية على أيدي التنظيمات الإرهابية، شقيقة «المعارضة المعتدلة». كما أنها تعكس القلق من تخلي داعميهم عنهم بشكل نهائي في ضوء ما تشهده المنطقة من سعي إلى تطويق أزماتها والبحث عن حلول سياسية لها.